السودان.. دعوة للتظاهر بالعاصمة في “مليونية” 13 نوفمبر ومحكمة تقضي بإعادة خدمة الإنترنت

قسم : تقارير

لأول مرة في تاريخ الوطن العربي ، تتجلى مقاومة انقلاب عسكري من خلال الحكومة و الشعب ،و من خلال مراكز الثقل النقدي ” كالمصارف ” و الاتحادات العمالية ، لأول مرة تتآلف السلطة التنفيذية و التشريعية و القضائية من أجل إسقاط الانقلاب العسكري برغم ما للقوة العسكرية من بطش و من قرارات بائسة و يائسة لتفكيك هذا التآلف المدني إلى حد قيام فريق أول عبد الفتاح البرهان إلى حل جميع الاتحادات العمالية و إقالة كل مدراء المصارف الحكومية و مدير سلطة الطيران المدني ، و حل لجنة التفكيك و حل الحكومة و إعلان حالة الطواريء .

 

حكم بعودة الإنترنت

ًفقد أصدرت المحكمة العامة في الخرطوم حكما بإعادة خدمة الإنترنت بعد انقطاع شبه كامل منذ 15 يوما.

وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ في البلاد، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وإعفاء الولاة، واعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة رافضة ودعوة متكررة للعصيان المدني وانتقادات دولية تطالب بعودة الحكومة الانتقالية.

وبالتزامن مع هذه الإجراءات، انقطعت خدمة الإنترنت عن العاصمة الخرطوم ومعظم مناطق البلاد، بحسب شهود عيان ومصادر محلية ودولية.

و أدانت العديد من المنظمات الحقوقيّة بما فيها هيومن رايتس ووتش المجلس العسكري السوداني بقيادة البرهان لقطعهِ الإنترنت عن الشعبِ السوداني. في السياق ذاته؛ قالَ متحدثٌ باسم شمس الدين كباشي بأنه «سيتم قطع الإنترنت لفترة طويلة لأنها تمثل تهديدا للأمن القومي»، ووصفت هيومن رايتس ووتش هذه الخطوة بأنها انتهاك صارخ لحقوق الإنسان؛ فيما هاجمت وسائل الإعلام الدوليّة المجلس العسكري بعد هذه الخطورة معتبرة ذلك علامة على العودة للديكتاتورية.

ويعتقد الكثير من النشطاء والثوار أن قطع النت على كاملِ السودان ،كانت محاولة من المجلس العسكري لإخفاء ما قامت وتقوم به ميليشيات البرهان من انتهاكاتٍ في حقّ المتظاهرين السلميين.

 

مليونية السبت القادم

و دعا تجمع المهنيين السودانيين المواطنين للمشاركة في مليونية يوم السبت المقبل لمواجهة ما أسماه “الانقلاب العسكري”، في وقت قضت فيه
محكمة سودانية اليوم الثلاثاء بإعادة خدمة الإنترنت إلى البلاد بعد 15 يوما من الانقطاع شبه الكامل منذ إعلان الجيش قراراته الأخيرة.

وأكد تجمع المهنيين السودانيين في بيان على تويتر مضيه قدما في التصعيد ضد قرارات قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وفي مقدمتها حل مجلس السيادة والإطاحة بحكومة عبد الله حمدوك.

وكانت لجان المقاومة الشعبية بالعاصمة الخرطوم أطلقت أمس الاثنين دعوة للمشاركة فيما سمتها “مليونية” يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري (السبت المقبل)، تحت شعار “لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية”.

وفي السياق ذاته، بدأت قوى معارضة بالأمس الثلاثاء في إغلاق الشوارع بالمتاريس ضمن خطتها لتصعيد المواجهة مع العسكر.

كما أعلنت “اللجنة التسييرية للعاملين بالهيئة القضائية” في السودان الإضراب عن العمل والعصيان المدني يومي الثلاثاء والأربعاء، رفضا لانقلاب الجيش على الحكومة الانتقالية.

وأفادت اللجنة في بيان بأنها “ستنفذ الثلاثاء والأربعاء إضرابا وعصيانا عن العمل، والخميس وقفة احتجاجية”.

وأكدت أن “العصيان المدني حق مكفول وفق القانون، ويعبر عن رفض القرارات الجائرة التي أصدرها قائد الجيش وانقلابه على سلطة الفترة الانتقالية”.

وهذا أول إعلان للعصيان والإضراب من قبل اللجنة التسييرية للعاملين بالهيئة القضائية التي تشكلت عقب سقوط نظام عمر البشير في أبريل/نيسان 2019.

وبعد الإطاحة بنظام عمر البشير، تم حل مجالس إدارة النقابات المهنية في ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته، على اعتبار أنها كانت تحت سيطرته، ولاحقا تم تشكيل لجان تسييرية لإدارة هذه النقابات.

 

تسليم السلطة

بدوره، دعا القيادي في تحالف “قوى نداء البرنامج الوطني” ناجي مصطفى الجيش السوداني إلى الاستفادة من أخطاء الماضي، وتسليم السلطة بكل فروعها لحكومة مدنية.

كما شدد ناجي مصطفى -في مؤتمر صحفي للتحالف- على ضرورة أن يقتصر دور الجيش السوداني على القضايا الأمنية وضمان المرحلة الانتقالية في البلاد.

في حين صرح القيادي في تحالف “قوى نداء البرنامج الوطني” التجاني السيسي بأن التأخير في تشكيل حكومة جديدة يفتح الباب أمام التدخلات الخارجية.

ودعا في مؤتمر صحفي للتحالف في الخرطوم قائد الجيش عبد الفتاح البرهان إلى الإسراع في تعيين رئيس جديد للوزراء في أقرب وقت ممكن.

من جانبه، قال الناطق باسم قوى الحرية والتغيير الواثق البرير إن حديث البرهان عن الالتزام بالانتقال الديمقراطي خطوة مهمة يجب أن تتبعها خطوات عملية، وفي مقدمتها رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

وطالب بوقف حملات الاعتقال وما وصفها بالإجراءات غير الشرعية التي ناهز عدد قراراتها 400 قرار منذ الاستيلاء على السلطة.

وأكد البرير أن المجلس المركزي يرغب في شراكة مع المكون العسكري لإدارة الفترة الانتقالية وفقا لمرجعية دستورية متفق عليها.

 

الموقف الأميركي و الأوروبي و الروسي

دوليا، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أن الموقف المشترك لواشنطن وحلفائها وشركائها تجاه السودان هو استعادة الحكومة الانتقالية بقيادة مدنية.
أما الاتحاد الأوروبي فقد دعم الشعب السوداني في رغبته بتحقيق دولة مدنية و هدد بتعليق مساعداته للسودان و الذي نفذته بعض الدول بالفعل كألمانيا التي أعلنت بأنه لا عودة لتعاونها مع السودان سوى بالعودة للوثيقة الدستورية السودانية المعلن عنها في 2019.

و قد أتى الموقف الروسي مختلفاً عن الموقف الدولي ،و يقول خبراء روس إن حرص موسكو على دعم انقلاب البرهان جاء على أساس أنه جزء من استراتيجية متكاملة وضعتها موسكو لخدمة مصالحها الاقتصادية في أفريقيا منذ بداية القرن الجاري، ولاحظ الخبير في الشؤون الأفريقية بمجلس التجارة والتنمية الاقتصادية الروسي، كيستر كين كوليميغا، أن روسيا تضع عينها على السودان منذ سنوات حكم الرئيس عمر البشير، حيث كانت موسكو ثاني أكبر مورد للأسلحة في السودان ولديها شركات تعمل في التعدين والذهب ولديها كذلك شركة ” فاغنر” التي تقوم بتدريب مليشيا “الدعم السريع”.

وبحسب كوليميغا، فإن روسيا كانت تطمح إلى أن يكون لها موطئ قدم في ميناء بورتسودان تنافس به النفوذ الأميركي في القارة الأفريقية والبحر الأحمر. في ذات الشأن، يقول الخبير الروسي، نيكولا ميكوفيك، في تحليل بصحيفة “آسيا تايمز” نشر قبل أيام، إن مصالح الطاقة تبدو جلية في الاتفاقية الدفاعية الروسية التي وقعتها الحكومة الروسية مع قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان في ديسمبر / كانون الأول الماضي. ويرى ميكوفيك، أن موسكو التي خسرت نفوذها الجيوسياسي في أوكرانيا وجورجيا وكوبا، تسعى إلى بناء نفوذ عالمي مجدداً لبناء نفوذ سياسي جديد بعد سقوط الإمبراطورية السوفييتية.

الموقف الصيني كان مشابهاً للموقف الروسي حيث احتفظت بعلاقاتها مع السودان و يعتقد بأن ذلك يعتمد على حجم التعاون بين البلدين خصوصاً في مجال الوقود الذي تعاني فيه الصين من أزمة بالوقت الراهن .

كان النفط في الأصل من بين المصالح الرئيسية للصين في السودان ، لكن هذه الديناميكية تغيرت بعد تقسيم عام 2011 الذي شهد استقلال جنوب السودان ، والذي يضم اليوم عددًا من المناطق الغنية بالنفط حيث تواصل الشركات الصينية العمل بها.

أما بالنسبة للإقليم الشمالي الأكبر الذي لا يزال السودان ، فقد استثمرت الصين بكثافة في البلاد التي تشارك في مبادرة الحزام والطريق العابرة للقارات التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ لمشاريع البنية التحتية ، بما في ذلك العمل في السكك الحديدية والطرق والموانئ لدولة ذات موقع استراتيجي على البحر الأحمر.

 

نظارات البجا تهدد المكون العسكري

لم يكن البرهان يعول على تضامن فئة من السودانيين أكثر من نظارات البجا ،التي هددت قبل ( حدوث الانقلاب ) بتصعيد إضراباتها في الشرق إذا لم تتحقق لها مطالبها ، و التي كانت تتضمن حكم عسكري للسودان و إلغاء لجنة التمكين ، و بالرغم من تحقيق البرهان لهذا الانقلاب ،و حله منذ اليوم الأول للانقلاب لهيئة لجنة التمكين ،فقد أصرت نظارات البجا – قبائل في شرق السودان- على استمرار غلق ميناء بورتسودان ، و على إثر ذلك التقى الفريق أول عبد الفتاح البرهان بناظر قبيلة هدندوة ” محمد الأمين ترك” ، و الذي يترأس بدوره نظارات البجا ، و تعهد له البرهان شفهياً ببعض مطالبه ، و عندما عرض “ترك” هذه التعهدات على مجلس نظارات البجا  ،رفضوها بسبب عدم وجود ضمانات و بالتالي قاموا بإعلان فتح ميناء بورتسودان لمدة شهر واحد فقط و هي المهلة التي حددوها  لإلغاء مسار الشرق و الذي يتطلب نقض اتفاقية دولية مع الدول الأفريقية التي عاقبت برهان  مسبقاً على الانقلاب بوقف عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي ، مما يذكرنا كثيراً بالعبارة الشهيرة ” كل حلفاؤك باعوك يا ريتشارد”، فهل سينتصر البرهان مع قلة حلفائه ، أم تنتصر الثورة السودانية بعدالة مطالبها و قوتها التنظيمية و بتضامن القوى الدولية معها؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *