بعد زيارة رئيس الشاباك الإسرائيلي لمصر .. قرار مصري بتهجير الآلاف من سكان العريش المصرية قسرياً

قسم : تقارير

في اليوم التالي لزيارة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) الجديد، رونين بار للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم 14 نوفمبر ،أصدر الرئيس قراراً رئاسياً بتوسعة ميناء الصيد البحري ، و الذي سيستلزم توسعته هدم آلاف المنازل لمواطنيين مصريين.

و هكذا استفاق أكثر من 7000  أسرة “عرايشية ” في  شمال سيناء، على ما وصفوه بـ”الفاجعة” بعدما بدأت الطواقم التابعة للبلديات في المكان بوضع علامات تفيد بإدراج منازلهم ضمن مخطط حكومي يقضي بهدمها كلياً، وذلك لتوسعة ميناء الصيد البحري، وسط تجاهل حكومي ورسمي لاستغاثاتهم التي أطلقوها عبر منصات التواصل الاجتماعي.

و عم غضب كبير على منصة تويتر في مواقع التواصل الاجتماعي لدى مشاهدة رواد الموقع استغاثات أهالي العريش التي قامت بإعدادها صفحة “مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان”.

و قد قالت أم أحمد “هو اسم مستعار” في حديث هاتفي  إنها لا تعرف ما الذي يجب عليها فعله إذا ما أصبح القرار ساري المفعول، لا سيما أنها وآلاف العائلات في المنطقة تقيم منذ عشرات السنين، وجميعهم سيطالهم قرار الإزالة والتهجير القسري.

 

ولفتت المواطنة، التي رفضت الكشف عن اسمها، خوفاً من أن يلحقها ضرر، إلى أنها بنت منزلها عام 2007 برفقة زوجها الذي وافته المنية بعد عناء طويل من أجل توفير ثمن بناء المنزل الذي أصبح اليوم عرضة للفناء، مؤكدةً  أنها عانت الويلات من أجل بنائه “طوبة طوبة”، على حد تعبيرها.

وشددت خلال حديثها على أن القرار الذي وصفته بـ”غير العادل” جاء ليقضي على أحلامها بتزويج ابنها وابنتها، التي  كانت تبحث لها عن منزل قريب منها قبل الإعلان عن القرار المذكور.

كما أوضحت أن القرار الذي يجري العمل على تنفيذه حالياً، بدأ أول مرة عام 2019، لكنه لم يكن قابلاً للتطبيق، ومن ثم عاد الحديث عنه نهاية 2020، فيما بدأ يدخل حيز التنفيذ قبل نحو أسبوع.

 

وعبرت أم أحمد عن صدمتها من القرار “الجائر ” بحق سكان حوض ميناء العريش، الذين تحملوا خلال العاميين الماضيين كل المعارك التي شهدتها المنطقة جراء التفجيرات التي نفذها تنظيم “الدولة”.

وتابعت: “لأشهر عديدة عشنا في الخوف والقلق والتوتر جراء العمليات العسكرية وعمليات التفجير ومع ذلك صمدنا وصبرنا ولم نغادر ولم نخرج من منازلنا، وبعد هذا كله تأتي الدولة لتسلبنا هذا الحق”.

وأضافت: “كم من العمر احتاج لأعيد بناء منزلي في حال طردت منه، هنا يعيش عشرة أشخاص من بينهم نساء وأطفال”، مشددة إلى أن الشارع سيكون المكان الوحيد الذي يمكن أن يأويهم.

 

“سوسن”، التي فضلت عدم ذكر اسمها أيضا، أكدت لـ”القدس العربي” أن العبء الأكبر في عمليات التهجير القسري التي يتعرض لها الأهالي في المنطقة، تقع على عاتق المحافظ ونواب البرلمان الذين يتنصلون من مسؤولياتهم في إيصال صوتهم للرئيس عبد الفتاح السيسي.

وعن هذا قالت، “ناشدنا كل النواب وحتى المحافظ وجميعهم ينكرون صلتهم بالأمر ويدعون أن القرار رئاسياً رغم مطالبتنا المتكررة بضرورة إيصال صوتنا إلا أن أحداً لم يسمعنا”.

ونوهت بأن ما يجرى يعد جريمة بحق السكان هناك، مستنكرة عدم تناول الإعلام المصري لمثل هذه القضية بالشكل الذي يليق بحجم معاناة الناس فيها.

وحول الأسباب المعلنة لقرارات الإخطارات التي أبلغ بها البعض، تقول إن ما تم تداوله يؤكد أن العمل سيجري على بناء مخازن تتبع للميناء، موضحة أن مئات الدونمات الواقعة بعيداً عن منطقة سكنى الناس يمكن  إنشاء المخازن فيها فيما يتم تعبيد طريق يوصل إليها ويربط بينها وبين الميناء.

كما نفت المواطنة المصرية الادعاءات التي تقول إن سكان المنطقة أنشأوا منازلهم بوضع اليد فيها دون حصول على تراخيص، مؤكدة أن ذلك عار عن الصحة، وأن جميع الأهالي في المنطقة حصلوا على تراخيص حكومية بشكل قانوني من أجل بناء منازلهم.

كما أوضحت أنه لم يجر حتى اللحظة الحديث عن تعويضات الأهالي حول الخسائر الفادحة التي سيتعرضون لها، وأن كل ما يجري الحديث عنه من تعويضات لن يتجاوز ما نسبته 10 بالمئة من قيمة ما تكلفوه لبناء منازلهم.

