الأمم المتحدة | طبقاً للإحصائيات والتقارير الدولية الصادرة عن منظمة العمل الدولية فإن طفلا واحدا من بين كل عشرة أطفال على مستوى العالم، ينخرط في عمل، ما وهو ما جعل الأمم المتحدة تعلن عام 2021 عاماً دولياً للقضاء على عمل الأطفال.
وفي اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال تبذل الحكومة المصرية جهودا كثيفة للقضاء على الظاهرة بالتعاون مع منظمة العمل الدولية لوضع خطة وطنية للقضاء على الظاهرة بحلول عام 2025.
وفي مصر شكلت وزارة القوى العاملة لجنة مع مكتب منظمة العمل الدولية لمصر لتنفيذ الخطة الوطنية لمكافحة عمل الأطفال ودعم الأسرة في مصر، وتهدف اللجنة إلى القضاء على عمالة الأطفال.
ووفقا لما ورد باتفاقية منظمة العمل الدولية 182 لسنة 1999 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال، والتي توجب على البلدان المصدقة على الاتفاقية وضع قائمة بالأعمال الخطرة المحظورة على الأطفال تحت سن 18، بالتشاور مع أصحاب العمل والعمال، لإصدارها تشريعيا وتنفيذ العمل بها.
ولإلقاء الضوء على الخطة الوطنية لمكافحة عمل الأطفال بنهاية عام 2025، نظمت منظمة العمل الدولية بمصر حوارا مجتمعيا ومشاورة إعلامية شارك فيه عدد من المتخصصين.
حيث يقول مدير مكتب منظمة العمل الدولية بمصر “إيريك أوشلان”، خلال افتتاحه فعاليات المشاورة الإعلامية حول “التناول الإعلامي لظاهرة عمل الأطفال”، إن هدف المشاورة الإعلامية هو تعزيز مهارات الإعلاميين حول المفاهيم والتعريفات الخاصة بعمل الأطفال المستمدة من التشريعات الوطنية والدولية؛ ما يسهم في رفع الوعي ودعم التأييد الإعلامي والمجتمعي للإسراع بالقضاء على عمل الأطفال في مصر، ولا سيما في إطار مبادرات الحماية الاجتماعية التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومضي “إيريك أوشلان” قائلاً:
“بدأنا العمل بالفعل مع وزارة القوى العاملة وعدد من الأطراف المعنية لوضع خطة وطنية لمكافحة عمل الأطفال، وذلك منذ ثلاث سنوات، حيث شاركت فيها سبع عشرة هيئة، ووضع آلية محددة لتنفيذ هذه الخطة. أما بالنسبة لمشروع وبرنامج الإسراع في القضاء على عمل الأطفال في سلاسل التوريد، والذي يركز في مصر على محصول القطن، بدءا من زراعته وحتى مصانع الغزل والنسيج، بهدف إخراج الأطفال من هذه السلسلة، ما شكل صعوبة بالغة لكون هؤلاء الأطفال الذين يعملون في هذه السلسلة ينتمون لأسر وعائلات تحتاج لتمكين اقتصادي. لذا كان لا بد من أن نوفر البديل الاقتصادي المناسب مع تشجيع الأسر للحرص على تعليم أطفالهم. كما تعمل منظمة العمل الدولية مع وزارة التضامن الاجتماعي لحماية الأطفال في العمل، وما زالت هناك مشاورات مع البرلمان ووزارة القوى العاملة لتعديل بعض التشريعات الخاصة بهذا الشأن”.
ويعد القضاء على ظاهرة عمل الأطفال من أبرز الأهداف التي أقرتها منظمة العمل الدولية، وتم إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام “عاما دوليا للقضاء على عمل الأطفال”، للتشجيع على اتخاذ الإجراءات التي من شأنها أن تساعد في إنهاء عمل الأطفال، حيث إنه العام الأول بعد التصديق العالمي على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 لعام 1999 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال.
ويقول “محمد عبد الفتاح” المنسق الإعلامي بوزارة القوى العاملة إن الوزارة مع الشركاء كمنظمة العمل الدولية يعملون على تنفيذ الخطة الوطنية (2018 -2025) من أجل القضاء على عمل الأطفال:
“تم إطلاق الخطة الوطنية لمكافحة عمل الأطفال من عام 2018 إلى عام 2025 ونحن اليوم نشارك منظمة العمل الدولية من خلال هذه المشاورة الإعلامية بهدف الترويج إعلاميا بالخطة الوطنية لمكافحة عمل الأطفال وتعريف المواطنين بها ودور الشركاء فيها ونحن كوزارة قوي عاملة نحرص كل الحرص مع الشركاء خاصة هيئات الأمم المتحدة لا سيما منظمة العمل الدولية وبرنامج الأغذية العالمي واليونيسكو لدعم قضايا الأطفال بشكل عام كما ننفذ مع منظمة العمل الدولية مشروع العمل اللائق ومشروع الإسراع في القضاء على عمل الأطفال في سلاسل توريد القطن”.
ووفقا لإحصاءات منظمة العمل الدولية، يُقدر عدد الأطفال العاملين بالعالم بأكثر من 160 مليون طفل، منهم 79 مليونا يعملون في أعمال خطرة، وهم أكثر عرضة لخطر مواجهة ظروف أكثر صعوبة والعمل لساعات أطول؛ حيث يتعين عليهم المساهمة في دخل الأسرة في سن مبكرة جدا، وتقول الكاتبة الصحفية نسمهار سيد مساعد رئيس تحرير الاهرام ويكلي إننا بالقضاء على عمل الأطفال نحفظ حقهم في الحياة والتعليم وبيئة صحية سليمة:
“من خلال لقاء الإعلاميين اليوم بمسؤول في منظمة العمل الدولية والشركاء شعرت أن قضية عمل الأطفال لا تأخذ الاهتمام الذي ينبغي أن يكون لها، واكتشفنا أن القضية تؤثر بالسلب على الدولة ككل تأثيرا اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا ليس فقط على الأطفال وأسرهم وإنما على المجتمع. فالطفل الذي يعمل بأجر فهو غالبا ما يترك مدرسته وطفولته، تاركا حقه في اللعب والتعليم وحياة صحية سليمة، لأنه يعمل في ظل ظروف صحية صعبة تهين صحته على المدى القريب والبعيد. ولابد لنا كإعلاميين من مد جسور التواصل مع الأطفال وأسرهم لنعرف منهم الأسباب التي تدفعهم لعملهم، ونطرح ما تقدمه الهيئات كمنظمة العمل الدولية والوزارات المعنية، كالقوى العاملة والتضامن الاجتماعي، من دعم وتمكين اقتصادي لهذه الأسر وتحفيزهم للحرص على تعليم أطفالهم”.
وعلى طريقة “داوني بالتي كانت هي الداء”، ولمكافحة عمل الأطفال، أنشأت وزارة التضامن الاجتماعي عددا من مراكز الطفل العامل التي تقوم بتنشئة الطفل وتنمية مهاراته، مع تمكين أسرته اقتصاديا، والتأكيد على ضرورة استمرار الطفل في تعليمه، كما تقول الدكتورة “أماني عبد الفتاح” مسؤولة ملف الطفل العامل بوزارة التضامن الاجتماعي:
“تهدف مراكز الطفل العامل إلى رعاية وتنمية مهارات الأطفال، وليس بهدف مساعدته للاستمرار في العمل، والحد من عمل الأطفال والعودة للمدارس والانخراط في التعليم. ويمارس الأطفال داخل المركز النشاط الثقافي والاجتماعي والرياضي والترفيهي. كما نوفر لهم ورشا تدريبية وتعليمية على حرف معينة، من الممكن أن تساعدهم في المستقبل، وتدر عليهم ربحا. كما نعقد عدة جلسات وندوات توعية للأطفال وأسرهم، تركز على أضرار وخطورة عمل الأطفال. ومنذ نحو أسبوعين، عقدنا اجتماعا لمسؤولي مراكز الطفل العامل، وتم التأكيد على ضرورة متابعة الأطفال للاستمرار في التعليم وصفوفهم الدراسية المختلفة”.
وفي مركز الطفل العامل بمحافظة الفيوم بصعيد مصر، التقيت بطفلين يعملان، يتحدثان عن كيفية التوفيق بين العمل والدراسة:
“محمود ما طبيعة عملك؟
أعمل في المحارة ومواد البناء.
كيف تقضي يومك؟
عندما أستيقظ أصلي وأتناول الإفطار ثم أمضي للعمل، وأستمر حتى وقت العصر.
هل يحدث هذا أثناء الإجازة؟
لا بل أثناء الدراسة أذهب للمدرسة يومين في الأسبوع فقط، وربما أتغيب بعض الأيام بسبب ضغط العمل، الذي يتسبب في تآكل يدي خاصة، إذا بقيت فترة طويلة أستخدم مواد البناء، خاصة الأسمنت.
كيف يعاملك صاحب العمل؟
أحيانا يعاملني جيدا أما إذا أخطأت يوبخني وينهرني ويشتمني.”
—-
“عبد الله
كم عمرك؟
ستة عشر عاما.
في أي مجال تعمل؟
أعمل في مواد البناء.
هل أنت من قررت العمل أم والدك؟
والدي قال لي لتعمل كي تساعدنا ماديا.
كم أجرك؟
خمسون أو أربعون جنيها.
وكيف يعاملك صاحب العمل؟
يعاملني بشكل جيد.
وكيف تقضي يومك هنا في مركز الطفل العامل؟
نقضي وقتا طيبا نلعب ألعابا رياضية ونتحاور مع أقراننا من الأطفال ونتابع بعض الندوات الثقافية المفيدة
وبما تحلم في المستقبل؟
أتمنى أن أصبح طبيبا.”
مع إعلان الأمم المتحدة هذا العام عاما دوليا للقضاء على عمل الأطفال، تصبح الفرصة في الخطة الوطنية المصرية مواتية لتضافر جهود الحكومة وأصحاب العمل والعمال، من أجل تحقيق الهدفين السابع والثامن من أهداف التنمية المستدامة لإنهاء عمل الأطفال بحلول عام 2025.