نشهد اليوم ، يوم عالمي للمساواة في الأجر بين الجنسين في غياب كامل لأي بيان أو فعالية أو تقرير حكومي مصري بهذه المناسبة .
و قد عرفت مساواة الأجور بين النساء والرجال للمرة الأولى عام 1919، إذ أقرته منظمة العمل الدولية في دستورها كركيزة أساسية للعدالة الاجتماعية ، وفي عام 1951 اعتمدت الاتفاقية رقم 100 عقب الحرب العالمية الثانية، و التي تعد أول اتفاقية حول المساواة في الأجور بعدما تزايد عدد النساء في أماكن العمل وبدأن في الالتحاق بمناصب عدة خلال الحرب ، لإعالة أنفسهن وأسرهن .
ووقعت على هذه الاتفاقية مصر و معظم الدول العربية الأعضاء باستثناء البحرين، والكويت، وعمان، وقطر.
أما الاتفاقية الرقم 111 الصادرة عام 1958 فقد “حظرت أي تفريق أو استبعاد أو تفضيل يقوم على عدة أسس منها الجنس”، و أقرها أكثر من 90% من الدول الأعضاء في المنظمة.
و على الرغم من أن المرأة المصرية قد حصلت على على العديد من الحقائب الوزارية داخل مجلس الوزراء ، إلا أنه طبقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي الصادر عام 2018- جاءت دول عربية عدة في المؤخرة من حيث الفارق في تولي مناصب إدارية، ومنها: سوريا، ولبنان، والجزائر، ومصر، والمملكة العربية السعودية، واليمن، حيث الفجوة تبلغ 90٪ أو أكثر.
مثالاً على ذلك ، أنه من بين 170 ألف طبيب مصري مقيدين بجداول النقابة في مختلف التخصّصات؛ لا يوجد سوى 2797 طبيبة في تخصص الجراحة أي بنسبة 1.6 في المئة لا أكثر من مجمل الأطباء في مصر، وذلك في مقابل 23 ألفاً تقريباً من الأطباء المتخصّصين في الجراحة ، و ليس ذلك بسبب خوف النساء من العمل بالجراحة بقدر منع كليات الطب لطالباتهن من الالتحاق ببعض الأقسام الطبية و على رأسها قسم الجراحة .
و على الرغم من أن قانون العمل المصري منذ عام 2003 يحظر التمييز في الأجور بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ، إلا أن التمييز لازال قائماً في الأجر ، و في نوعية الأعمال و في أكثرية تحديد جنس الذكور في عرض طلبات التوظيف لاسيما الخاصة و التمييز أيضاً في البدلات مثل توفير سكن للذكور في غالبية المصانع و الفنادق ، و ندرة وجود سكن مماثل للسيدات العاملات ، مع رفض هذه الجهات لتقديم بدل سكن كبديل فإما أن تقبل المرأة بالوظيفة بلا سكن و بلا تقديم بدل للسكن و إما أن تجد نفسها بلا عمل .
وقد كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري عن تفوق أجور الرجال على أجور النساء في القطاع الخاص بنسبة 22 في المئة، في مقابل تفوق أجور النساء في قطاع الأعمال والقطاع العام بنسبة 31 في المئة، وهي القضية التي فجرت أزمة الفجوات النوعية المتمثلة في التفرقة المتفاوتة بين الجنسين في الأجور.
هناك أيضاً الكثير و الكثير من إعلانات طلبات التوظيف في مصر للنساء في مهن التسويق مع اشتراط حسن المظهر و تحديد عمر معين لا يتجاوز غالبا الثلاثين مع طلب صورة و أحياناً تكون الصورة المطلوبة يُشترط فيها أن تكون كاملة و ليست للوجه و حسب !!
و يبدو أن هذه الإعلانات ( جائرة و مهينة ) في دول أخرى سبقتنا في حقوق النساء التي لا تميز في الوظائف بين المرأة و المرأة على أساس الشكل أو نوعية الملبس أو السن فهم يضعون عبارات تشجيعية لكبار السن كي يتقدموا للوظائف كأساس أخلاقي و شمولي في التوظيف و أيضاً وعياً بمسؤولية الشركات الاجتماعية في الدول وخصوصاً الدول التي تأخرت في المجال الحقوقي . و التمييز الجندري في العمل بمصر لا يقع بكامله على الحكومة و القوانين ـ بل يوجد جانب كبير منه في الثقافة المصرية التي لازالت تعتبر عمل المرأة شيئاً ترفيهياً و غير أساسي لدرجة أن العديد من النساء المصريات العاملات في مجال السياحة تم سؤالهن في مقابلات التوظيف عن أسباب سفرهن للعمل بالسياحة و عن قبول الأهل من عدمه ، فيما أنه لا أحد من الرجال العاملين بمجال السياحة قد تم سؤاله مثل هذه الأسئلة التي تحمل رائحة الأصولية أو الذكورية و ربما الفكر الأبوي المسيطر على المجتمعات العربية بما فيها الدولة المصرية .
و الجدير بالذكر أن نتائج تعداد مصر 2017 ، ذكر أن عدد الأسر التى تقوم المرأة بإعالتها 3.3 مليون أسرة بما يعادل 30% من الأسر.
و بعد الاستراتيجية المقدمة من اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان في 2021 ، و التي حددت المرأة من الفئات التي تشهد تحديات عدة في الجانب الحقوقي ، هل نشهد تغييراً جذرياً يعيد للمرأة المصرية حقها في العمل بلا تمييز في الأجر أو نوعية الوظائف أو عددها أو في شروط التقدم للوظيفة – لاسيما حسن المظهر – و أيضاً في التمييز على حسب العمر بين المتقدمين للوظائف من النساء ؟