أكثر مالفت نظرى عند متابعة قضية قرار الجمعية العمومية لشركة الحديد والصلب بحلوان والتى تهيمن عليها تمامًا الشركة القابضة للصناعات المعدنية بتصفية شركة الحديد والصلب بحلوان ، والذى فرضه هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام ، هو أن الوزير و أعضاء تلك الجمعية العمومية لم يشرفوا تلك الشركة العملاقة التى يقررون تصفيتها ولو بزيارة ميدانية واحدة للتعرف عليها وعلى مشكلاتها وقياداتها وعمالها على الطبيعة .
على النقيض من ذلك فإن العمال والمهندسين الذين يتمسكون بالحفاظ على الشركة وانقاذها و وتحديثها وتطويرها هم الأدرى بها ، وكثيرون من المهندسين والفنيين يخوضون معركة الدفاع عن شركة الحديد والصلب فى حلوان رغم أنهم يمكن أن يحصلوا على أجور أعلى فى شركات خاصة واستثمارية . إنها قضية حياة ووجود لهؤلاء الكوادر البشرية التى لا تقدر بثمن ، والذين يمثلون خلاصة الوطنية المصرية .
ويلفت النظر ذلك الإصرار الغريب للوزير على التصفية رغم ماتمثله تلك الشركة من أهمية استراتيجية للاقتصاد المصرى ، ولمستقبل التنمية المتمحورة حول الذات حيث أنها صناعة محورية ترتبط بها عشرات الصناعات فى سلاسل الإمداد والتسويق وذات علاقات خلفية وأمامية بالغة التعدد .
ومن الغريب جدا أن الوزير أصدر تصريحات تستخف بالشركة وتقلل من قدرها لدرجة التصريح بأنها لاتسوى عشرة قروش . كما أنه ادعى على غير الحقيقة بأنهم انتهوا لأن التصفية هى الحل الوحيد ولا توجد اى إمكانية لاستمراريتها .
ولكى يصل لتمرير التصفية أبدى استعدادا لتدبير مبالغ مالية قد تصل إلى ٢ مليار جنية لتعويض العمال واقناعهم بالموافقة على ذلك المخطط ، مع أن الثابت أن المطلوب لخطة انقاذ عاجلة للشركة لايزيد عن هذا المبلغ وفقا للخطة التى أقرتها قيادات الشركة ، ورفض الوزير السماح لرئيس مجلس إدارتها بعرضها فى الجمعية العمومية المشار إليها .
إن مقترح الشركة للإنقاذ والتطوير ليس فى الواقع سوى واحد من مقترحات متعددة فى هذا المجال أبرزها تقرير تاتا ستيل البريطانية للإستشارات فى عام ٢٠١٤ والمحدث عام ٢٠١٨ ، ودراسة بنك الاستثمار القومى، ودراسة الخبراء المستقلين من بينهم دكتور احمد النزهى والدكتور مختار خطاب ، وكلها انتهت لأهمية شركة حلوان الصلب التى تعتبر الشركة الوحيدة فى مصر التى تتميز بتكامل العملية الإنتاجية اعتمادا على الخامات المحلية ، وانتهت كلها لإمكانية تخطى الخسائر بخطة انقاذ عاجلة ومن ثم الانتقال للمراحل التالية فى التطوير و التحديث.
كما أن لدى الشركة بالفعل عروض عديدة للتحديث من شركات أوكرانية وروسية وغيرها ، وسبق أن تدخلت الشركة القابضة لإلغاء مناقصة تطوير الشركة فى عام ٢٠١٧ بعد أن تم الاتفاق عليها . وكل هذا يؤكد أن التخسير العمدىللشركة كان مستهدفا من الشركة القابضة ومن وزارة قطاع الأعمال
فلصالح من يخرج علينا الوزير بتصريحاته ومواقفه بأنه لا إمكانية لتشغيل الشركة ولا المحافظة عليها وأنه لابد من تصفيتها ؟
للجميع نقول المحافظة على شركة الحديد والصلب فى حلوان ضرورى وممكن وهو مطلب ملح للتنمية الاقتصادية الحقيقية فى مصر من أجل تطوير قاعدة صناعية حقيقية من الصناعات الثقيلة والأساسية وخلق فرص عمالة دائمة ليس فقط داخل الشركة بل أيضا فى مختلف تلك القطاعات.