طالبت نساء فلسطينيات، بالأمس الإثنين، الرئيس محمود عباس والحكومة الفلسطينية، برئاسة محمد اشتية، بالإسراع في إقرار قانون حماية الأسرة، في ظلّ تزايد جرائم العنف ضد المرأة في المجتمع الفلسطيني.
وأمام مقرّ محافظة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، وبالتزامن مع انعقاد جلسة للحكومة، شاركت عشرات الناشطات في وقفة للمطالبة بالتحرّك العاجل لوقف العنف المتصاعد في حقّهن، وقد رفعنَ لافتات كتبت عليها شعارات تندّد بالعنف الممارس ضدّ المرأة، وتدعو إلى تطبيق القانون وتحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين.
وردّدت المحتجّات شعارات من قبيل: “بدنا سنّ قوانين مش سنّ سكاكين”، في إشارة إلى ما جرى مع امرأة فلسطينية قضت ذبحاً على يد زوجها في إحدى قرى مدينة رام الله قبل نحو أسبوع.
على هامش الوقفة الاحتجاجية، قالت الناشطة ريما كتانة، ، إنّ “الفعالية جاءت بتنسيق من مجموعة من المؤسسات والجمعيات التي تُعنى بالدفاع عن حقوق المرأة ومنتدى مناهضة العنف، ومن ضمن فعاليات 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة”.
وأشارت كتانة إلى أنّ “الوقفة أكّدت أهمية الدور الذي يلعبه الحراك لمناهضة العنف في المجتمع الفلسطيني في ظلّ تفشي حالات القتل والمماطلة في إصدار قوانين تحمي المرأة من العنف”، مؤكدة أنّه “آن الآوان لنقرع الجرس بقوة ونعلي أصواتنا لإقرار قانون عادل ينصف المرأة”.
في السياق نفسه، طالب حراك “بكفي – لمناهضة العنف الأسري”، في بيان وُزّع خلال الوقفة، الجهات الرسمية وغير الرسمية بـ”العمل الجماعي الجاد والمثابر وبلورة خطة واضحة المعالم وأدوات فعالة على الأرض وأدوار ومسوؤليات تكاملية، من أجل القضاء على ظاهرة العنف والقتل والتمييز والتهميش الذي تعاني منه خصوصاً النساء والأطفال، وإقرار قانون فاعل لحماية الأسرة الفلسطينية من العنف”.
من جهته، شدّد منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضدّ المرأة، في بيان وُزّع كذلك خلال الوقفة، على “وعود رسمية منذ 1500 يوم وليس 100 يوم، كما تمّ التصريح به من قبل جهات حكومية مراراً وتكراراً”.
وعبّر المنتدى عن تمسّكه بمطلبه بتوفير منظومة حماية للنساء الفلسطينيات بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، في حين رأى في ارتفاع الجرائم مؤشّراً إلى عدم توفّر إرادة سياسية لدى الحكومة الفلسطينية، وإلى “غياب وعي مجتمعي يجرّم العنف بكلّ أشكاله، ودليلاً على غياب العدالة ومنظومة القوانين التي تحمي النساء، وفي مقدّمتها قانون حماية الأسرة من العنف”.
وأوضح المنتدى أنّ إقرار مشروع قانون حماية الأسرة “يشكّل أحد المعالم الأساسية في مسيرة إنهاء العنف ضد النساء والفتيات في فلسطين”.
وقد أكّد البيان، الذي جاء باسم المنتدى و”تحالف أمل” في قطاع غزة، على ضرورة “إقرار قانون حماية الأسرة من العنف، وضرورة إقرار رزمة القوانين الأخرى، تحديداً قانون العقوبات الموجود في درج الرئيس الفلسطيني منذ أكثر من 14 عاماً، وقانون الأحوال الشخصية”.
ورأى البيان ضرورة ملاحقة مقترفي جرائم قتل النساء وتقديمهم للعدالة، وضرورة تيسير وضمان وصول النساء إلى الحقّ في التقاضي.
ودعا البيان نفسه القوى والأحزاب والحركات السياسية، وكذلك المثقفين والمثقفات والتربويين والتربويات، إلى “تعزيز خطاب معادٍ لكلّ أشكال التمييز والعنف ضدّ المرأة، والعمل على المساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية لها، وتطوير خطاب رافض للعنف الموجّه ضدّ المرأة، وتعزيز خطاب حقوق الإنسان المبني على العدالة ورفض كلّ أشكال العنف”.
بدورها، أكدت الناشطة النسوية آمال خريشة “عدم توفّر إرادة سياسية لحماية المرأة، على الرغم من ارتفاع وتيرة العنف ضدّها، لا سيّما جرائم القتل، آخرها جريمة مقتل صابرين خويرة، وهي أمّ لأربعة أطفال من قرية كفر نعمة غربي رام الله”.
وقالت خريشة إنّ “أمن المرأة استحقاق وطني وحقوقي، الأمر الذي يتطلب الإسراع في إقرار قانون حماية الأسرة من العنف”.
وخلال الوقفة، تحدّثت وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية آمال حمد عن تفهّم الحكومة الفلسطينية لمطالب الحراك، مؤكدة أنّ “الحكومة معنيّة بإقرار قانون حماية الأسرة، إنّما من دون تحديد موعد لذلك”.
وفي سياق متصل، اتّفقت ورقة سياسات أعدّها مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية “حريات”، تحت عنوان “مسؤولية الدولة عن حماية المرأة من العنف القائم على النوع الاجتماعي”، مع ما ذهبت إليه خريشة بأنّ أحد أبرز معوّقات إقرار القانون هو “عدم توفّر إرادة سياسية لدى الجهات المختصة والحكومية، وبالتالي لم يصدر أيّ قانون يتعلّق بالمساواة بين الرجل والمرأة، ولم تهتمّ أيّ دائرة قانونية بإصدار قانون حماية الأسرة من العنف”.
وأكّدت الورقة أنّ “صمت الحكومة على جرائم العنف يُعَدّ شكلاً من أشكال التعذيب وسوء المعاملة”.
وأشارت ورقة السياسات نفسها إلى أنّ قانون “حماية الأسرة من العنف” موجود في أدراج الحكومة منذ عام 2004، أي منذ أكثر من 17 عاماً من دون أن يُسنّ، موضحة أنّ “قانون العقوبات المطبّق في قطاع غزة هو القانون المصري، والقانون الساري في الضفة الغربية هو القانون الأردني، علماً أنّ أكثر من 70 عاماً مرّت على هذَين القانونَين، وهذا ما يؤكّد الحاجة إلى إجراءات وأحكام تعمل على إعادة تأهيل الجاني والضحية للحفاظ على النسيج الأسري”.
ولفتت الورقة إلى أنّ “مشروع القانون يُمكّن ضحايا العنف من الوصول إلى العدالة، ويؤهّلهم اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً وجسدياً، ويراعي مصلحة الضحية، ويعمل على دمجها في المجتمع”.
فإذا كان أهل غزة قد تظاهروا مرارا لتغيير قانون العقوبات المصري بما يحمي الأسرة و النساء في فلسطين ، و أهل الضفة – لاسيما نابلس- حانقون أيضاً على القانون الأردني الذي لا يحمي النساء و الأطفال من جرائم العنف ، فإنة ذلك يعني تباعاً بأن على مصر و الأردن أيضاً تغيير قوانينهما بما يحمي الأسرتان المصرية و الأردنية.