بعد مرور أسبوع من إعلان الحكومة المصرية حزمة محفزات لدعم سوق المال، واصلت البورصة المصرية، تحقيق أداء سلبي، حيث خسر رأس المال السوقي أكثر من 10 مليارات جنيه (63.6 مليون دولار) وفقد المؤشر الرئيسي 27 نقطة ليتراجع إلى مستوى 11453 نقطة، فيما تحولا مؤشرا الأسهم الصغيرة والمتوسطة والأوسع نطاقا (إيجي إكس 70 وإيجي إكس 100) إلى المنطقة الحمراء بنسبة تراجع 5.24%، 3.4%، على التوالي منذ بداية العام وسط استمرار انخفاض أحجام التداول والتي لم تسجل مليار جنيه في أي جلسة خلال هذا الأسبوع، وفسر خبراء الأمر إلى أن حزمة المحفزات فيما يتعلق بضريبة الأرباح الرأسمالية غير كافية، مطالبين بتجديد تأجيلها، بالإضافة إلى التأثير السلبي لإلغاء بعض عمليات التداول.
وكانت أعلنت الحكومة المصرية، الأربعاء الماضي، حزمة محفزات لدعم سوق الأوراق المالية وتحسين بيئة الاستثمار والأعمال، تضمنت تخفيض مصاريف التداول الخاصة بهيئة الرقابة المالية والبورصة ومصر للمقاصة وصندوق حماية المستثمر من المخاطر غير التجارية، وإلغاء ضريبة الدمغة على تعاملات سوق الأوراق المالية بالنسبة للمستثمر المقيم، و تخفيض الضريبة على الأرباح في الطروحات الجديدة بنسبة 50% أول عامين من صدور القانون، علاوة على عدم فتح ملفات ضريبية للأفراد المستثمرين في البورصة، وستقوم المقاصة باحتساب وتحصيل الضريبة بعد خصم كل المصاريف.
وقال عادل عبدالفتاح، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية العربية (ثمار) لتداول الأوراق المالية، إن حوافز سوق المال التي أعلنت عنها الحكومة المصرية منذ أسبوع تضمنت تعديل طريقة سداد ضريبة الأرباح الرأسمالية فقط، في حين أن المتعاملين بالسوق كان ينتظرون تأجيلها مرة ثانية أو إلغائها، في ظل انخفاض أحجام التداول بالبورصة، الأمر الذي يتطلب جذب طروحات جديدة لتعميق السوق وجذب سيولة جديدة وصناديق استثمار أجنبية لزيادة أحجام التداول.
وكان بيان الحكومة، قد أعلن أنه تم التوافق على أنه لن يتم فتح ملفات ضريبية للأفراد المستثمرين في البورصة، وستقوم المقاصة باحتساب وتحصيل ضريبة الأرباح الرأسمالية بعد خصم كل المصاريف التي طلب أن يتم إدخالها والحافز، ويكون ذلك في نهاية كل عام وعلى إجمالي تعاملات محفظة الاستثمار، مع اعتماد طريقة الطروحات من خلال زيادات رؤوس الأموال باعتبارها واقعة غير منشأة للضريبة.
أضاف عبدالفتاح، أنه رغم إشادة تقارير كافة المؤسسات الدولية بتطور الاقتصاد المصري ونجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي، إلا أن البورصة المصرية لا تعكس هذا النجاح بسبب وجود خلل في إدارة المنظومة، مما يتطلب منح محفزات حقيقية لتشجيع الشركات على القيد في البورصة المصرية لجذب متعاملين جدد، متابعًا: “يجب أن تهتم الدولة بإصلاح البورصة، ليس من منظور محاولتها حل مشاكل العاملين بسوق المال، ولكن لا بد من اعترافها بدور البورصة في بناء الاقتصاد”.
وذكر وزير المالية المصري الدكتور محمد معيط، في بيان رسمي منتصف الشهر الماضي، أن الاقتصاد المصري حظى بالعديد من الإشادات الدولية نتيجة التحسن الإيجابي للمؤشرات المالية، ومرونته في التصدي للأزمات الداخلية والخارجية رغم تداعيات جائحة فيروس كورونا والتي ألقت بظلالها على العديد من اقتصادات دول العالم، بعدما استطاع تحقيق معدل نمو خلال العام المالي الماضي بنسبة 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وتسجيل فائض أولي 1.45%، وخفض العجز الكلي للموازنة إلى نحو 7.4%.
