السادات في حواره لــموقع جهود
أثيوبيا سوقت للسد بشكل جيد.. ونحن نعيش حالة من الفوضى الحزبية
الحياة السياسية تحتاج إلى جرعة كبيرة من الإصلاحات
الدولة يجب أن تدعو الأحزاب والمنظمات للحوار
يجب علينا الترفع عن الخلافات، والأنا، والوجاهة الاجتماعية
نحتاج إلى مزيد من الدعم في الجوانب المتعلقة بالحقوق والحريات
ملف الإعلام يحتاج إلى مراجعة وجهد كبير
آن الأوان أن نرى إعلام مختلف ومهني ومفتوح للجميع
محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، والبرلماني السابق، واحد من أبرز الشخصيات السياسية خلال السنوات العشر الأخيرة، له دور بارز في العمل الأهلي وتنمية المجتمع.. يرى أن الحياة الحزبية في مصر تعيش حالة ضعف، ويجب مواجهتها بالتدخل التشريعي والدمج. كما يرى أزمة سد النهضة ستنتهي خلال أيام.. انتقلنا إليه وكان لنا معه هذا الحوار…
بداية: كيف ترى وضع الحياة السياسية في مصر؟
للأسف الحياة السياسية في مصر لم تتماشى مع الجهد والدفعة التي نراها في الاقتصاد، وما يحدث من تطوير في البنية التحتية. فالحياة السياسية تحتاج إلى جرعة كبيرة من الإصلاحات والانفتاح في ممارسة الأحزاب لأنشطتها، وكذلك النقابات ومنظمات المجتمع المدني، وبكل تأكيد نحتاج إلى التفات الدولة إليها في الفترة القادمة.
هل معنى ذلك أن الإصلاحات تبدأ من الدولة؟
الدولة وحدها لا تستطيع إجراء تلك الاصلاحات، وكذلك أيضا المنظمات والأحزاب، ولكن لا بد أن تأخذ الدولة زمام المبادرة، وتتلقفها الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني لطرح الرؤى ووجهات النظر فيها، فالتفاهم بين تلك المؤسسات والدولة المصرية مطلوب من أجل أن تستعيد مصر قوتها وريادتها، وهذا لن يحدث إلا بالتعاون المشترك بين الطرفين.
ولكن إذا بدأ الإصلاح السياسي من الدولة قد يصبح هناك توجيه؟
الإصلاح ليس بمعنى التدخل، إنما المقصود أن تطرح الدولة المناخ المناسب والمهيئ لعمل تلك المؤسسات والمنظمات، من الناحية التشريعية والقانونية، وتشجيعهم على العمل والمشاركة، وأن تدعوهم للاستماع والحوار.
ما السبب وراء تأخر الأحزاب السياسية في أداء دورها؟
الجميع مخطئ في هذا الصدد، الأحزاب والدولة، فلا يمكن تحميل المسؤولية لطرف دون آخر، فلا أستطيع لوم الدولة وأجهزتها وحدهم، فالأحزاب مشتتة وضعيفة. مصر بها 104 حزب، ماذا سننتظر من تلك الفوضى الحزبية؟ يجب علينا الترفع عن الخلافات، والأنا، والوجاهة الاجتماعية، ولابد من مناقشة الأحزاب لفكرة الدمج بشكل حقيقي وفعّال، فما الفائدة من وجود عدد كبير من الأحزاب التي تحمل نفس المفاهيم والأيديولوجيا. الدمج سيحقق القوة والالتحام بالجماهير من خلال الأنشطة والفعاليات بالمحافظات، وتنشيط العضويات.
كيف تنظر إلى المعارضة الخارجية؟
هي تنقسم إلى شرائح مختلفة، من بينها الإسلاميين، وهؤلاء مفهوم ظروفهم بسبب الأحكام القضائية التي طالتهم، وهناك بعض الشباب الباحثين والدارسين الذين يمتلكون آراء وكتابات جيدة لكنهم متخوفين من العودة إلى مصر، فضلا عن الفئة الثالثة المحتارة بين هؤلاء و أولاكم، لكن المعارضة الخارجية بشكل عام تأثيرها على الشأن الداخلي المصري ضعيف، فالعبرة تتمثل في المعارضة الداخلية، فيما تستطيع تقديمه كي تستعيد ثقة الناس في آرائها وأفكارها.
بعد مرور 7 سنوات على الرئيس عبدالفتاح السيسي في حكم مصر.. كيف تقيم هذه الفترة؟
بكل تأكيد هناك نجاحات واخفاقات، ولكن الانطباع العام للناس يسوده نوع من الأمان والاستقرار، لكننا بحاجة إلى مزيد من الدعم في جوانب الحقوق والحريات، والمشاركة الشعبية في كل القرارات والسياسات التي تتعلق بالشأن العام. فالمواطن يحتاج إلى أن نشعر أن هناك احترام لآدميته وكرامته. فالشعب يجب أن يشعر أنَّ الحكومة وأجهزتها تستمع إليهم من خلال المحليات والبرلمان كي تعرف الحكومة آمال ومتطلبات الناس.
