فداء المرايات تكتب: البطالة.. صنيعة التراخي في لوحة الإهمال

قسم : أراء حره

البطالة التحدي القديم الجديد في المجتمعات والبلدان العربية، إن هذا التحدي القابع في موقعه منذ سنوات ، بل والمتزايد طرديا بزيادة السنوات وبالتوازي مع المستجدات من تحديات جديدة داخلية وخارجية تلقي بظلالها على الاقتصاد والدولة.

ولم تكن بداية هذا الملف بمنأى عن الفساد والتنفيعات والرشاوي وتوارث المناصب ولكن لعبت أيضا على المحور الخارجي صراعات المنطقة وتداعيات للجوء وانكماش في حركة التجارة وغياب العلاقات البينية الاقتصادية الفعالة بين الدول العربية الأمر الذي فرض المزيد من الاجراءات الآنية في الداخل الأردني من ارتفاع للاسعار وقفزات في الضرائب والذي انبثق منه غلاء المعيشة وضعف في الإيرادات وافلاسات لشركات ومصانع كبيرة وفجوة كبيرة صنعتها ظروف الداخل بالتنفيع وظروف الخارج بالواقع الصعب والتخلي وغيرها ..

إن جميع هذه التحديات التي تكالبت على الواقع أدت إلى ارتفاع مؤشرات الفقر والبطالة وتمخض عن هذه التحديات التهالك المجتمعي والتآكل الاقتصادي الذي بدوره أضعف من قدرة الأسرة الأردنية الواحدة على التكيف والتمكن من العيش بأمن مالي وبقدر وفير من الكرامة بعيدا عن هاجس الحاجة وشبح البطالة .

وفي السنواث الثلاث الأخيرة بات هنالك الآلاف من حملة الشهادات العلمية الجامعية على نطاق أكاديمي وآخر مهني ، بدءا من الشهادة الجامعية الأولى وحتى شهادة الدكتوراة ، باتوا ينتظرون بارقة أمل في عالم البحث عن وظيفة تؤمن لهم عيشا كريما وتكون نتاج واقعيا يحاكي عناء رحلة التعلم كفائدة مرجوة من الشهادة وانتاجية واستفادة فعلية منها للعيش بأمن واكتفاء ..

ومع بداية العام الجديد ارتفعت نسبة البطالة  لمستويات كبيرة، في قفزة مرعبة وباعثة على الخوف والقلق على مصير الشباب والآلاف من الباحثين عن عمل والذين انضم إليهم أعداد جديدة في معدل تراكمي يتزايد لا يتناقص ، وكان الفاعل القوي والمحرك في هذا الرقم المضاف إلى الرقم الكبير الاساسي هو جائحة كورونا التي أقعدت المئات من وظائفهم نتيجة توقف عجلة السوق وحركة الاقتصاد وعدم قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على دفع الرواتب في مدد التعطل الطويلة.

في هذه اللوحة المعقدة نسمع جعجعة ولا نرى طحنا من خطط وخطابات مغيبة كل التغييب عن خطة تنموية شاملة تنهض بالاقتصاد وتبني بيئة آمنة وحقيقية وجاذبة للاستثمار وتخفض الضرائب على التجار والمحلات ليستمروا في دعم موظفيهم بدلا من تسريحهم وكما ويتعين عليها أن تستعيد الملايين من الأيادي السوداء من الفاسدين.

أما العدد الكبير من العاطلين عن العمل حاليا فيجب البحث عن وظائف تليق بهم وتتناسب واختصاصاتهم وحاجاتهم وفتح سبل التعاون في ابتعاثهم لدول الجوار وغيرها من البلدان التي تبحث عن هجرة منتقاة ووظائف مكتبية وإعمالا وأعمالا مختلفة وحتى يحين موعد الحصول على الوظيفة يتعين على الحكومة توفير راتب خاص لكل متعطل إلى أن يتم تأمينه بعمل ، وإن كانت الموازنة تحتضر وتنهار في شكل من أشكال التحمل والمقاومة فالأجدر هو إعادة النظر بعين متفحصة ومتحمصة لمئات العطاءات التي تنساب منها الملايين في جيوب الفاسدين ، فهذه الأموال كفيلة في انعاش مئات الأسر ونهضة أجيال من الشباب الذين بسواعدهم يبنون الوطن وينعشون اقتصاده بعملهم الدؤوب لا بعطاءات للطرق والمباني مكشوفة الفساد مملوءة العيوب ..

ومن هنا نختم بأن جائحة كورونا عرت التخبط وكشفت حجم التراخي ، فلو أن هنالك خططا فعلية لكان وقع الضرر أقل حدة على المشهد العالمي الحالي.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *