أثار قرار الحكم بحبس الناشطة السعودية لجين الهذلول بتهمة “تنفيذ أجندة خارجية والتحريض على قلب نظام الحكم” ردود فعل دولية، ومن منظمات حقوقية، واستهجانا على مواقع التواصل الاجتماعي.
ودعت وزارة الخارجية الفرنسية إلى “الإفراج السريع” عن الناشطة السعودية في مجال حقوق الإنسان لجين الهذلول، قال نائب المتحدث باِسم الخارجية: “كما قلنا علنا في مناسبات عديدة، نريد الإفراج السريع عن السيدة لجين الهذلول”، وأضاف أن “فرنسا تُذَكر بتحركها المستمر من أجل حقوق الإنسان والمساواة بين المرأة والرجل”.
من جهة أخرى تناقلت بعض وسائل الإعلام تغريده للأمير السعودي، عبد الرحمن بن مساعد بن عبد العزيز، قالت إنها أتت عقب التصريحات الفرنسية، وورد في التغريدية: “أطالب فرنسا بالإفراج السريع عمّن حكم عليهم بـ3 سنوات سجن من السترات الصفر”، حسب قوله.
قرار الحكم بحق الهذلول أيضا أثار حفيظة الولايات المتحدة إذ انتقد مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن، جايك سوليفان، الحكم الصادر بحق الناشطة السعودية، واصفا إياه بـ “حكم غير عادل ومقلق”.
الأمم المتحدة بدورها استنكرت القرار، وأعرب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن قلقه من قرار السلطات القضائية السعودية، داعيا المملكة إلى الإفراج المبكر عنها في أسرع وقت.
يذكر أن لجين تركت دراستها الجامعية في كندا وعادت إلى السعودية للانضمام إلى الحملة المطالبة برفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة عام 2018
ولجين من أبناء منطقة القصيم وهي واحدة من أكثر المناطق محافظة من الناحية الاجتماعية لكنها تنتمي إلى أسرة متحررة اجتماعيا وقد أمضت سنوات عديدة من طفولتها في فرنسا. ووالدها ضابط في البحرية الملكية السعودية ووقف إلى جانبها في حملتها للمطالبة بحق المرأة في قيادة السيارة وقام بتصويرها عندما قادت السيارة لأول مرة.بدأت لجين بالعمل ضد الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة عام 2012 عبر تطبيق كيك الذي يسمح بتصوير مقاطع فيديو لمدة 30 ثانية، وقالت خلال حديثها مع صحيفة بريطانية: “كنت أتطلع لمعرفة مقاطع الفيديو التي ينشرها السعوديون عبر تويتر وردود فعل السعوديين على ما أنشره عبر تويتر فكتبت امرأة سعودية كنت اتابعها على تويتر: السعوديات مجردات من هويتهن. تأثرت بذلك كثيرا. فأنا محظوظة لأنني من أسرة متحررة. انتابني شعور المسؤولية لكسر هذه الحلقة”.
كانت لجين حينها تدرس الأدب الفرنسي في جامعة بريتش كولومبيا في فانكوفر بكندا وكانت تحرص على إبراز وجهها في مقاطع الفيديو التي كانت تنشرها عبر تويتر وهي تقود السيارة وتؤكد على اسمها الصريح واسم القبيلة التي تنتمي إليها لكي لا يقال إنها مجرد سعودية تعيش في الخارج تسعى إلى فرض القيم الغربية على المجتمع.وشاركت لجين إلى جانب الجيل الثاني من الناشطات المطالبات برفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة أمثال: منال الشريف ووجيهة الحويدر ونشرت مقطع فيديو عبر تويتر لهذا الغرض شاهده أكثر من 30 مليون شخص حسب قولها.
