في تباين صارخ مع المعطيات العالمية و التصريحات الحكومية ، صرح المهندس متي بشاي، رئيس لجنة التجارة الداخلية والتموين بالشعبة العامة للمستوردين، أن زيادة أسعار البنزين بمشتقاته ، لن تؤثر على أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية أو على تدفق حركة البضائع، نظرا لإبقاء الحكومة أسعار السولار المستخدم في نقل البضائع كما هي بدون زيادة، وكذلك الابقاء علي سعر المازوت دون زيادة.
يأتي هذا التصريح في الوقت الذي يشهد فيه العالم ، موجة غلاء غير مسبوقة .. وتصريحات مسبقة من وزير المالية الدكتور محمد معيط الذي قال: [ “بأن مصر جزء من العالم، وارتفاع الأسعار آت لا محالة”] .
فيما أن تصريح ” بشاي” جاء متناقضاً مع تصريحات ” المالية ” أو ربما يهدف إلى تسكين الأجواء قبل هبوب العاصفة فقد قال في تصريحه : “إن إبقاء الحكومة علي ثبات أسعار السولار وكذلك المازوت أمر في غاية الأهمية واصفاً القرار بالجيد والذي يراعي محدودي الدخل وكذلك الصناعة المصرية، لأنهما المستخدمان في النقل والتصنيع، وبالتالي [ لن تكون هناك زيادة في أسعار نقل السلع الغذائية والاستهلاكية، وأيضا لن ترتفع السلع بالمصانع ]، نظراً لثبات سعر المازوت المستخدم في التصنيع”.
وقالت وزارة البترول والثروة المعدنية، في بيان الأمس الجمعة، إن قرار زيادة أسعار البنزين، جاء نتيجة ارتفاع أسعار البترول وزيادة طفيفة في أسعار صرف العملة الأجنبية.
تصريحات و بيانات دولية
و مع تضارب التصريحات المقدمة من قبل الحكومة ، و المخاوف الشعبية في وقت تزيد فيه مستويات الفقر حذر صندوق النقد الدولي من ارتفاع وشيك في أسعار السلع والمواد الغذائية خلال الفترة المقبلة بدول شرق أوسطية عديدة منها – مصر – ، خاصة مع ظهور بعض مؤشرات تؤكد ارتفاع معدلات التضخم.
كما ارتفعت أسعار الغذاء الدولية بنسبة 47.2% لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2014 خلال شهر مايو 2021، على سبيل المثال وخلال الفترة بين مايو 2020 ومايو 2021، ارتفعت أسعار فول الصويا والذرة بأكثر من 86 و111 في المئة على التوالي ، مما يشير إلى استحالة ثبات سعر المواد الغذائية المستوردة في مصر.
و بحسب ” وكالة بلومبرج” : فإن اندلاع أزمة الطاقة الحالية بالصين تعد أحدث صدمة لسلاسل التوريد العالمية ، إذ تضطر المصانع في أكبر دولة مصدرة في العالم لتقليص استهلاك الطاقة من خلال تقليل الإنتاج مما سيزيد من أسعار السلع المنتجة نتيجة لقلتها في الأسواق و لارتفاع أسعار الطاقة التي تم تصنيع هذه السلع من خلالها ، و من هنا فإن أكثر الدول تاثراً بهذه الأزمة هي الدول التي يقل فيها الاكتفاء الذاتي من المواد و يزيد فيها معدلات الاستيراد .
ووفقاً لتصريحات ” متى بشاي ” فإن مصر تستورد من الخارج 60% من مستلزماتها ، و من هذه النسبة نقدم الصين وحدها 40% من إجمالي البضائع المستوردة في مصر.
ارتفاع أسعار البنزين
هذا و يشار إلى أنه قد تم تعديل سعر بيع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة اعتباراً من الساعة التاسعة صباحاً كالآتى 7 جنيهات للتر البنزين 80 و 8.25 جنيه للتر البنزين 92 و 9.25 جنيه للتر البنزين 95 وتثبيت سعر بيع السولار عند 6.75 جنيه للتر.
ولم ينكر “رئيس لجنة التموين والتجارة الداخلية”، إلي أن السوق تشهد حالة ركود في المبيعات تأثراً بزيادة أسعار الشحن عالمياً، وتوقف المصانع بالصين التي تأثرت بأزمة الطاقة العامية ، إلا أنه بدلاً من أن يخبر بخطورة ذلك على الاقتصاد المصري فقد صرح بتوقعه – الفريد – في أن تشهد الأسواق تحسناً خلال الفترة المقبلة و بر ذلك التوقع بأنه سيكون نتيجة لعودة الحياة لطبيعتها بشكل كامل مع دخول المدارس والانتهاء من تطعيمات كورونا التي تسعي الحكومة بشكل حثيث للانتهاء منها خلال الفترة القليلة المقبلة.
نتسائل مع هذه التصريحات المتضاربة ، عن جدوى الاستمرار بعدم انتهاج الشفافية التي تفقد مصداقية تصريحات المصادر الحكومية يوماً بعد يوم ، و تُلجيء الشعب المصري إلى المصادر الخارجية التي يتصادف بأنها تكون في الغالب أكثر مصداقية ، و رغم خطورة انتهاج أن تستمد الشعوب أخبارها من الخارج لا من الداخل إلا أن التصريحات المتضاربة و التي يشيه بعضها الأدوية المخدرة هي التي تعطي بطاقة خضراء للشعوب للخروج عن المألوف و فقد الثقة و الذي يؤثر على سياسة و اقتصاد الدول على المديين القريب و البعيد .