ولكن الإعلام دوره أكبر في هذا الصدد؟
بكل تأكيد، ولكننا نأمل أن نرى شكل جديد للإعلام وتغير كامل في مخاطبة الرأي العام وفتح القنوات للرأي والرأي الأخر، كي يشعر المواطن بأن هناك من يعبر عنه. ملف الإعلام يحتاج إلى مراجعة وجهد كبير. أتفهم طبيعة المرحلة الماضية التي عاشها الإعلام بسبب التحديات والمواجهات التي خاضتها الدولة المصرية، ولكن بعد استقرار الأوضاع يجب أن نرى إعلام مختلف ومهني ومفتوح للجميع.
بعد تجربة الإخوان في الحكم وما ترتب عليه هل يمكن القول إن الإسلام السياسي في مصر انتهى؟
تجربة حكم الإسلام السياسي في مصر لم تكن ناجحة، وأثبتت أن مصر لا يمكن أن تحكم وتدار بهذا النسق، ففرص الإسلام السياسي للعودة إلى الحكم صعبة جدا، ولكن من الممكن أن يركزوا جهودهم على النشاط الاجتماعي البعيد عن العنف والمؤامرات والتحريض ليقدموا أنفسهم بشكل مختلف، ويتم قبولهم اجتماعيا، أما على المستوى السياسي فأعتقد أن الأمر صعب.
لكن البعض يرى أن المصالحة قد تكون مطروحة بعد التقارب المصري القطري؟
اطلاقا، فهذا التقارب دوافعه المصالح الإقليمية والدولية، ولا أعتقد أن له شأن بالمصالحة.
سُربَ مقطع فيديو لأمير قطر السابق حمد بن خليفة قال فيه: إن الدول العربية انتبهت بسبب أزمة سد النهضة لأن الأمر يتعلق بمصر، رغم أنها -يقصد مصر- قطعت شريان فلسطين منذ نحو 20 عاما.. كيف ترى هذا الحديث؟
كل من يستطيع تقديم مساعدة في أزمة سد النهضة أهلا به. أما موضوع فلسطين تاريخيا مصر تحملت الكثير من الأموال والشهداء، وأحيانا الحسابات تتغير في الأسلوب والطريقة، ورأينا بأعيننا في الفترة الأخيرة الموقف المصري تجاه ما كانت تعانيه فلسطين، فمصر لم ولن تتأخر عن دعم ومساندة فلسطين. وفي رأيي أن المشكلة الحقيقية تتمثل في المصالحة الفلسطينية الفلسطينية.
هل أصبح التدخل العسكري غير مطروح في أزمة سد النهضة نظرا لما يشكله من ضرر على الجانب السوداني؟
تصريحات الرئيس السيسي، والمسؤولين تؤكد على أن كل الخيارات مفتوحة، فالخيار العسكري ما زال مطروحا، لكنه آخر كارت يمكن استخدامه. رسالة مؤتمر جامعة الدول العربية الذي عقد في قطر، والضغوط الدولية من الولايات المتحدة وأوروبا، كلها جهود تبذل ستصل بالجميع إلى اتفاق دون أن نلجأ إلى المواجهة العسكرية، وأتوقع أن نصل إلى اتفاق مبدئي خلال الأيام القليلة القادمة حول سعت الملء الثاني، ولكن مع تحديد جدول زمني للتفاوض والاتفاق النهائي خلال ثلاثة أشهر على عملية التشغيل والملء الثالث.
انا متفائل أن الجهود التي بذلت في المفاوضات والصبر الذي تحملته مصر والسودان مع الضغوط الشعبية الكبيرة من الداخل والخارج سيأتي ثماره. ويجب التنويه على أننا للمرة نرى ضغط شعبي كبير من المؤيدين والمعارضين في الداخل والخارج، على الرئيس السيسي، من أجل المواجهة العسكرية، ولأن الرئيس رجل عسكري يعلم التكلفة التي ستتحملها مصر والسودان حيال هذا الأمر، فهو يحاول أن يحقق نتيجة دون التدخل العسكري.
كيف ترى التعنت الإثيوبي وهل ورائه دعم خارجي غير ظاهر؟
من الواضح أن الجانب الأثيوبي سوق لسد النهضة بشكل جيد خلال العشر سنوات الماضية، من خلال عواصم العالم وأفريقيا، وبعض اللقاءات شعرت بذلك، لأن معظم الدول الأفريقية متعاطفة معهم، بالإضافة إلى بعض الدول الأوروبية، فقد تم التسويق للسد على أنه مشروع تنموي وأنه يمثل بالنسبة لهم موضوع حياة أو موت، وللأسف نحن قدمنا حسن النوايا على مدى السنوات الماضية، ولكن في العامين الماضيين بدأنا ننتبه ونتحرك بشكل جيد، فمصر في السنة الماضية نجحت في خلق رأي عام داعم لموقفها ما جعله أقوى، وأتوقع أن نرى انفراجة خلال أسبوع أو 10 أيام.