وربط عبدالفتاح، تنشيط البورصة المصرية، بمحفزات ضريبية سواء للشركات لتشجيعها على القيد بسوق المال أو للمتعاملين بإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على التعاملات، مقترحًا إقرار هذه الحوافز الضريبية لمدة 5 سنوات على الأقل، لحين إصلاح البورصة وزيادة عدد الشركات المقيدة وجذب مستثمرين جدد، مشيرًا في هذا الإطار إلى أبرز المزايا التنافسية للبورصة سواء الإصلاحات الاقتصادية وانخفاض أسعار وتدني مضاعف الربحية للأسهم والذي يتراوح بين 2-3 مرة.
وحول تأثير الإلغاء المتكرر لبعض العمليات بالبورصة المصرية، أكد عادل عبدالفتاح، أن هذه الإلغاءات أضرت بالمتعاملين؛ لأنها تتسبب في تضييع الفرصة على المتعاملين في تحقيق أرباح، إذ يتم إلغاء عمليات التداول بعد تنفيذ شركة السمسرة عملات البيع للعميل وتحقيق من ورائها ربحية، مشيرًا في هذ الصدد إلى ضرورة إيجاد آلية أخرى لمعاقبة المتلاعبين فقط دون معاقبة السوق بأكمله بهذه الطريقة والمستثمر حسن النية مما يؤدى لمشاكل بمحافظ المستثمرين وشركات السمسرة.
وأصدرت إدارة البورصة المصرية، بيانًا أعلنت فيه عن اجتماعها مع هيئة الرقابة المالية، الأربعاء، لمناقشة بعض الملفات منها ضرورة وأهمية تعديل منهجية التعامل مع المخالفات في أسواق المال بدلا من المنهج الحالي الذي لم يؤتي ثماره في تطوير ونمو السوق، لتتم محاسبة المخالفين فقط بدلًا من وقوع الضرر على السوق بالكامل، بل وتزيد من مخاوف العديد من المستثمرين في سوق الأسهم المصرية نتيجة ما يتم من إلغاء العمليات الذي يؤثر سلبًا على التسويات وبالأخص تضر بالأطراف حسني النية في المعاملات.
من جهته قال محمد كمال عضو مجلس إدارة شعبة الأوراق المالية باتحاد الغرف التجارية، إن البورصة المصرية واجهت ضغوط بيع من المستثمرين الأفراد- الذين يمثلون نسبة 80% من التعاملات بالبورصة- خلال الفترة الماضية، مما يدل على عدم رضاهم على حوافز الحكومة لدعم سوق المال، وأنها غير كافية لتشجيع الاستثمار بالبورصة، مضيفًا أن المستثمرين بالبورصة كانوا ينتظرون خطة واضحة لإنقاذ سوق المال المصري، وليس قرارات تحفيزية فقط.
أشار كمال، إلى أهمية إصلاح البورصة المصرية، قائلًا إن سوق المال المصري كان أحد روافد الاقتصاد، حيث بلغت القيمة السوقية 98% من الناتج القومي عام 2008، مقارنة بنسبة لا تتعدى 6% في الوقت الحالي، وهو ما يتطلب سرعة وضع خطة حكومية متكاملة لإصلاح سوق المال، تتضمن سرعة إجراء برنامج الطروحات الحكومية، وعدم تدخل التدخل في السوق بشكل متلاحق يفسد مناخ الاستثمار.
ولفت كمال، إلى ملف الإلغاءات المتكررة للعمليات بالبورصة، والتي تؤثر سلبًا على سوق المال وتؤدى لخسائر المستثمرين، حيث تسبب هذه الإلغاءات إلى عدم معاقبة المستثمر المتلاعب فقط، ولكن هناك مستثمرين آخرين غير متلاعبين يتم معاقبتهم، ويرى أنه من الأفضل وقف أكود المتلاعب وليس إلغاء العملية بأكملها وهو ما يفقد الثقة من جانب بعض المتعاملين في البورصة أو في القائمين على السوق.
فيما أعلنت إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية موافقة مجلس الإدارة على خفض 20% في تكلفة مقابل الخدمات المحصلة عن عمليات التداول بالبورصة المصرية وإرسال مشروع القرار إلى رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ إجراءات استصداره بهدف زيادة أحجام التداول بالبورصة المصرية.
و يصرح العديد من الاقتصاديين بأن تخفيض ضرائب الأرباح الرأسمالية ليست في صالح اقتصاد الدول و خصوصاً في أوقات الأزمات الاقتصادية ، التي تعمد فيها الدول لزيادة الضرائب لا تخفيضها ، إلا أن هذا الخيار قد يكون غير مطروح في الكثير من الحالات للدول النامية مثل مصر ،خصوصاً أن اقتصادها يعتمد عن المديونيات التي تثقل الميزانية بأعباء سداد يجب تقديمها بشكل متتالي ، مما يتطلب أن تشجع تلك الدول جذب المستثمرين للسوق المصرية بشتى الطرق لتعويض عجز الميزانية و تنشيط الاقتصاد.