أعدمت السلطات الإيرانية الصحفي الإيراني المعارض روح الله زام بعد أشهر قليلة من الحكم بحبس زميله الصحفي كيفان صميمي، في تحد واضح للانتقادات الأممية والدولية على حبس الصحفيين وقمع الحريات في إيران.
حسب وسائل إعلام إيرانية، فإن القضاء الإيراني أدان زام بإثارة العنف خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة عام 2017 ومعاداة الثورة الإسلامية، وهو ما أيدت المحكمة العليا الإيرانية بسببه الحكم عليه بالإعدام، يوم الثلاثاء الماضي.
عاش زام سنوات عديدة في المنفى، هربا من مطاردته من قبل المخابرات الإيرانية، إلا أن الأجهزة الاستخباراتية في إيران استطاعت بطريقة ماكرة أن تستدرج زام إلى العراق، في عام 2019، ونفذت إيران حكم الإعدام السبت في المعارض روح الله زم بعد استدراجه إلى العراق واختطافه من قبل المخابرات الإيرانية.
في تصريحات صحفية وقت اعتقال زوجها، كشفت مهسا رازاني عن كواليس خطة استخبارات الحرس الثوري لاعتقال زوجها في العاصمة العراقية بغداد في 12 أكتوبر 2019، موضحة أن زوجها غادر فرنسا على متن إحدى طائرات الخطوط الملكية الأردنية من مطار شارل ديجول في فرنسا، ثم العاصمة الأردنية عمان، قبل أن يحط الرحال في بغداد، قبل يوم واحد من اختطافه.
قالت رازاني، خلال مقابلة مع منصة “إيران واير”، التي يديرها صحفيون إيرانيون مناهضون لنظام المرشد علي خامنئي، أنها كانت على تواصل معه وراسلها هاتفيا أثناء توقف الطائرة ترانزيت لعدة ساعات في عمان.
وأشارت إلى أنه ظل على تواصل معها وأرسل لها صورة سيلفي التقطها لنفسه بمطار عمان، بل ظل يتصل بها حتى قرابة 24 ساعة من وصوله إلى بغداد.
وبعد يوم من وصوله إلى العراق، حسب زوجته، انقطعت أخباره بعد أن أبلغها في نبرة وصفتها بغير العادية في مكالمة هاتفية بينهما لم تستغرق أكثر من 60 ثانية أنه لا يزال على ما يرام، قبل أن تصلها أنباء حول اعتقال استخبارات مليشيا الحرس الثوري له بعد استدراجه في عملية وصفها بيان رسمي لطهران بـ”المعقدة والاحترافية”.
وسائل الإعلام الإيرانية كانت لها رواية في اعتقال زام، الذي يدير موقع آمد نيوز، المعروف بتسريب فضائح طالت مسؤولين إيرانيين بارزين، وهي أن حكومة إقليم كردستان العراق تعاونت مع استخبارات الحرس الثوري الإيراني في عملية الاعتقال، وهو ما نفته حكومة أربيل، حيث نقلت إذاعة فردا الناطقة بالفارسية من التشيك، عن جوتيار عادل، الناطق باسم حكومة كردستان العراق، خلال مقابلة هاتفية، أن سلطات أربيل لم تشارك في اعتقال الصحفي المعارض روح الله زام.
عملية اعتقال زام وصفها الحرس الثوري الإيراني، في بيان له، نقله وسائل إعلام حكومية بأنه بمثابة ضربة لأجهزة استخبارات أجنبية، باعتباره أحد أفرع وسائل الإعلام المعادية التي تعمل على شن حرب نفسية ضد طهران.
بعد القبض عليه، وبطريقة الأنظمة الاستبدادية في تلفيق الاتهامات على المعارضين، وإثبات أن ما نشره الصحفي المسكين من موضوعات عكرت صفو النظام جريمة لا تغتفر، بث التلفزيون الإيراني الرسمي مقطع فيديو لما وصفها باعترافات الصحفي المعارض روح الله زام.