وقالت “سوسن”: “من اتخذ القرار أو من أوصل لصاحب القرار أن هذه المنطقة يعيش فيها الناس في أقنان دجاج كان واهماً. الحقيقة أننا نعيش في منازل على طراز عال وبعض منا يعيش في فلل فاخرة”.

وأردفت: “صحيح أننا نعيش في منطقة سياحية ومن حق الدولة أن تنتفع  منها، ولكن ليس على حسابي أنا كمواطنة”.

وحول الخطوات العملية التي سيتخذها الأهالي لمنع عمليات الهدم والتجريف التي تجري بحقهم، قال بعض الأهالي، في أحاديث متفرقة ،بأنهم يعملون على تفعيل قضيتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي لإيمانهم بالدور الذي تؤديه، ويحاولون الوصول بهاشتاع “نعم للتنمية لا للتهجير” ليتصدر الترند خلال الساعات القادمة.

فيما شدد آخرون على أنهم لن يغادروا منازلهم، لو تكلف الأمر أن يفقدوا حياتهم، مطالبين الرئيس المصري بضرورة إعادة النظر في القرار الذي يعتقدون أنه اتخذ دون علم أو أوامر مباشرة منه.

في السياق، ذكرت منظمات حقوقية تنشط في سيناء أن القرار الرئاسي سيبتلع أضعاف منطقة رفح العازلة التي شرعت الحكومة المصرية ببنائها على الحدود مع قطاع غزة مطلع عام 2018، بحجة منع العمليات الإرهابية في سيناء.

وأكد هؤلاء أن جزءاً منهم هُجرّ مرتين، فبعضهم كان يسكن فيما يعرف بـ”رفح المصرية” على الحدود مع مدينة رفح  جنوب قطاع غزة، وها هم الآن يواجهون المصير ذاته.

وفي الوقت ذاته، تحدث مختصون في شؤون سيناء لوسائل إعلام محلية عن أن القرار الرئاسي الذي أصدره السيسي يأتي ليبلتع منطقة يبلغ محيط قطرها 5000 كيلومترات، وأن عمليات إخلاء العريش تتم عبر ثلاث مراحل؛ المطار والميناء وما تبقى من المدينة.

أما الميناء البحري بالعريش والذي كان مخصصا للصيد فقط، فإن القرار الجديد يقوم على توسعته بطول المدينة شرق الميناء (مسافة 5 كيلومترات) مع اقتطاع جزء من المدينة حتى الشارع الدولي (مساحة إجمالية 10 كيلومترات مربعة)”.

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد بينت في تقريرها الصادر في مارس/آذار 2021 أنه من أجل بناء تلك المنطقة العازلة حول المطار فقد تم هدم أربعة آلاف مبنى في العريش، بين 4 ديسمبر/ كانون الأول 2017 وحتى الأول من يوليو/تموز عام 2020.

وقالت “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها الذي جاء بعنوان “عمليات التهجير القسري في سيناء” إن العمليات المستمرة للجيش المصري لهدم المنازل والإخلاء القسري أثناء الصراع المسلح في محافظة شمال سيناء هي انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، أو قوانين الحرب، وتشكل، على الأرجح، جرائم حرب.

وفي التقرير، قال جو ستورك، نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة الدولية : “على مدى السنوات السبع الماضية، طرد الجيش المصري في شمال سيناء بشكل غير قانوني عشرات آلاف السكان، ودمر منازلهم ومزارعهم وسُبل معاشهم. تعكس عمليات الهدم والإخلاء عقلية رسمية مسيئة لا تهتم بعافية وسلامة سكان سيناء، وهو أمر أساسي لأمن المنطقة واستقرارها”.

و قد أطلق سكان العريش نداءات استغاثة عاجلة من أجل التراجع عن قرار إزالة منازلهم، مؤكدين أنه لا يوجد قوة في الأرض يمكن أن تجبرهم على الرحيل منها، مطالبين الإعلام المصري بأن يولي أهمية أكبر لمعاناتهم، إذ انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي جملة من المقاطع المصورة التي يعبر فيها الأهالي عن حجم تخوفاتهم من بدء تنفيذ القرار.

إن مصر لم تشهد هذا القدر الغير مسبوق من عمليات هدم الأماكن الآثرية و الأضرحة و من ثم منازل المواطنين و محالهم تحت دعوى مخالفات البناء تارة ، و ضرورات التطوير تارة أخرى ، حتى أن المصريين باتوا غير آمنيين داخل منازلهم التي يملكون عقود ملكية لها ، ربما أكثر من أهل الشيخ جراح ، الذين لا تستطيع دولة الاحتلال إخراجهم من منازلهم سوى بقرار محكمة ، و ليس بجرة قلم تمت على الأرجح بعد اتفاق مصري إسرائيلي .

و في الوقت الذي لا تملك مصر القدرة الاقتصادية على توفير مسكن ملائم لكل مواطن مصري ، و لا يمكن لغالبية المصريين شراء منازل جديدة في ظل تفجر الغلاء في الأسواق العقارية ، فإن مصر تزيد الطين بلة على أهالي الوراق و سكان البحيرة ” محور المحمودية ” و أخيراً على سكان العريش المصرية ، مما يثير الدهشة و الاستياء و الغضب لدى الكثيرين من الشعب المصري ،في وقت تحتاج فيه الإدارة المصرية لإرضاء المصريين قبيل انتخابات الرئاسة التي قد تأتي خلال فترة لا تتجاوز الـ 4 أشهر.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *