بعد أيام من انتخاب الرئيس الأمريكي جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، واعتبار كثير من المحللين السياسيين، منهم محسوبين على السلطة في مصر، أن اختيار الديمقراطي بايدن، خلفا للجمهوري ترامب، قد يُغير حسابات السلطات المصرية في ملف الحريات، فوجيء العالم بهجمة أمنية على المنظمات الحقوقية في مصر.
أسفرت الحملة الأمنية عن اعتقال 3 من قيادات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، على خلفية لقائها بعدد من سفراء دول أوروبية، هم جاسر عبد الرازق، المدير التنفيذي للمبادرة، وكريم عنارة، مدير وحدة العدالة الجنائية، ومحمد بشير، المدير الإداري للمنظمة، وقررت نيابة أمن الدولة حبسهم 15 يوما بتهم الانضمام لجماعة إرهابية وإذاعة بيانات كاذبة، وأضافت إلى الاتهامات الموجهة للأخير تهمة تمويل الإرهاب.
أفادت المبادرة، في بيان لها أن أعضاءها سئلوا خلال التحقيق عن زيارة عدد من السفراء المعتمدين في مصر إلى مقرها بالقاهرة في وقت سابق هذا الشهر، لعقد لقاء ناقش سبل دعم أوضاع حقوق الإنسان في مصر.
طالب كيل براون، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، في تغريدة له على تويتر، الحكومة المصرية بإطلاق سراح الحقوقيين الثلاثة، واحترام الحريات الأساسية للتعبير وتكوين الجمعيات، معربا عن قلقه البالغ إزاء اعتقالهم وحبس الناشط القِبطي رامي كامل.
وهو نفس ما ورد في تغريدة رئيس لجنة الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي جيم ريش على تويتر، حيث قال إن تقارير عن قيام قوات الأمن المصرية باعتقال 3 موظفين بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية مثيرة للقلق، ودعا إلى إطلاق سراحهم على الفور.
وأبدى أنتوني بلينكن، مستشار الرئيس الأمريكي المنتخب للسياسة الخارجية قلقه بشأن اعتقال أعضاء المبادرة، ونشر تعليق لمكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان بالخارجية الأميركية جاء فيه “الاجتماع مع الدبلوماسيين الأجانب ليس جريمة”.
وأبدى الاتحاد الأوروبي قلقه البالغ إزاء اعتقال 3 من قيادات المنظمة ، قائلا: ” تم اعتقال مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في القاهرة وكبار قادتها خلال الأيام القليلة الماضية”، مضيفا” هذه التطورات تشكل مصدر قلق كبير نقله الاتحاد الأوروبي إلى السلطات المصرية”.
وأكد أن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تقدم خدمة مهمة لا تقدر بثمن للشعب المصري من خلال تعزيز الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية، مع التركيز على الحقوق والحريات الشخصية”، معتبرا المبادرة المصرية للحقوق الشخصية محاورا يحظى باحترام كبير وقد ركز بشكل خاص على أهمية العمل بشفافية كاملة.
وقال إن توفير مساحة للمجتمع المدني هو التزام مشترك يندرج ضمن أولويات الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، وهو منصوص عليه في الدستور المصري، معلنا أن احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية يشكل عنصراً أساسياً في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر.
وطالبت وزارة الخارجية الكندية بالسماح للمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر بالعمل بلا خوف أو اعتقال أو انتقام، وحثت سلطات القاهرة على التمسك بالحريات الأساسية في التعبير والمعتقد وحقوق الإنسان.
وندد بيربل كوفلر، مفوض حقوق الإنسان الألماني، بالتصعيد ضد المجتمع المدني المصري، وطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلين، ووقف القمع وتمكين جميع المواطنين من ممارسة حقوقهم.
وأفادت وكالة “أدنكرونوس” (Adnkronos) الإيطالية للأنباء أن السفير الإيطالي لدى القاهرة وسفراء آخرين بعثوا رسالة إلى وزير الخارجية المصري سامح شكري تطالب بالإفراج عن أعضاء المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
ووصفت منظمة العفو الدولية حملة الحكومة المصرية على المبادرة بـ”الانتقامية الشرسة”، مطالبة بإنهائها والإفراج الفوري وغير المشروط عن أعضائها المعتقلين.
وعبرت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في مؤتمر صحفي بجنيف، عن غضبها من اعتقال قيادات المباردة قائلة: “إن استهداف السلطات المصرية للمدافعين عن حقوق الإنسان، والقيود الإضافية المفروضة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي المفروضة في البلاد، لها تأثير عميق مخيف على المجتمع المدني المصري الذي تم إضعافه بالفعل.
وفي رده على بيان بيان الخارجية الفرنسية، الذي رفض اعتقال قيادات المبادرة، أكد أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، رفض مصر ما تضمنه البيان الفرنسي، معتبرا ما جاء بالبيان تدخلا في شأن داخلي مصري ومحاولة التأثير على التحقيقات، التي تجريها النيابة العامة مع مواطن مصري.
وأعرب المتحدث باسم الخارجية المصرية عن أسفه لعدم احترام بيان الخارجية الفرنسية للقوانين المصرية ودفاعه عن كيان يعمل بشكل غير شرعي في مجال العمل الأهلي، في ضوء أن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مسجلة كشركة وتمارس أنشطة أخرى بالمخالفة لما يقضي به القانون 149 لعام 2019 من خضوع نشاطها لولايته.