في تصريح علني وغير معتاد من قبل قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون ، منذ انعكاس الأزمة الاقتصادية والمالية وخفض موازنة المؤسسة العسكرية، على الجنود والضباط وأدائهم، مما يكشف عن تنامي مشاعر الاستياء في صفوف الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية بعدما تآكلت قيمة الرواتب بفعل انهيار العملة، في وقت تتصاعد الاضطرابات وتتفشى الجريمة قال عون، “العسكريون يعانون ويجوعون مثل الشعب”، سائلاً المسؤولين السياسيين “أتريدون جيشاً أم لا؟ أتريدون مؤسسة قوية صامدة أم لا؟”.
وانهارت الليرة وفقدت 85 في المئة من قيمتها منذ أواخر 2019، تحت وطأة أزمة مالية تمثّل أكبر تهديد للاستقرار منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990. ، وتدنّت قيمة الراتب الأساسي الشهري للجندي أو رجل الشرطة، من حوالى 800 دولار، إلى أقل من 120 دولاراً في الوقت الراهن ، ودفعت تخفيضات الموازنة الجيش إلى استبعاد اللحوم من قائمة وجباته عام 2020. ، وتبرعت السفارة الفرنسية، في فبراير الماضي، بعبوات غذائية للجيش اللبناني الذي يحظى منذ زمن طويل بدعم الدول الغربية.
ويحذر بعض المسؤولين من أن قوات الأمن ستجد صعوبة في احتواء الاضطرابات. في حين بات أكثر من نصف اللبنانيين فقراء، مع انخفاض الأجور بشكل عام وارتفاع الأسعار وعدم وجود خطة إنقاذ حكومية في الأفق. وكانت هذه هي الحال حتى قبل أن تهبط العملة لمستوى قياسي الأسبوع الماضي بعد أشهر من التعطل السياسي.
وعلى الرغم من ذلك، نفى الجيش وقائده ووزيرة الدفاع في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر تقارير وسائل الإعلام المحلية في الآونة الأخيرة عن أن الصعوبات الاقتصادية دفعت جنوداً إلى الهرب من الخدمة.
وقال أحد أفراد الأمن، طالباً عدم الكشف عن هويته، إنه يريد المغادرة بعد سنوات طويلة في الخدمة لأنه لم يعُد قادراً على دفع الإيجار. وأضاف أنه يعرف ثلاثة آخرين فروا من الخدمة، وهو عمل يعاقب عليه القانون، معرباً عن مخاوفه من أن القادة العسكريين سيرفضون إذا قدّم طلباً للتسريح.
في الأثناء، كشف مصدر أمني عن أن حالات الفرار من الجيش لا تزال في حدود الأرقام المعتادة قبل الأزمة، إلا أن هناك خططاً لزيادة المساعدات بهدف تجنّب حدوث ارتفاع في عددها.
وأردف أن الشعور بالواجب الوطني، إضافة إلى تضاؤل فرص العمل في جميع أنحاء لبنان ساعدا في منع حدوث اضطرابات في صفوف القوات، لكنه حذر من دفعهم إلى حافة الهاوية.
ومن المتوقع زيادة الاضطرابات في لبنان في ظل ما يعيشه من توتر. فقد أحرق محتجون الإطارات وأغلقوا الطرق الرئيسة منذ انخفاض قيمة الليرة إلى أدنى مستوى لها.
وقال مصدر أمني إن الانهيار الاقتصادي أفضى إلى زيادة في جرائم السطو مع تزايد أعداد محاولات سرقة الطعام أو حليب الأطفال أو الأدوية. وأشار إلى حدوث ارتفاع في جرائم توقيف السيارات وسرقتها تحت تهديد السلاح.
في 2020، قفزت جرائم القتل 91 في المئة مقارنة بالسنة السابقة لها حسبما ذكرت شركة (الدولية للمعلومات) للأبحاث استناداً إلى بيانات الشرطة. وارتفعت جرائم السرقة بنسبة 57 في المئة وبلغت سرقات السيارات أعلى مستوى في تسع سنوات
وقالت جمعية “يازا” للسلامة على الطرقات إن حوالى 10 آلاف من أغطية بالوعات الصرف الصحي اختفت في بيروت، إذ يبيع اللصوص الأغطية المصنوعة من الحديد بسعر 100 دولار للواحدة، وهو مبلغ يفوق الحد الأدنى للأجور في لبنان.