من دون سابق إنذار، أتخذت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، قراراً بتقليص قسائم (كوبونات) برنامج الطوارئ عن لاجئي قطاع غزة، على أن يشمل الإجراء الجديد توحيد السلة الغذائية لجميع المستفيدين، إلى جانب تقليص عدد المنتفعين منها، من خلال وقف صرفها عن الأشخاص الذين لديهم دخل، وإسقاط المسافرين والموتى من قوائم المنتفعين.، ووفقاً لبيانات “الأونروا” يستفيد من السلة الغذائية أكثر من مليون لاجئ من أصل مليون و300 ألف في غزة، إذ تقدم لهم “كوبونات صفراء” (بقيمة 20 دولاراً أميركياً لكل فرد) مخصصة للاجئين المصنفين تحت خط الفقر المدقع وإلى العائلات التي لا يعمل فيها أي معيل، وأخرى بيضاء (بقيمة 15 دولاراً للفرد) تمنح لمن هم تحت خط الفقر، وإلى ذوي الدخل المتدني والعاملين الذين يتلقون رواتب أقل من الحد الأدنى للأجور (300 دولار). ويقدر رئيس اللجنة المشتركة للاجئين الفلسطينيين محمود خلف أن “أكثر من 500 ألف لاجئ سيحرمون من الكوبونات (نصف المستفيدين)، ما يجعلهم غير آمنين غذائياً بشكل كامل، إلى جانب أن بقية المستفيدين ستنخفض كمية المواد الغذائية لديهم، التي يعتمدون عليها بشكل أساسي ما يزيدهم فقراً”.
وحسب التقديرات يعاني 73 %من أسر قطاع غزة من انعدام الأمن الغذائي، وفق بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، وأكثر من 56 في المئة، منهم يعيشون تحت خط الفقر (التحصيل اليومي أقل من خمسة دولارات)، بحسب جهاز الإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية).
ويشمل قرار “أونروا” قطاع غزة فقط من دون باقي مناطق عملها الخمسة، ويوضح خلف أن “هناك دوافع سياسية وراء الإجراء، ولا بد من إيقافه”. لكن مدير عمليات “أونروا” في غزة، ماتيس شمالي ينفي ذلك، ويرجع السبب في ذلك إلى الأزمة المالية التي تعيشها الوكالة الأممية مع وقف التمويل عنها.
هذا الإجراء، أثار غضب اللاجئين واللجان الشعبية المهتمة بقضاياهم، إذ اعتبروه محاربة لهم في قوت يومهم، ما يزيد الجوع لجميع سكان غزة، إذ من شأنه تقليل كمية المواد الغذائية الأساسية في القسائم (الكوبونات) التي يتلقونها. وشملت التقليصات كميات الدقيق والأرز والسكر، وإلغاء أنواع أخرى مصنفة على أنها أساسية. وفي خطوة احتجاجية على القرار خرجت تظاهرات غاضبة، حيث أغلقت مقار “أونروا” لإجبارها على التراجع.
كما بدأ اللاجئون بإغلاق مراكز توزيع المعونات الغذائية، كرسالة احتجاج على سياسة “أونروا”، وإغلاق كل مكاتب رؤساء مناطق الوكالة لـ”يوم واحد”، وتعطيل عمل كافة مراكز الخدمات ومكاتب تحديث بيانات اللاجئين التي سيجري في ضوء عملها شطب السلة الغذائية عنهم. وشارك اللاجئون في مسيرات أمام بوابة المقر الرئيس لــ”أونروا”، ووجهوا رسائل إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض العام لـ”أونروا”، ومدير عمليات الوكالة في قطاع غزة، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، لشرح معاناة اللاجئين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تتطلب درجة أعلى من الدعم والإسناد.
وأكد خلف أن “تعطيل عمل أونروا في غزة هو رسالة غضب من اللاجئين، وصرخة للمجتمع الدولي للتدخل”، مشيراً إلى أنه “من الصعب الرضوخ لقرارات الوكالة الأممية لمجرد أنها تعيش أزمة مالية، بخاصة وأن كل اللاجئين يصارعون الفقر، لذلك على الهيئات الدولية إنقاذ الوضع الكارثي الذي يمر به سكان القطاع”.
وأشار خلف إلى أن “اللجنة المشتركة للاجئين الفلسطينيين” تواصلت مع إدارة الأونروا في قطاع غزة، “وعرضت عليهم حلولاً وبدائل عدة لكنهم أصروا على تنفيذ توزيع السلة الغذائية الموحدة، وتجاهلوا النقاشات”، لافتاً إلى أن “ذلك يندرج ضمن سياسة التعنت والتقليص المستمر للخدمات، وهذا ترك علامة استفهام في ظل متابعة الوكالة الدولية لتفاقم الفقر بين اللاجئين”.
هذا التبرير اعتبرته دائرة اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية “سطواً على حقوق الفقراء من اللاجئين، ومخالفاً لما وجدت من أجله أونروا من إغاثة وتشغيل لهم”. وقال رئيس اللجنة المشتركة للاجئين محمود خلف إنهم قرروا “تنفيذ سلسلة فعاليات احتجاجية على قرار توحيد وتقليص المعونات الغذائية، تطبيقاً للقرار الأممي 194 الذي يؤكد ضرورة تشغيل وإغاثة اللاجئين”. لكن المتحدث الإعلامي لـ”أونروا” نفى ذلك قائلاً “نحن نرى فيه (التقليص) نظاماً أكثر عدالة، لأنه سيشمل عشرات الآلاف ممن لم يتلقوا أي مساعدات منذ سنوات، وذلك من خلال شطب غير المستحقين وإضافة بديل عنهم”.