هل تصلح المغرب لتكون رئيساً للجنة القدس بعد توقيع اتفاقية دفاع مشتركة مع دولة الاحتلال؟

قسم : تقارير

في تطور هو الأول منذ قيام دولة الاحتلال على أرض فلسطين ، أقدمت المغرب على كسر كل الجدر وتوقيع “اتفاقية دفاع مشترك” مع إسرائيل، سابقة لم تقدم عليها أي من الدول التي وقعت اتفاقات “سلام” او تطبيع معها.

و المغرب كانت و لازالت حتى اليوم ، رئيسة لجنة القدس  التي تأسست بتوصية من المؤتمر السادس لوزراء خارجية البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في جدة عام 1395 هـ الموافق 1975م. وقد قرر المؤتمر العاشرالمنعقد بفاس إسناد رئاستها إلى جلالة الملك الحسن الثاني ملك المغرب. وقد ترأس اللجنة بعد وفاة الملك الحسن الثاني ابنه الملك محمد السادس، و قد عقد الاجتماع الاخير رقم 20 في بناير 2014 بعد 12 سنة من التجميد بسبب الخلافات.

لم تصدر لجنة القدس بالمغرب أي قرارات تفيد القدس أو فلسطين منذ تأسست و حتى عامنا هذا ، بينما تحولت علاقاتها مع دولة الاحتلال إلى واقع عملي في اتفاقيات و شراكات تنفذ على أرض الواقع.

إن “الاتفاق الدفاعي” بين الرباط وتل أبيب، جاء في ظل تطور علاقات بينهما، وتعاون أمني منذ فترة، لكن الإقدام على تلك الاتفاقية يشكل خطرا استراتيجيا على المنطقة العربية، بعدما تحول الأمر من مفهوم علاقات تطبيعية الى علاقات شراكة أمنية، ولـ “وضع حجر الأساس لإقامة علاقات أمنية مستقبلية بين المغرب وإسرائيل”، بحسب ما أوضح مسؤول إسرائيلي.

في حين رأت وسائل الإعلام العبرية، إنه “مع توقيع مذكرة التفاهم هذه يمكن لوزارتي الدفاع والجيش في البلدين التعاون بسهولة وبشكل أكبر مع بعضهما البعض وتبادل المعلومات الاستخباراتية، بينما في الماضي كان هذا التواصل ممكناً فقط من خلال أجهزة المخابرات الخاصة بكل منهما”.

ردود فعل إسرائيلية

وصفت وزارة الدفاع الإسرائيلية، في بيان أصدرته،  مذكرة التفاهم الموقعة بأنها “تاريخية” وأطلقت عليها “مذكرة تفاهم دفاعية” فيما أسمتها أيضا “اتفاقية”.

ولم تشر “الدفاع” الإسرائيلية في بيانها إلى “بيع أسلحة” للمغرب، كما لم تُلقِ الضوء على تفاصيل الاتفاقية.

لكنّ وسائل إعلام إسرائيلية، من ضمنها هيئة البث، وموقع “إسرائيل 24” (حكوميان) والقناة 12 (خاصة وذات اطلاع واسع) كشفت عن تفاصيل صفقة سلاح تمت بين البلدين، تبيع تل أبيب بموجبها صناعات عسكرية متطورة للرباط.

كما أشارت الصحف الإسرائيلية، كذلك، إلى أن الجانب الأهم في الاتفاقية، لا يتمثل في “صفقة السلاح” بل في الاتفاق على “التعاون الأمني والدفاع المشترك” غير المسبوق بين إسرائيل ودولة عربية.

لم يكن خفيا أبدا وجود تعاون “أمني – استخباري” بين إسرائيل والمغرب، بل هناك اتفاق لإنتاج طائرات بدون طيار في الرباط، وتطوير علاقات تبادل المعلومات الأمنية الإلكتروني، فتلك باتت متاحة عبر وسائل إعلام عالمية، رغم محاولات بلا جدوى لنفيها مغربيا.

إسرائيل صديق و الجزائر عدو !!

في قراءة سياسية، لا يوجد للمغرب ما يهددها من كل دول الجوار، ولا يوجد أخطار من منظمات “إرهابية” يمكن للرباط أن تستخدمها لتبرير ذلك الاختراق الأمني الخطير في الوجدان العربي، قبل النظام الرسمي العربي، بحيث تصبح دولة الاحتلال ، وتحت حكومة إرهاب سياسي تتنكر كليا للحق الفلسطيني، وتمارس كل مظاهر العنصرية والتطهير العرقي، دولة “صديقة وربما شقيقة”، تشكل “حرسا أمنيا” لبلد مفترض أنه عربي وجزء من المنظومة الأمنية العربية.

ومع غياب خطر استراتيجي يهدد المغرب ليبرر تلك الانكسارة الكبرى، سوى أن تعتبر المغرب الشقيقة الجزائر دولة “عدو قومي” تستوجب تحالفها مع إسرائيل لتمثل لها “جدار حماية” من ذلك “الخطر”، وذلك يمثل انقلابا جذريا في كل مفاهيم العلاقات العربية العربية، أولا، وتغييرا شاملا في “المنظومة الأمنية” التي حكمت علاقات الدول، الى جانب ما يعرف باتفاقات الدفاع العربي المشترك.

