نادين عبدالله تكتب: المنظومة الصحية

قسم : أراء حره

شهدنا جميعًا بكثير من الحزن حادثة مستشفى الحسينية، تلك التى راحت ضحيتها أرواح بشرية عزيزة. من غير الواضح ما السبب الرئيسى وراء الأمر: هل هو تأخر وصول الأكسجين أم ضعف المخزون منه؟.. لكن المؤكد أن ما حدث جاء معبرًا عن الأزمات الهيكلية التى تعانى منها المنظومة الصحية فى مصر.

فعليًا، الإنفاق على الصحة ضعيف جدًا، وقد وصل إلى حوالى 2٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى 2019، وهو رقم هزيل جدًا. ولا يوجد أى مؤشر يؤكد أن الإنفاق على الصحة والتعليم (الذى أنفق عليها أيضًا 2٪ من الناتج المحلى فى نفس العام) من الأولويات حاليًا؛ وهى- أيضًا وللأسف- لم تكن من الأولويات سابقًا. والحقيقة أن نسبة الإنفاق على كل منهما غير دستورية، لأن الدستور أقر بألا يقل الإنفاق على الصحة عن 3٪ من الناتج المحلى، وألا يقل الإنفاق على التعليم عن 4٪ منه.

■ ■ ■

ولهذا الأمر تبعاته فيما يتعلق برواتب الأطقم الطبية، مما يدفع الكثير من النابغين منهم إلى الهجرة اضطرارًا وفرارًا. كما ينعكس ذلك وبشكل واضح على جودة الخدمة الصحية، حيث ضعف الإمكانيات، وضعف كفاءة المنظومة الصحية نفسه بما يعنى طريقة عملها وفقًا لنظام مدروس وعلمى ومتناسق يجعل العاملين بالنظام الصحى من جهة يعملون بنظام محدد يشعرون من خلاله بالانسجام والارتياح؛ ويشعر متلقى الخدمة بالرضا عنها من جهة أخرى. الإنفاق على الصحة أمر مهم وضرورى لو أردنا تحسين أحوال المنظومة الصحية، ولكنه لا يزال غير كافٍ. فلابد أن تلحق به رغبة وإرادة فى إجراء تغييرات هيكلية فى عمل هذه المنظومة بشكل يضمن رضا كل من مقدمى الخدمة ومتلقيها على السواء.

■ ■ ■

والحقيقة هى تردى الخدمات بشكل عام. لم يعد من السهل السكوت عليه وتقبله فى زمن بات فيه كل شىء سهل النقل والتوصيل. فالتعتيم ببساطة ليس ممكنًا، لأن المواطن أصبح الآن قادرًا على أن يكون صحفيًا معبرًا وناقلًا للأحداث التى تزعجه أو تهينه أو لا ترقى لمستوى تطلعاته فقط باستخدام هاتفه الجوال وتصوير الأمر بالصوت والصورة.

■ ■ ■

لذا فقد حان الوقت أن نعرف أن أزمة كورونا جاءت لتكشف عن مشكلة حقيقية فى أولويات التنمية والإنفاق عليها؛ كما أنها فى الوقت نفسه جاءت لتؤكد أننا فى زمن مختلف لم يعد فيه التسليم بالأمر الواقع مقبولًا، ولا الكتمان ممكنًا.

الكاتبة باحثة سياسية في منتدي البدائل العربي للدراسات وباحثة دكتوراه في جامعة جرونوبل بفرنسا

نقلا عن المصري اليوم

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *