المحامي يوسف موسى يوسف فرج درويش الشهير بيوسف درويش، من مواليد القاهرة في 2 أكتوبر 1910، قسم الوايلي بالعباسية حارة أبو خوذة بمحطة الجنزوري والمتفرع من شارع العباسية بعمارة كان يمتلكها أحد أميرالات الجيش.
يطلق عليه تلامذته رجل المهام الصعبة، العازف عن الأضواء، رجل البناء الطويل النفس، يقول إلهامي الميرغني الباحث الاقتصادي اليساري أحد تلامذة درويش، ولد يوسف درويش لأسرة يهودية، وكان والده يعمل في صناعة الذهب والمجوهرات، وأراد له وراثة مهنة العائلة لكن يوسف فضل دراسة الحقوق، انحيازاً للدفاع عن الفقراء الذين لم يكن منهم، ولكنه عشقهم.
حيث كان درويش تلميذا بالمدرسة الابتدائية الإعدادية بالعباسية، ثم التحق بمدرسة الفرير بالظاهر وقضى الدراسة الثانوية بمدرسة الفرير بالخرنقش حتى عام 1929، وانتقل بعد ذلك إلى الكلية الفرنسية بالظاهر حيث حصل عام 1930 على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) قسم أدبي.
ثم سافر درويش إلى فرنسا لدراسة التجارة ولكنه كان ينوي دراسة القانون، والتحق بمدرسة التجارة العليا بتولوز في أكتوبر 1930 وحصل على دبلوم التجارة العليا من هذه المدرسة عام 1932، وكان قد التحق في ذات الوقت بكلية الحقوق في تلك المدينة ونجح في السنة الأولى فيها.
ثم انتقل بعد ذلك إلى “اكس أين بروفانس” في جنوب فرنسا والتحق بكلية الحقوق بها حيث حصل على ليسانس الحقوق عام 1934، كما التحق في ذات الوقت بمدرسة الدراسات التجارية العليا عام 1933 وقدم آنذاك رسالة عن “القطن في مصر” للحصول على تلك الشهادة.
عاد يوسف درويش إلى مصر في أكتوبر 1934، وعمل بعد بضعة شهور محاميا أمام المحاكم المختلطة التي كانت مزدهرة وقتئذ ودرس القانون المصري وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية عام 1944.
عمل درويش محاميا أمام المحاكم المختلطة من أوائل 1935 حتى نهاية هذه المحاكم عام 1949، كما عمل محاميا أمام المحاكم الأهلية ابتداء من عام 1944.
تخصص درويش في قضايا العمل وفي النشاط النقابي العمالي وقد بدأ ذلك عام 1941- 1942، وأصبح محاميا لأكثر من 60 نقابة (وكان عدد النقابات وقتئذ 167 نقابة) في القاهرة وضواحيها أساسا وفي الإسماعيلية وبورسعيد.
كان يوسف درويش الملاذ الآمن للعمال وقيادتهم حتى وفاته، ولم يتوقف عطاؤه عند حد دعم العمال ومساعدتهم في تكوين تنظيماتهم النقابية، بل كان له دور واضح في مواجهة الاحتلال الإنجليزي لمصر، وكان أحد أبرز مناهضي الصهيونية في مصر، ووقف ضد الرئيس أنور السادات عندما أبرم اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل.
وفي الفترة من 1967 حتى 1973، تولى يوسف درويش منصب سكرتير الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، وسافر بعد ذلك إلى كل من رومانيا وبلغاريا وفرنسا وبلجيكا وايطاليا والاتحاد السوفييتي، وكانت النقطة الأساسية في جدول أعماله هو الدفاع عن القضية الفلسطينية.
وفي عام 1973، بعد الإفراج عنه من معتقل القلعة بعد أن قضى هناك ثلاث سنوات، سافر إلى الجزائر للعمل في شركة بترول وشغل فيها منصب مستشار قانوني ومترجم في الشؤون البترولية والقوانين من اللغتين الفرنسية والعربية، وظل في الجزائر حتى عام 1980.
وعن نشاطه السياسي والاجتماعي، كان يوسف درويش قبل سفره إلى فرنسا عام 1930 يهتم كثيرا بالقضايا السياسية، وكان وفدياً مثله مثل الكثير من المصريين آنذاك.
وفي فرنسا اهتم كثيرا بالسياسة حيث شارك في تولوز في المظاهرات الصاخبة ضد النازية، كما كان تعلق يوسف درويش بمصر والعروبة كبيرا فكوّن مع كل من حامد سلطان وتوفيق عبد الواحد ومحمد شفيق وبهاء الدين كامل جمعية في تولوز عام 1931 تحت اسم “جمعية الطلبة العرب” والتي كانت تعمل من أجل الاستقلال ومحاربة الاحتلال.
عاد يوسف درويش إلى مصر عام 1934، وفي عام 1946، أصدر منشور باسم الطليعة الشعبية للتحرر، والذي عرف أيضا باسم “طليعة العمال”، ثم تغير اسمه إلى الديمقراطية الشعبية عام 1948 وأخيرا اسم حزب العمال والفلاحين الشيوعي المصري في مؤتمر عام 1957، وقد دخل في الحزب الشيوعي في نفس العام.
وبعد خروجه من المعتقل عام 1964 رفض مبدأ عمل الحزب الشيوعي، وفي عام 1966 انضم إلى منظمة الشروق التي كان قد أسسها ميشيل كامل، واستمر في هذا التنظيم حتى تكوّن الحزب الشيوعي المصري عام 1977، والذي انضم إليه الشروق، ومن هنا أصبح عضوا بالحزب الشيوعي المصري.
واستمر هذا الوضع حتى عام 1986، عندما أعلن يوسف درويش مع غيره الخروج من الحزب الشيوعي المصري وقاموا بتنظيم “حزب الشعب الاشتراكي”.
توفي يوسف درويش في 7 يونيو عام 2006، عن عمر يناهز 96 عاما، بعد حياة حافلة بالعمل الوطني والعمالي.