ظهر زام، حسب الفيديو المتداول، مبديا ندمه على أنشطته الإعلامية، فضلا عن الثقة بحكومات بلدان أخرى بينهم فرنسا وتركيا، إلى جانب استعداده تقديم اعتذار لما نعتها بمجموعة النظام، حيث تعهد بالعمل على تعويض ما حدث منه خلال السنوات الأربع الماضية، على حد قوله.
اعتبر نشطاء إيرانيون، على مواقع التواصل الاجتماعي، هذه الاعترافات “إجبارية”، لا سيما أن الصحفي المعارض ظهر معصوب العينين في سيارة، إلى جانب التحدث جالسا على كرسي داخل غرفة وفي خلفيته يبدو العلم الإيراني وعلم مليشيا الحرس الثوري.
الفيديو الثاني والأخير، الذي ظهر فيه زام وهو يكتب على السبورة عن علاقاته مع معارضي النظام الإيراني وعلاقته بالولايات المتحدة لكشف طرق الالتفاف على العقوبات، وعنونه الإعلام الإيراني بـ”اعترافات زام” أيضا، كشف عن تعرض الصحفي المعارض لخدعة جديدة، فإذا كانت الخدعة الأولى هي استدراجه إلى العراق للقبض عليه وترحيله إلى إيراني لمحاكمته، فإن الخدعة الثانية كانت، حسب ما كتبه والد زام على حسابه على انستجرام، تلك الوعود التي تلقاها نجله من المحققين أن اعترافاته سيتم تسجيلها فقط لعرضها على رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي نفسه، وأنه ستتم مبادلته مع سجين آخر خارج إيران، قبل أن يفاجأ الشعب الإيراني بعرضها عليه كـ”اعترافات إدانة”.
كشف محمد علي زام، في منشوره، أن المسئول عن قضية نجله في مخابرات الحرس الثوري اتصل به وقال إنه يمكن أن يلتقي روح الله زام، مساء أمس الجمعة، مؤكدا أن نجله قد قال خلال الاجتماع، إن الفيديوهات التي تم نشرها في الأيام الماضية تتعلق باعترافه قبل شهر، واستجوابه من قبل قوة أمن القضاء.
وقال إنه رغم إغلاق القضية وصدور الحكم، إلا أن الحرس الثوري سلّمه للقضاء لمدة شهرين تقريباً، وخلالها تم إجراء استجوابات مطولة من قبل أمن القضاء ثم وزارة المخابرات.
وتابع أن نجله الراحل أخبره أنه ستتم مبادلته ضمن خطة، وشرح له أنه سيطلق سراحه مقابل إطلاق سراح شخص من الجانب الآخر.
وفي يوليو الماضي، وصف والد روح الله زام حكم الإعدام الصادر عن محكمة الثورة بأنه غير قانوني، وأعلن أن ابنه حُرم من أبسط حقوقه أثناء المحاكمة.
وأضاف أن ابنه لم يتمكن من الدفاع عن نفسه أثناء المحاكمة، وأن هذا الحق قد أُلغي “بتوجيه من مسؤول قضائي لصالح التحقيق المتحيز للضباط والمحققين”.
ولد روح الله زم في عائلة من رجال الدين في طهران عام 1978. والده رجل دين إصلاحي في حركة الإصلاح الإيرانية يدعى محمد علي زام، شغل مناصب حكومية رفيعة في الثمانينيات والتسعينيات.
سمى محمد علي زام نجله باسم “روح الله” لأنه كان من أنصار روح الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران، لكن روح الله طلب فيما بعد من صديقه أن يناديه بنعمة.
انقلب روح الله زم على المؤسسة بعد احتجاجات الانتخابات الإيرانية 2009–2010، وسُجن في سجن إيفين لبعض الوقت. هرب زم في النهاية من إيران للإقامة في فرنسا.