بدأ هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال، عهده في الوزارة بتصفية إحدى أهم الشركات العتيقة التي بلغ عمرها 62 في إنتاج الأسمنت، وهي شركة القومية للأسمنت، التابعة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، بزعم خسارة الشركة ملايين الجنيهات.
تولى توفيق منصبه كوزير لقطاع الأعمال في 14 يونيو 2018، وفي أول سبتمبر من نفس العام، أي بعد شهرين فقط من توليه المنصب، شرع في تصفية القومية للأسمنت، وكأن أوراق اعتماده كوزير لقطاع الأعمال كانت تتمثل في شجاعته وقدرته على تصفية الشركات ذات التاريخ العريق، أو ترجمة أفكار رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي والتي تتمثل في الخلاص من الشركات الخاسرة باعتبار أن الخصخصة قرار صائب إلى واقع ملموس بسرعة البرق.
لعل هشام توفيق كان يريد أن يتشبه بالفريق كامل الوزير كنموذج حاول الرئيس عبدالفتاح السيسي إجبار باقي الوزراء على الاحتذاء به، عندما كان يكلفه، منذ أن كان رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وحتى بعد أن أصبح وزيرا للنقل والمواصلات، بإنجاز مشروع معين في أقل من الوقت المحدد له، ، مناديا إياه بـ”يا كامل”!
كان الوزير يصدر قراره بتصفية الشركة العتيقة، في نفس الوقت الذي يشارك في افتتاح مصنعا آخر للأسمنت مملوكا لشركة العريش، وهي إحدى الشركات التابعة لـ”جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة”، التابع لوزارة الدفاع، وهو ما يعد تناقضا شديدا يوضح هشاشة مزاعم الوزير بأن سبب الإغلاق هو المديونيات والخسائر التي مُنيت بها “القومية للأسمنت”، فإذا كان الهدف من التصفية هو وقف نزيف الخسائر فإنه كان بإمكانه وضع مزيد من الإمكانيات لدى الشركة بحيث تستمر قلعة الأسمنت العتيقة في الإنتاج دون توقف وتعويض تلك الخسائر، بدلا من محاولة إنشاء مصنعا آخر، أو على أقل الإبقاء على هذا الصرح الكبير بجوار مصنع شركة العريش الجديد في مجال صناعة وإنتاج الأسمنت.
ومؤخرا، وبعد أكثر من سنتين بشهور قليلة، تسبب الوزير هشام توفيق في اندلاع احتجاجات بين العاملين في الشركات التابعة لوزارته قطاع الأعمال، بسبب التعديلات التي قررها على قانون هيئات القطاع العام وشركاته 203 لسنة 1991، فقد شهدت شركات التأمين والأصول العقارية والسياحة اعتصامات ضد تعديلات الوزير.
وجاءت تعديلات الوزير في نفس الاتجاه الذي بدأه مع “القومية للأسمنت”، حيث ألزم الشركات المالكة لخطوط نقل العاملين بتصفية أسطول النقل خلال عامين، إضافة إلى وجود 38 مادة في لائحة الجزاءات تبيح للعضو المنتدب الفصل بكل سهولة، ومنح مجلس الإدارة في المادة 85 الحقَّ في تسريح العاملين للضرورة الاقتصادية دون تحديدها، إلى جانب المادة 77 التي تمنح العامل إجازة بدون أجر لمدة 6 شهور عند استنفاذ الإجازات المرضية، بجانب عدم تحديد مصيره عقب تلك المدة.
الاحتجاجات، التي طالبت بإقالة الوزير، كشفت عن تاريخ الوزير الذي يخلو تماما عن أدنى علاقة بقطاع الأعمال، حيث كان من بين أسباب الاحتجاجات توحيد لائحة قانون 203 دون النظر إلى ظروف كل شركة على حدة، كما كشفت عن انحيازه لقيادات الشركات على حساب باقي العاملين فيها، إذ تسعى تعديلاته إلى توزيع 4% من أرباح الشركة على الوظائف القيادية المحدودة عددهم، وتوزيع 8% فقط من الأرباح على إجمالي العاملين بالشركة، الذين يبلغ عددهم بالآلاف، مع تخفيض أجورهم وحوافزهم بنسبة تصل إلي 60%!
حاول الوزير هشام توفيق تمرير تعديلاته دون الاهتمام برأي وتعليقات العاملين والنقابات مطلقاً، حتى أنه أكد صراحة، في تصريحات صحفية، أنه لن يجري مفاوضات مع النقابات وأن رأيهم سيكون استشاريا فقط، لكن الاحتجاجات التي ضربت أكثر من موقع عمل تابع للشركات التابعة لقطاع الاعمال، أجبرته على الاستماع لرؤساء النقابات العامة للعاملين في الشركات التابعة لقطاع الأعمال، في اجتماع بالوزارة، وطلب رأي كل لجنة نقابية بهذه الشركات.