وانتقدها البعض لأنها أقل عرضة للخطر بسبب وجودها في كندا، فحملت لجين أمتعتها وعادت إلى بلادها أواخر عام 2013 قبل يومين من انطلاق الحملة الثانية المطالبة برفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة. فكان والدها في استقبالها في المطار فأعطاها مفتاح السيارة وجلس إلى جانبها وقام بتصويرها وهي تقود السيارة . ووصفت لجين تلك التجربة وقالت : “حينها أصبحت شخصية فاعلة في الحملة”.
في اليوم التالي طلبت وزارة الداخلية من والدها التوقيع على تعهد بمنع ابنته من قيادة سيارته، وشعرت لجين بالغضب الشديد لأن محاولتها لإثبات وجودها كفرد مستقل قد فشلت ولم يتم الاعتراف بوجودها حسب وصفها.
وفي ديسمبر 2017 أجرت صحيفة فاينشيال تايمز البريطانية مقابلة مع لجين الهذلول قالت فيها إنها بلغت من العمر 28 عاما لكن منذ أن بلغت الخامسة والعشرين من العمر “يمضي الوقت سريعا”، وتحدثت خلالها عن تجربة السجن التي مرت بها والتي استمرت 73 يوما بسبب قيادتها للسيارة، وقالت إنها “كانت فرصة نادرة لمقابلة نساء لا يعترف بوجودهن. كانت تجربة ثرية لي”.
وخرجت من السجن عندما تولى الملك سلمان الحكم عام 2015 بعفو ملكي منه. وأضافت أنها لم تشعر بالندم على دخول السجن “لقد كانت تجربة جميلة وممتعة، لم أشعر بالندم ابداً”.
ولدى صدور قرار السماح للنساء بالقيادة من قبل الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان حذرتها السلطات وطالبتها بالتزام الصمت وعدم التعبير حتى عن مشاعر السعادة بهذا القرار، كتبت لجين كلمتين فقط عبر تويتر “الحمد لله”.
وفي شهر مارس من عام 2018، اعتقلتها السلطات الإماراتية مرة أخرى، وسلمتها إلى السعودية، حيث قضت عدة أيام بالسجن قبل إطلاق سراحها، وتمّ منعها هي وزوجها وكل عائلتها من مغادرة البلاد، كما مُنعت من الظهور بوسائل الإعلام واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي 18 مايو 2018 ألقي القبض على لجين بحسب ما أعلنت عنه وكالة الأنباء السعودية الرسمية، التي أكدت أنّ رئاسة أمن الدولة ألقت القبض على 7 أشخاص بتهمة التواصل مع جهات أجنبية مشبوهة وكانت لجين من ضمنهم.
قد بدأت جلسات محاكمة لجين الهذلول في 13 مارس 2019 بعد 10 أشهر من الاعتقال إلى جانب عدد من الناشطات المدافعات عن حقوق النساء.
وكانت علياء الهذلول، شقيقة لجين، قد قالت أن لجين تعرضت لمختلف أشكال التعذيب والإساءة وأن سعود القحطاني، المستشار السابق في ديوان ولي العهد السعودي قد اشرف على بعض جلسات التعذيب وهددها بالاغتصاب خلال الفترة التي سبقت عزله على خلفية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وقالت علياء التي تعيش في بلجيكا في مقالة كتبتها في صفحة الرأي في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بتاريخ 13 يناير/كانون الثاني 2019: “إن مستشار القصر سعود القحطاني دأب على حضور جلسات تعذيبها وكان يضحك ويهددها بالاغتصاب والقتل وإلقاء جثمانها في مجاري الصرف الصحي وأجبرها على أن تأكل معه ورجاله خلال شهر رمضان”.
وكانت لجين قد بدأت إضراباً عن الطعام قبل نحو شهر احتجاجاً على حرمانها من زيارة أسرتها لها في السجن، كما ظلت حبيسة السجن الانفرادي لأشهر عديدة منذ دخولها السجن في مايو 2018.
وقبيل عقد قمة مجموعة العشرين في السعودية في نوفمبر الماضي تعالت الأصوات والمناشدات الدولية المطالبة بإطلاق سراح لجين وغيرهن من الناشطات والمدافعات عن حقوق المرأة في المملكة.