طارق خاطر في حوارهِ لموقع “جهود”
القضاء الإداري أفقه هي الأرْحَم في الدولة
الداخلية ليدها أمكان احتجاز غير قانونية
لدينا حكم تاريخي من محكمة القضاء الإداري
لدينا أحكام من القضاء الإداري بالزام الداخلية بالإعلان عن أماكن المختفين قسريا
لا يوجد فرق بين بلاغات الاختفاء القسري والتغيّب
الاختفاء القسري يخلفه آثار اجتماعية واقتصادية ونفسية لأسر المختفين
ليس لدينا أي مؤشر على امكانية الحد من الاختفاء القسري
قامت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، برفع دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري تلزم من خلالها وزارة الداخلية بالكشف عن أماكن المختفين قسريا.. الدعوى حملت رقم ١٤٦١٢ لسنة ٧٤ قضائية.. انتقلنا إلى الشبكة وقابلنا طارق خاطر، مدير الوحدة القانونية بها، وكان لنا معه هذا الحوار…
بداية.. هل وزارة الداخلية ملزمة دستوريا بالكشف عن أماكن المختفين؟
الدستور يحدد الدور الاجتماعي والالتزام الدستوري لكل جهة نظامية، وهو يلزم وزارة الداخلية بمسؤولية حماية وتأمين حياة المواطنين وتطبيق العقوبة على مرتكبي الجريمة.
لدينا أحكام من القضاء الإداري واضحة وصريحة نصت على إلزام وزارة الداخلية بالإعلان عن أماكن المختفين، فقد قالت محكمة القضاء الإداري نصًا “إن الداخلية ملزمة بالبحث عن كل انسان مختفي في مصر، وأن تحدد مكانه وتجلي مصيره”.
إذا ما هي الخطوات المتبعة للكشف عن المختفين قسريا؟
نحن نعمل في طور سلوك قانوني محدد، ننذر وزارة الداخلية أولا باختفاء مواطن في ظروف معينة، مع تبيان ظروف الاختفاء، وتاريخه، ونقدم الشهود على الواقعة، وللأسف فإن وزارة الداخلية لا تستجيب عادةً، رغم أن تلك البلاغات تقدم عشرات المرات حول اختفاء مواطن واحد! وهذا يسمى في القانون “قرار سلبي بالامتناع عن الرد” وعليه نلجأ لمحكمة القضاء الإداري. فالقضاء الإداري مازالت أفقه هي الأرْحَم في الدولة.
على ما تستند دعواكم؟
نستند في دعوانا أمام القضاء الإداري بعدم الرد من وزارة الداخلية، ما يلزم وزارة الداخلية بالرد على المحكمة، ولكن للأسف دائما ما يأتي الرد من قبل الوزارة أنها بحثت في السجلات ولم تجد بيانات المختفي لديها! فهذا ما يقوله دفاع وزارة الداخلية أمام المحكمة، ويُحضر أوراق مضمونها أن المختفي ليس عندهم في السجون.
المشكلة أن الداخلية ليدها أمكان احتجاز غير قانونية وغير مسموح فيها بالاحتجاز مثل معسكرات الأمن المركزي ومقرات أمن الدولة، وهي لا تخضع للرقابة القضائية، وليست مقننة كسجون.
وماذا عن رد القضاء الإداري؟
رد محكمة القضاء الإداري كان رائعا حيث قالت “إنه ينبغي على المسئولين بوزارة الداخلية الامتثال لحكم القضاء الإداري، وأن تقوم الوزارة بدورها المحدد دستوريا وقانونيا، وهو العلم بمكان تواجد أي مواطن وإقامته مادام حيا، وأن تقوم بما تملكه من أجهزة بالبحث والتحري عن مكان أي مواطن يختفي، وأن تحدد مكانه أو تقرر مصيره، ولا يجوز لها الاكتفاء بذكر عدم وجود المواطن بالسجون، وإلا اختل الأمن والنظام في المجتمع وسادت الفوضى والاضطرابات، واضحي التزام وزارة الداخلية وواجبها في المحافظة على أرواح المواطنين ليس الا تسجيلا في سطور ومداد على ورق دون أدنى فائدة ترجى منه “.
كيف تنظرون إلى هذا الحكم؟ وما الذي يترتب عليه؟
حكم تاريخي، حيث أنه لم يتطرق إلى الحالة الفردية محل الدعوى، بل تحدث الحكم عن أي مواطن ولم يخصص الحالة علي الشخص المرفوع لأجله الدعوي، وهذا يفتح بصيص أمل في موضوع المختفين قسريا.
هل يمكن مسائلة الداخلية قانونا في حال الامتناع عن اظهار شخص مختفي لديها؟
لا يمكن المطالبة بتوقيع عقوبة أو تعويض إلا في حالة ظهور المختفي، فنقدم شكوى بما تعرض له المختفي أثناء وجوده بحوزة الداخلية، ونعتمد في شكوانا على عدم التزام الداخلية بحكم القضاء الإداري. والحقيقة أن أزمتنا ومجمل همّنا لا يقع على محاسبة الداخلية وإنما الرغبة في الإعلان عن مكان الشخص المختفي.
هل هناك ثمة اختلاف بين بلاغات الاختفاء القسري والتغيّب؟
للأسف لا يوجد فرق، فعندما يذهب أهالي المختفين قسريا لتحرير محضر يتم التعامل مع الواقعة على أنها تغيّب، وللأسف الاختفاء القسري يخلفه آثار اجتماعية واقتصادية ونفسية لأسر المختفين، فلا يوجد أي تعليمات من وزارة الداخلية أو وزيرها أو النيابة العامة أن يكون لبلاغات الاختفاء القسري طريقة مختلفة عن بلاغات التغيّب او تأخذ بمحمل مختلف يهدف إلى الوصول فعلا لإجلاء مصير المختفي.
وماذا عن البلاغات التي تقدم للنيابة العامة؟
النيابة العامة أقصي ما يمكنها فعله هو استدعاء مقدم البلاغ وسؤاله، ولا يباشر التحقيق وكيل النيابة بل يتم تحويله لأحد أمناء الشرطة المعينين بالنيابة، الذي بدورهِ يسأل الأسئلة التقليدية حول اسم المختفي ومعاد اختفاءه. ويرفض محرر المحضر طلب مقدمي البلاغات بإثبات أن المختفي تم إلقاء القبض عليه من قبل قوات من الداخلية أو أمن الدولة، حتى يظل البلاغ مجرد تغيب.
لماذا ترفض الداخلية تحرير بلاغات التغيب قبل مرور 24 ساعة؟
هو مجرد عرف وجرى الأمر على ذلك، لكنه ليس تعليمات ولا قانون. وهنا يجب الإشارة إلى أن هناك فارق كبير بين الابلاغ عن طفل فقد أثناء لَعِبه، وبين مواطن راشد اقتحم الأمن منزله.
كيف ترى اصرار الجهات المعنية بعدم بذكر الاختفاء القسري في البلاغات والشكاوى؟
هو ليس مجرد فعل فردي، بل هو تصرف ممنهج، الغرض منه ألا يظهر في المجتمع الدولي أن مصر بها هذه الجريمة الشائعة، فالحكومة المصرية في كل ردودها على المخاطبات الدولية والأمم المتحدة تنفي وجود اختفاء قسري وتقول اذا كانت هناك حالات قليلة فنحن نحاول حلها.
كيف يمكن ايقاف الاختفاء القسري نهائيا؟
هو أن نجد ديوان رئاسة الجمهورية، أو المجلس القومي لحقوق الانسان، قد فتحوا تحقيقا في حالة معينة مثله كمثل التعذيب فدائما نقول إن التعذيب لا يحتاج إلا جملة واحدة من رئيس الجمهورية فقط يصرح “بإدانة التعذيب وأنه لن يسمح بإفلات جلاد من العقاب ” هذه الجملة فقط كفيلة بأن تقضي على أكثر من 50% من التعذيب. الأمر نفسه يقع على الاختفاء القسري، فقط أن يتم إدانته من قبل المسؤولين.
يوجد بعض الحالات المحبوسة احتياطيا ولا أحد يعلم أماكن احتجازها.. هل يعد ذلك اختفاء قسريا؟
ليس اختفاء قسريا، لكنه انتهاك لحقوق المتهم المحبوس احتياطيا. وهو جريمة بشعة أيضا. وللأسف ليس لدينا أي مؤشر على امكانية الحد من الاختفاء القسري، لأن المسئولين دائما ما ينكرونه.