على الرغم من أن نحو 35 مليون مصري مصنفون ضمن الفئات ذات الأولوية للحصول على اللقاح المضاد لفيروس كورونا، فإن حوالي 400 ألف مواطن فقط سجّلوا طلبهم للحصول على التطعيم خلال الثمانية أيام الأولى من إطلاق الموقع الإلكتروني الذي أعدته وزارة الصحة المصرية، لتسجيل المواطنين الراغبين في التطعيم، بحسب تصريحات لوزيرة الصحة هالة زايد، ما يعني أقل من اثنين في المئة من العدد المستهدف ،العزوف عن تلقي اللقاح بدأ من الأطقم الطبية، التي أُطلقت حملة تطعيمها في نهاية يناير الماضي
خوف المواطنة دولت حسن، (70 عاماً)، دفعها إلى عدم التسجيل على الموقع الإلكتروني رغم معاناتها من ارتفاع ضغط الدم وعدد آخر من الأمراض المزمنة، ما يصنفها ضمن الفئات ذات الأولوية في تلقي اللقاح، لكن أنباء معاناة متلقي العقار في دول العالم من آثار جانبية، جعلتها تطلب من نجلها الامتناع عن التسجيل، مفضلة الاستمرار في العزلة التي فرضتها على نفسها منذ ظهور الوباء.
أمّا يارا محمد، (29 عاماً)، ففسّرت عدم نيتها تلقي اللقاح حال فتح باب التسجيل للفئات العمرية الأصغر سناً، بعدم ثقتها في فعّالية دواء “سينوفارم” الصيني الذي اعتمدته مصر، محبذة الانتظار على أمل التعاقد مع دواء “فايزر” الأميركي، الذي قرأت في وسائل الإعلام الدولية أنه “أكثر فعالية من غيره”. كانت وزارة الصحة المصرية قد أطلقت الموقع الإلكتروني لتسجيل طلبات الحصول على اللقاحات، في الـ 27 من فبراير الماضي، وتصدّرت الصفحة الرئيسة للموقع معلومات عن كيفية عمل العقاقير، وكذلك عن اللقاح الصيني، وأن نسبة فعاليته وصلت إلى 86 في المئة، بعد اختباره على 45 ألف مشارك في أربع دول.
وبدأت حملة تطعيم المستحقين ممن سجلوا أسماءهم الخميس الماضي، وطُعّم 2200 شخص من أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن في الأيام الثلاثة الأولى، بحسب تصريحات جلال الشيشيني، معاون وزيرة الصحة والسكان للصحة العامة والسياسات الصحية أرجع عزوف المواطنين إلى الخوف من كل جديد، ومقاومته من جانب البعض، ووصفه بـ”الأمر الطبيعي”. وتوقع تزايد الإقبال على اللقاح في الفترة المقبلة بعد حصول البعض عليه، ما يخلق حالة من الأمان.
إطلاق حملة لتوعية المواطنين بأهمية اللقاح هو الحل الذي يطالب به عصام المغازي، طبيب الأمراض الصدرية. مؤكداً، أن كثيراً من دول العالم “شهدت عزوفاً من المواطنين في بداية حملات التطعيم”، خوفاً من عدم أمان وفعالية اللقاح، لكن الدراسات العلمية والتجارب أثبتت نسباً مرتفعة سواء لفعالية أو أمان اللقاحات بأنواعها المختلفة.
يرى المغازي امتناع بعض الأطباء عن تلقي اللقاح “غريباً”، لأنهم “مطلعون على النتائج العلمية”. لكنه توقع أن تزداد أعداد المتلقين للقاح مع مرور الوقت. ودعا إلى تقديم حوافز إيجابية تشجّع المواطن على التقدم للتلقيح، رافضاً إقرار إجبارية التطعيم.
ويبدو أن الحكومة المصرية بدأت تقديم بعض الحوافز الإيجابية، لتشجيع المواطنين على تلقي اللقاح، حيث أعلنت وزيرة الصحة خلال لقاء جمعها برئيس الحكومة أنه بداية من الأسبوع المقبل سيجري إصدار شهادة باللغتين العربية والإنجليزية لمن حصلوا على التطعيم، موضحة أن تلك الشهادات سيتاح طباعتها من الموقع الإلكتروني.
وخصصت وزارة الصحة المصرية 40 مركزاً في الجمهورية لتلقي اللقاحات، وتمر عملية الحصول على العقار بمراحل عدة، تبدأ من التسجيل على الموقع الإلكتروني، وبعد التواصل مع مستحق اللقاح يُحدد موعد لتلقيه، وتوجيهه إلى أقرب مركز تطعيم، وهناك تراجع البيانات والتقارير الطبية الخاصة بذوي الأمراض المزمنة، ثم يجري شرح بنود “الموافقة المستنيرة” التي يوقعها المواطن قبل التلقيح.
وأوضحت الوزارة، في بيان سابق، تخصيص عيادات بمراكز التطعيمات لمتابعة الحالة الصحية المواطنين بعد تلقي اللقاحات في حالة ظهور أعراض جانبية، ويعد الخوف من اللقاحات ظاهرة عالمية، كشفت عنها إحصائية أعدتها مؤسسة إبسوس للأبحاث، جاء فيها ارتفاع نسبة العزوف عن تلقي العقاقير في عدة دول منها اليابان 66 في المئة، و51 في المئة بالبرازيل. ورصد التقرير أسباب العزوف بأنها تتراوح بين رفض اللقاحات من دون مبرر، والتشكيك في فعاليتها، وتخوف البعض من سرعة التجارب السريرية والقلق من الأعراض الجانبية.
وحاولت وزارة الصحة المصرية، في بيان سابق، طمأنة المواطنين تجاه لقاح “سينوفارم”، حيث أكدت أنه مر بأربع مراحل للتأكد من أمانه، وهي مرحلة ما قبل التجارب السريرية التي تجري فيها الاختبارات على الحيوانات، ثم المرحلة الأولى وفيها كانت التجارب على عدد من الأصحاء لاختبار الأمان وقياس الفاعلية، والثانية على عدد أكبر من المتطوعين، وفي الأخيرة أجريت الاختبارات على مواطنين من دول مختلفة، كانت مصر واحدة منها.
ووفق تصريحات لعلاء عيد، رئيس قطاع الطب الوقائي في وزارة الصحة المصرية، فإن مصر تعاقدت على مئة مليون جرعة من اللقاحات، تسلمت القاهرة منها نحو 500 ألف جرعة حتى الآن، ومن المرتقب وصول 8.6 مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا البريطاني، ضمن شحنات التحالف الدولي للقاحات “جافي”.