بحكم الاتفاق الثنائي، يصبح من حق دولة الكيان، أن تحصل على المعلومات الأمنية وغيرها التي تحصل عليها المغرب، سواء بحكم وجودها في المنظومة العربية الرسمية، أو عبر علاقات ثنائية، ما يشكل كشف عورة الظهر العربي كليا.

ليس الأمر موقفا من سياسة بلد له حق سيادي في نسج علاقات ما، وليس رفضا لتطبيع رغم انه طعن لجوهر الصراع، ولكن التطور الأخير، أوجد نظام سيعمل على نقل كل ما هو أمني عربي الى إسرائيل، بشكل رسمي ووفق الاتفاق الموقع.

إلى جانب ما يمثل ذلك الاتفاق من خطر حقيقي على أمن الجزائر ووحدتها وسيادة أراضيها، وما قد يستغل لإثارة “نزاعات قبلية – عرقية”، حيث بدأت الفتنة تطل عبر ملامح “أمازيغية”، واستخدام قضية البوليساريو ذريعة للعبث في أمن الجزائر الوطني، وهو خطر محتمل.

مخاطر الاتفاقية المغربية – الإسرائيلية، لا يجب أن تعتبر حدث يتعلق بحث “سيادي” لدولة عربية، بل هو خطر استراتيجي على الأمن العربي بكامله، ويمكن اعتبار أن لدينا دول برتبة “جاسوس” في الجامعة العربية رسميا، ما يفترض أن يكون جرس إنذار لها، ولتعقد اجتماعا طارئا لبحث المخاطر المترتبة على ذلك الاتفاق، وابعاده الكارثية على جوهر الصراع القائم.

لجنة القدس

و رأي محللون سياسيون بأن المغرب باتفاقها مع إسرائيل، تعلن رسميا أنها لم تعد تصلح رئيسا للجنة القدس، ولا مقرا لها، وتلك خطوة في يد السلطة الفلسطينية، لو أنها تدرك مخاطر ما حدث توقيعه يوم 24 نوفمبر 2021 من اتفاقية بيد دولة عربية ودولة الكيان الإسرائيلي.

و قد عبر حزب الشعب الفلسطيني عن إدانته الشديدة لزيارة وزير جيش الاحتلال الصهيوني ” بيني غانتس ” إلى العاصمة المغربية الرباط وتوقيع ما يسمى بمذكرة “تفاهم دفاعي” بين المغرب ودولة الاحتلال الإسرائيلي.

وقال حزب الشعب في بيان صحفي، بالأمس الجمعة، ان زيارة وزير جيش الاحتلال للرباط وتوقيع “مذكرة التفاهم الدفاعي”، تمثل تفاهماً عدائياً ضد شعبنا، وتمهد الطريق لتعاون عسكري مشترك بين المغرب ودولة الاحتلال الاسرائيلي وعقد صفقات أسلحة مختلفة بينهما، وهي خطوة تمثل أعلى درجات التطبيع غير المسبوق، بعد أن رفع البلدان مستوى علاقاتهما “الدبلوماسية” في العام الماضي، مشيراَ إلى أن كل ذلك يجري في الوقت الذي تستمر فيه “اسرائيل” في ارتكاب المزيد من جرائم حربها ضد شعبنا ومقدساته الاسلامية والمسيحية، وعمليات التطهير العرقي في الأراضي الفلسطينية وخاصة في مدينة

وأكد الحزب في بيانه، يقول: إن استقبال وزير جيش الاحتلال في المغرب، وأحد مرتكبي جرائم الحرب بحق الشعب الفلسطيني، وتوقيع الاتفاقية العسكرية المذكورة معه، يأتي تتويجاَ لسلسلة من الخطوات التطبيعية التي تمثل طعنة غادرة لنضال وحقوق وتضحيات شعبنا الفلسطيني والشعوب العربية، وتنكراَ لمواقفها وطموحاتها. كما ان هذه الخطوة تتناقض كلياَ مع الدور الرسمي المفترض للمغرب في حماية القدس التي ترأس لجنتها.

وقال البيان: إن حزب الشعب وهو يدين هذه الطعنة الغادرة من حكومة المغرب، يدعو الشعب المغربي الشقيق وشعوبنا العربية وقواها الوطنية والديمقراطية، لأوسع تحرك جامع من أجل إستمرار وتكثيف مقاومة كل أشكال التطبيع مع دولة الاحتلال الصهيوني، وإفشال المساعي والأهداف الكامنة والمترتبة على جميع اتفاقيات التطبيع.

نتسائل عن السبب الذي يجعل الدول التي تطبع علاقاتها مع إسرائيل لا تعبأ حتى بمقايضة هذا التطبيع ببعض الانفراجة في حال أهل فلسطين كإيقاف الاستيطان أو تحرير الأسرى أو منح الجنسية الإسرائيلية للراغبين من عرب فلسطين أو عودة فلسطينيو الشتات و غيرها من القضايا المعلقة ، نتسائل حقاً إن كانوا يهتمون ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *