أشعل قرار وزير الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، إلغاء صناديق التبرعات في المساجد، حالة من الجدل، بسبب الاعتماد عليها لسداد فواتير الخدمات والصيانة الدورية، وعدم معرفة كيفية استمرار المساجد من دون تلك الخدمات، في ظل امتناع الوزارة عن دفع تلك الفواتير مؤخراً.
وحددت الوزارة للمساجد مهلة 10 أيام لإزالة صناديق التبرعات وتوفيق الأوضاع، وبررت تلك الخطوة بالسيطرة على أموال التبرعات، ومنع التجاوزات المترتبة عنها. وخصصت حساباً بنكياً تحت اسم “عمارة المساجد” لتلقي الأموال من المتبرعين.
و كان قد أصدر وزير الأوقاف، قرارا وزاريا يوم الجمعة، بشأن قواعد وضوابط وحوكمة عملية التبرعات العينية والنقدية بالمساجد، يتضمن تنظيما دقيقا لعمليات التبرع بها، بحيث لا يسمح لأي شخص بجمع أى أموال تحت أي مسمى بالمساجد بالطريق النقدي، وعدم السماح بوضع أي صناديق بها، باستثناء ما ينظمه القانون بشأن صناديق النذور بمساجد النذور المحددة بالقانون، كما ينظم القرار آلية قبول أي تبرعات عينية مع الالتزام بكافة الإجراءات القانونية والإدارية لقبولها.
و أكد وكيل وزارة الأوقاف المصرية لشؤون الدعوة “أيمن أبو عمر” أن “مصر ستدخل مرحلة جديدة عالمية تسعى فيها لحوكمة كل الأمور المالية، وأن القرار أحد الصور التنظيمية لعمليات التبرع داخل المساجد”.
ونفى “أبو عمر” استقبال أي تبرع نقدي إلا من خلال حساب رسمي لأحد البنوك الخاضعة لإشراف البنك المركزي المصري أو الهيئة القومية للبريد، مضيفا أن “الحسابات المتاحة إما صندوق عمارة المساجد أو تبرعات البر وخدمة المجتمع”.
وأكد أن “مساجد الطرق الصوفية لم ترفض القرار”، مشيرا إلى أن “مساجد النذور بها قانون ينظم الصناديق الموجودة بتلك الأماكن، بالشراكة مع الطرق الصوفية دون خلاف أو اعتراض”.
وعن سبب استثناء مساجد النذور من القرار، أوضح أن “عليها رقابة كافية والتزاما كافيا ومفتاح الصندوق في المديرية والوزارة ولا يفتح إلا بإشراف لجنة مشكلة”.
إلا أنه قد تساءل بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي ، عن مصير الأوقاف التي تديرها الوزارة، والتي حققت عائداً في العام الماضي بلغ حوالى مليار و800 مليون جنيه، وأصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في سبتمبر/أيلول الماضي قانون صندوق الوقف الخيري رقم 145 لسنة 2021 الذي يهدف إلى تشجيع نظام الوقف الخيري لإقامة ورعاية المؤسسات العلمية والثقافية والصحية والاجتماعية و والمساهمة في تطوير العشوائيات وأهداف للحد من ظاهرة أطفال بلا مأوى والمشردين.
و في ظل عدم تقديم الكثير في هذه المجالات مقارنة بالمشاريع الاستثمارية ، و في ظل بقاء مشكلات عالقة و كبيرة متعلقة بالمشردين و كبار السن و القطاعين التعليمي و الصحي ، إلى جانب تركيز الدولة على هدم العشوائيات بدلاً من تطويرها ، يتسائل العديد من أبناء الشعب المصري عن قيمة الحوكمة المالية إذا كان الفقير سيمول الغني و إذا كانت التبرعات ستصل إلى بناء سجون و مشاريع استثمارية بدلاً من بطون الجياع و أسقف للمشردين .
و الجدير بالذكر أن المجتمع المدني الذي كان يضعف في جانبه السياسي و الحقوقي بالسنوات الأخيرة ، بيد أنه كان قوياً لحد كبير في الجانب الخيري و هو ما جعل فقراء مصر صامدين أمام توالي الغلاء مقارنة بالأجور لوجود تكافل اجتماعي وطيد ، يرفع رايته معروفين و مجهولين ،أفراداً و جماعات ، رجالاً و نساءاً ، و كان هناك دور كبير للمساجد و الكنائس في هذا المجتمع ، مما يدفعنا للتساؤل عن أسباب تقويض الدعامة التي يتكيء عليها الفقراء ،في الوقت الذي لا تقدم الحكومة للفقراء سوى هدم منازلهم – كما يحدث في البحيرة – أو غلق المرافق الخدمية – كما يحدث بالوراق – أو وقف تعيينات التربية و التعليم كما يحدث في جميع أنحاء مصر.