شهد النصف الأول من 2020 أربعة أشهر استثنائية، عانى فيها العالم بأسره من انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، الجائحة التي أودت بحياة ما يقرب من 503,862 شخصًا حول العالم حتى نهاية يونيو، من بينهم 2872 شخصًا في مصر. ورغم عقبات عديدة تعوق التحرك، بموجب قوانين حظر التجول، إلى جانب التضييق الحكومي على حرية التعبير لمنع أي شكل من أشكال المعارضة أو الاحتجاج، إلا أن فريق منصة العدالة الاجتماعية وثق 2261 احتجاجًا، استخدم المصريون فيها، برغم الجائحة، مجموعة متنوعة من أدوات التعبير عن الاستياء من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
جاء ذلك من خلال ورقة بحثيه أصدرتها ” منصة العدالة الاجتماعية” اعتمادًا على البيانات المجمعة من تقارير إعلامية مختلفة، تتطرق ورقة الحقائق هذه للاتجاهات العامة للاحتجاج خلال النصف الأول من العام، وللفئات الأكثر احتجاجًا أيضًا، والاحتجاجات التي جرت بشأن الجائحة.
جاءت الاحتجاجات الاجتماعية في مقدمة فئات الاحتجاج الثلاثة (الاجتماعية والعمالية والاقتصادية)، خلال النصف الأول من 2020، لتصل إلى 1998 احتجاجًا (88.37% من الإجمالي)، وتلتها الاحتجاجات الاقتصادية بواقع (158 احتجاجًا، 6.99%) وأخيرا بلغ عدد الاحتجاجات العمالية 105 احتجاجًا (4.64%). وقد وثق الفريق 41 حالة إيذاء للنفس في النصف الأول من 2020، انتهت 31 حالة منها بالوفاة، بما يشير إلى ارتفاع حاد في عدد الحالات، مقارنة باحصائيات منتصف عام 2019، التي سجلت 15 حالة فقط. وسجلت غالبية هذه الاحتجاجات على أنها احتجاجات اقتصادية، على أساس الرواية الرسمية التي نشرتها الوسائل الإعلامية، والتي أفادت بأن “الصعوبات الاقتصادية” كانت سببًا للإقدام على هذا الفعل.
وتظل الشكاوى والبلاغات متصدرةً لأشكال الاحتجاجات الاجتماعية، حيث أرسل تلك الشكاوى والبلاغات أفراد مدنيون، أو مجموعة من السكان، أو عمال، أو موظفون ، إلى مسئولين وأعضاء في البرلمان، أو سلموها لهم باليد، أو أرسلوها إلى الصحف. ومع ذلك، اتخذ 58 احتجاجًا شكل التظاهر أو الاعتصام داخل أماكن العمل أو قطع الطرق.
ويظل هذا النوع من الاحتجاج، المتمثل في البحث عن مساعدة أو المطالبة بتفسيرات، شكلًا مفضلًا وآمنًا للتعبير عن الاستياء من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، خاصة وسط تزايد القيود المفروضة على الأشكال المختلفة للمعارضة السياسية وصعوبات التنظيم. وازداد هذا الأمر منذ 2017، حيث تم التعامل مع أشكال عديدة من التظاهرات الاحتجاجية باستخدام العنف والاعتقالات التعسفية.
ومن الأمثلة على تلك الاحتجاجات، تظاهر احتجاجي قامت به مجموعة من السكان بسبب دفن إحدى ضحايا فيروس كورونا في الدقهلية. وأعاق المحتجين عملية الدفن، حتى تعامل الأمن معهم باستخدام الغاز المسيل للدموع والاعتقال. الأمر الذي أنتهى بإصدار أحكام ضد 42 من المحتجين، مازالوا قيد السجن. وقوبلت الواقعة والمواطنين المشاركين فيها بإدانات شديدة في الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، ولكن بدأت عدة جهات طبية ودينية بعد ذلك حملات توعية حول عدم إمكانية انتشار فيروس كورونا عن طريق جثة المتوفي.