تحوَّل معهد الشورانية الأزهري بمركز المراغة شمالي محافظة سوهاج إلى إسطبل لتربية الحمير ومكان لتشوين مخلفات المحصول الصيفي خاصة الذرة الشامية “البوص” ومقلب لإلقاء القمامة والمخلفات الصلبة، بسبب إهمال الأزهر الشريف في إنشاء سور للمعهد ووضع حراسة عليه وتشغيله ، ليصبح منارة للتعليم الأزهري الوسطي في القرية التي تمثل “جزيرة نيلية”، مما يجعل من التنقل منها وإليها أمراً في غاية الصعوبة .
و على الرغم من كون عدد سكان مركز المراغة قد بلغ قرابة 50 ألف نسمة، و بالرغم أيضاً من إنشاء المعهد الأزهري بالجهود الذاتية للأهالي وتحملهم عناء الانتهاء من تشييده منذ 3 سنوات حتى أصبح مبنى مكون من 4 طوابق كاملة التشطيب، إلا أنه قد تعرض للعديد من التعديات في صورة من أسوأ صور إهدار المال العام.
وطبقًا لمحضر معاينة واستلام مبنى معهد الشورانية الإعدادي الثانوي فتيات والمُمهور بختم منطقة سوهاج الأزهرية بتاريخ 17 من شهر أكتوبر 2018، فإن الأرض المُشيد عليها المعهد ومساحتها 2880 متر مربع مُخصصة بالقرار رقم 189 لسنة 2003، ويحتاج المعهد إلى سور يحيطه من جميع الجهات بإجمالي 288 متر طولي.
وتابع المحضر أن لجنة الأزهر الشريف التي تسلمت مبنى المعهد أوصت مدير إدارة بحوث المعاهد بمنطقة سوهاج الأزهرية “عضو اللجنة” بضرورة التنسيق مع إدارة الشئون الإدارية بالمنطقة، لاتخاذ ما يلزم نحو تعيين الحراسة اللازمة على هذا المعهد من عمال الخدمات المعاونة بمنطقة سوهاج الأزهرية حفاظًا على المبنى من التعديات.
و كان حجم التعديات التي شهدها مبنى المعهد كبيراً ، إذ احتلت الدواب “الحمير” فناء المعهد والمقرر أن تقف فيه الطالبات أثناء طابور الصباح، بل شيد صاحب هذه الدواب أماكن بالطوب الأحمر والطين لإطعامها، وانتشرت بالمعهد رائحة تزكم الأنوف لانتشار روث الدواب في الفناء، كما امتلئ فناء المعهد بمخلفات المحصول الصيفي والقمامة والمخلفات الصلبة، كما استغل بعض الخارجين عن القانون مبنى المعهد في الأعمال المنافية للآداب، وانتشر الغائط في طرقات المعهد بصورة مزرية.
كما تواجدت سرقة للمبات الإنارة من طرقات المعهد وكذلك المقابض من الأبواب والأسلاك من الحوائط، وانتشار الطيور المهاجرة والبوم في حجرات الطابق الأرضي، وتحطيم زجاج الحجرات في محاولة من الخارجين عن القانون الدخول لحجرات المعهد.
يروي محمد كاظم، أحد أعضاء مبادرة شباب الخير بقرية الشورانية قال إنه جرى تشييد المعهد بالجهود الذاتية لتخفيف المعاناة عن فتيات القرية اللاتي يذهبن لمدينة المراغة لاستكمال تعليمهن الأزهري، خاصة أن القرية لا يوجد بها معاهد إعدادي ثانوي للفتيات، وهو ما يدفع الكثير من أولياء الأمور لعدم استكمال تعليم بناتهن والاكتفاء بمرحلة التعليم الابتدائي فقط، بسبب المعاناة اليومية لسكان قرية جزيرة الشورانية من الانتقال للمدينة بسبب العبارة النهرية وكثرة تعطلها وجنوحها شمالًا لبضع ساعات، بسبب تعطل محركاتها.
وأضاف “كاظم” أن أهالي القرية خاطبوا منطقة سوهاج الأزهرية ومشيخة الأزهر الشريف بتشغيل المعهد وفتحه أمام الفتيات خاصة بعد إقبال العديد من أولياء الأمور بالقرية على التعليم الأزهري، لكن دون جدوى رغم كثرة المكاتبات والمخاطبات.
فيما قال المهندس على محمود، أحد أعضاء لجنة الجهود الذاتية المُسلمة للمعهد للأزهر الشريف وأحد أبناء قرية الشورانية، إنه أغلق كافة أبواب المعهد بالمفاتيح بعد تشيده حفاظًا عليه من العبث، مضيفًا أن بعض الأشخاص الذين لا يعلمهم أحد حطموا زجاج بعض نوافذ المبنى وسرقوا المقابض ولمبات الإنارة والأسلاك الكهربائية، وهو ما جعل المعهد أشبه بالخرابة وأصبح مكان تسكنه الأشباح ومأوى للطيور المهاجرة.
وناشد عضو لجنة الجهود الذاتية الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر بإصدار تعليماته وتوجيهاته للاهتمام بتشغيل معهد فتيات الشورانية الإعدادي الثانوي، هذا العام، مؤكدًا أن إنشاء المعهد تكلف 3 ملايين و620 ألف جنيه، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف ساهم في هذا المبلغ بـ 525 ألف جنيه على أربع دفعات من خلال لجنة الإعانات المختصة.
وأعرب إبراهيم ناصر، عضو مبادرة شباب الخير وأحد أهالي قرية جزيرة الشورانية عن استيائهم من عدم جدية قيادات الأزهر سواء بالقاهرة أو سوهاج من بناء سور للمعهد وتشغيله، مضيفًا أن أولياء أمور الفتيات بعضهم يُحَول لابنته للتعليم العام بسبب عدم وجود معاهد إعدادي ثانوي فتيات بالقرية، والبعض الآخر يرفض استكمال ابنته التعليم ويكتفي بمرحلة التعليم الابتدائي.
و نتسائل عن المحاسبة في مصر للمسئولين المتسببين في إهدار المال العام و إهماله إلى هذا الحد، و نتسائل أيضاً عن كيفية قبول وجود كل تلك التعديات لهذه الفترة و عدم تحرير أي محضر بالسرقات و المخالفات التي تمت بالمعهد كما و أنه تشجيع للمزيد من السرقة، و إذا لم تكن المنطقة الأزهرية راغبة بوجود المبنى أو محتاجة إليه فلماذا سمحت ببناءه بالجهود الذاتية و استلامه و مساهمة الأزهر فيه بمبلغ يزيد عن نصف مليون جنيه مصري؟