تنعم المنطقة العربية بتنوع هائل وبإمكانات ضخمة. لكنها تواجه أيضا صعوبات مختلفة بما فيها صدمات اقتصادية وصراعات طويلة الأمد. وجاءت جائحة كوفيد-19 لتكشف عن مكامن تلك التصدعات وتفاقمَها.
الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، وفي موجز سياسات جديد تطرق إلى الوضع في المنطقة العربية في ظل كوفيد-19، وطرح أربع أولويات ينبغي معالجتها من أجل “إعادة البناء على نحو أفضل”.
النساء والمهاجرون من الفئات الأكثر تأثرا بالجائحة
وتزخر المنطقة بالتوترات وأوجه عدم المساواة. مما سيضاعف من عواقب التطورات المأساوية على الاستقرار السياسي والاجتماعي.ويتوقع أن يسجل اقتصاد المنطقة العربية الذي يرزح تحت انخفاض أسعار النفط انكماشاً يفوق 5 % في عام 2020، وقد ينتهي الأمر بربع سكان المنطقة العربية إلى حالة من فقر، مما يزعزع الاستقرار في منطقة تعاني الكثير من مكامن الضعف وانعدام المساواة.
وبحسب الأمين العام “قد تصيب الأضرار فئات أكثر من أخرى- ولا سيما النساء، والمهاجرين – الذين يمثلون 40 في المائة من القوة العاملة”.
ويعتمد 55 مليون شخص أصلا على المساعدات الإنسانية للبقاء. ومن هؤلاء 26 مليوناً من اللاجئين والنازحين داخلياً يعيشون في مخيّمات في ظروف عصيبة، في بلدان مضيفة مثقلة بالتحديات، ما يعرضهم لمزيد من المخاطر.
افتقار الاقتصادات العربية إلى التنويع
ووفقا للأمين العام “يعاني اقتصاد المنطقة من صدمات متعددة – من الفيروس، وكذلك من الانخفاض الحاد في أسعار النفط والتحويلات المالية والسياحة”.
إذ يحرم ضعف المؤسسات العامة المنطقة من تحقيق كامل طاقاتها. وتعوق المؤسسات الضعيفة أيضاً قدرة بلدان عديدة على التخطيط لمواجهة الأزمات الكبرى والتخفيف من آثارها.
وكشفت أزمة الجائحة عن افتقار الاقتصادات العربية إلى التنويع، ما يحول دون نموها وازدهارها. فالبلدان المنتجة للنفط شديدة الاعتماد على أسعار السوق والطلب، وبلدان الدخل المتوسط تجني معظم إيراداتها من التحويلات المالية والسياحة.
وقد أثرت الجائحة سلباً على كلٍّ من النفط والتحويلات والسياحة. وأما أقل البلدان نمواً وتلك المثقلة بالديون في المنطقة، فكانت ولا تزال تعاني من قيود شديدة في التصدّي للأزمة، وسوف تستمر هذه القيود في إعاقة جهودها لتحمّل الآثار في الأمد الطويل.
ثغرات في نظم الحماية الاجتماعية
“وفي منطقة تحفل بالتوترات وأوجه عدم المساواة، ستكون للتطورات المأساوية عواقب عميقة على الاستقرار السياسي والاجتماعي”، بحسب السيد غوتيريش الذي أشار إلى ثغرات وتحديات في عمليات إصلاح نظم الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية، كشفت عنها الجائحة.
الأمر الذي يحول دون تلبية جميع الاحتياجات، ولا سيما للنساء والشباب وذوي الإعاقة وكبار السن، وفئات أخرى معرّضة للمخاطر.
وبشكل مختصر، فقد فاقمت الجائحة مكامن الضعف التي تشمل حالات الصراع، وضعف المؤسسات العامة، وافتقار الاقتصادات إلى التنوع، والتغطية غير الكافية لنظم الحماية الاجتماعية، وارتفاع مستويات البطالة وعدم المساواة.
ربع سكان المنطقة سيرزحون تحت نير الفقر
وأدت الجائحة إلى خسارة حوالي 17 مليون فرصة عمل يضاف الباحثون عنها إلى 14.3 مليون شخص في حال بطالة في المنطقة قبل الأزمة.
“ومع دفع ملايين من الناس إلى أدنى درجات السلم الاقتصادي، قد يُدفع بربع سكان المنطقة إلى الفقر”، كما استنتج الأمين العام في موجز السياسات الخاص بالمنطقة العربية الذي أوضح أن أشد التداعيات تقع على العاملين في القطاع غير النظامي، والعاملين من المهاجرين واللاجئين والنازحين داخلياً، فقد كان هؤلاء ولا يزالون عرضة لأشد المخاطر.
وقد أعادت أزمة الجائحة التأكيد على ضرورة استفادة بلدان المنطقة على نحو أفضل من التكنولوجيات الرقمية والابتكار، بما في ذلك التعلم عن بعد، والابتكار التجاري، وكذلك تحسين إدارة القطاع العام.
أربع أولويات للسير قدما
“ولكن جائحة كـوفيد-19 يمكن أن تكون أيضاً فرصة لحل نزاعات طال أمدها ومعالجة نقاط الضعف الهيكلية” بحسب ما أكد أنطونيو غوتيريش، مسلطا الضوء على أربعة مجالات يجب أخذها في الحسبان من أجل السير قدما في عملية التعافي والبناء على نحو أفضل:
- أولاً، اتخاذ تدابير فورية لإبطاء انتشار المرض وإنهاء النزاع، وتلبية الاحتياجات العاجلة لأكثر الفئات ضعفا.
- ثانياً، تكثيف الجهود لمعالجة أوجه عدم المساواة عن طريق الاستثمار في توفير الصحة والتعليم للجميع؛ والحدود الدنيا للحماية الاجتماعية؛ والتكنولوجيا.
- ثالثاً، تعزيز الانتعاش الاقتصادي من خلال إعادة هندسة النموذج الاقتصادي للمنطقة بحيث يكون نموذجا لصالح اقتصادات خضراء أكثر تنوعا.
- رابعاً، إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان، وضمان وجود مجتمع مدني نابض بالحياة ووسائل إعلام حرة، وإنشاء مؤسسات أكثر مساءلة من شأنها أن تزيد من ثقة المواطنين وتعزز العقد الاجتماعي.
وختم الأمين العام موجز السياسات مؤكدا قدرة المنطقة العربية على بلوغ هذا الهدف من خلال “تثمير الإمكانات الرائعة لشعوبها والاستفادة من ثقافة التكافل وحس الإبداع”.
وقال: “معا يمكننا تحويل الأزمة إلى فرصة. مما سيعود بالنفع على المنطقة، والعالم بأسره”.
نقلاً عن: أخبار الأمم المتحدة