عاقبت الدائرة الثالثة بمحكمة جنايات أسيوط في مصر شخصا بالسجن المشدد 3 سنوات، لقتله والدته بعد انتشار فيديو يتضمن علاقة منافية للآداب بينها وبين شخص بمركز أبنوب في أسيوط.
وتعود وقائع القضية إلى انتشار فيديو مناف للآداب بين المجني عليها، وشخص مجهول قام بتصويره أثناء العلاقة ونشره بين الشباب بمركز أبنوب، ما أثار غضب ابنها المتهم، فقام بمواجهة والدته وأقرت بارتكاب هذا الفعل، معللة ذلك بأن هذا الشخص زوجها، ولم تثبت ذلك بوثيقة الزواج، ما دفع الابن لقتلها باستدرجها إلى الطابق الثاني من المنزل ، حيث جاء بكوب من الماء ووضع به ماده سامة ، وأجبر والدته على تناوله حتى تأكد من مفارقتها للحياة.
يسمى هذا النوع من الجرائم في مصر و الدول العربية بجرائم الشرف ، و تكون عبارة عن جريمة قتل يرتكبها غالبًا أحد الأعضاء الذكور في أسرة ما أو قريب ذكر لذات الأسرة بحق أنثى أو مجموعة إناث في ذات الأسرة.
حيث يقدم الجاني على القتل لأسباب في الغالب الأعم تكون ظنّية تتعلق بشكوك حول ارتكاب الأنثى (المرأة أو البنت إلخ) فعلا مُخلَّا بالأخلاق بنظر الجاني، ويزعم مرتكبو مثل هذه الجرائم أن جريمتهم حصلت من أجل ا”الحفاظ على شرف العائلة”، أو ما يوصف في أوساط قبلية بعملية “غسل العار”.
في العديد من بلدان العالم الثالث هذه جرت أعمال في مناهضة هذه الجرائم. فقد قامت تركيا و باكستان ، وسوريا وتونس بإلغاء تخفيف عقوبة القتل في هذه الجرائم ، بينما لا يزال القتلة يستفيدون من دعم القانون لهم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر في بلدان كثيرة مثل أفغانستان، وإيران، واليمن، الصومال، السودان، مصر، الأردن، لبنان وغيرها.
في مصر جرى إقامة عدد من الدراسات حول جرائم الشرف من قبل مركز القانون الإسلامي والشرق أوسطي، في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن، دراسة حول النظام القانوني في مصر، مع ملاحظة التحيز ضد المرأة لصالح الرجال بشكل عام، وعلى وجه الخصوص المادة 17 من قانون العقوبات المصري: السلطة التقديرية للسماح بتخفيف العقوبة في ظروف معينة، وغالبا ما تستخدم في قضية جرائم الشرف.
يرتبط غالباً وجود جرائم الشرف ، بالدول التي لا تعترف بالحريات الجنسية للنساء و، و غالباً ما تجرم هذه الدول العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج استناداً إلى تشريعات دينية تختلط بالتضليل المعرفي الذي يمارس على الذكور في هذه البلدان إلى حد القيام بجرائم يظنون فيها بأنهم على حق بالقيام بها ، بالرغم من أن التشريعات الدينية لا تأمر أبدا لهذه الجرائم و لا حتى تأمر الزوج بقتل زوجته إذا شاهدها و هي تمارس علاقة جنسية مع شخص آخر.
و مع ذلك فإن التشريعات التي تجرم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج تكون تحيزا معرفياً يربط بين جرائم الشرف و بين رجولة الذكور و نخوتهم ، حتى أنه في عام 1947، اضطر القضاة الإنكليز في مستعمرة نيجيريا البريطانية، إلى نقض ما اعتبروه حكمًا رجعيًا للمحكمة الشرعية المحلية، إذ حُكِم على رجل بالإعدام جرَّاء إدانته بالقتل، إلا أن المحكمة العليا البريطانية أشارت إلى أنها كانت جريمة نتيجة اندفاع عاطفي، حيث قتل الرجل عشيق زوجه، ورغم أن المحكمة الشرعية لم تَقنع بهذا العذر، فإن المحكمة البريطانية قررت أن القاتل لا يستحق الموت، فالمحكمة الشرعية التي تطبق الشريعة الإسلامية لم تقنع بحجة ”جريمة الاندفاع العاطفي” التي لطالما كانت مُبررًا لجرائم الدفاع عن الشرف، بينما قنعت بها المحكمة البريطانية.
لذلك فلذات السبب .. تبين أن العائلات القبطية في صعيد مصر ترتكب جرائم الدفاع عن الشرف تمامًا مثل العائلات المسلمة ، ربما يكون ذلك لأن كنائس مصر الأرثوذكسية و الإنجيلية لم تطور من تشريعاتها كما فعلت الكنيسة الكاثوليكية ، و ربما كانوا تأثر أعرافهم بالمحتمع الإسلامي هو السبب في ذلك.
وقد قدر صندوق الأمم المتحدة للسكان على نحو متحفظ أن ما لا يقل عن 5000 امرأة سنويًا على الصعيد العالمي يقعن ضحايا لجرائم الدفاع عن الشرف.
و بالرغم من أن جرائم القتل يحكم فيها بمصر بأحكام قد تصل إلى الإعدام أو المؤبد ، إلا أن قاتل والدته – تحت بند جرائم الشرف – لم يعاقب سوى ب 3 سنوات من السجن ، و هو حكم يماثل الأحكام التي يعاقب بها القضاة عن ما هو دون القتل كالسرقة .
يعمد العديد من رواد المواقع التواصل الاجتماعي لتسمية هذه الجرائم مؤخراً بجرائم اللاشرف ، نظراً للكم الهائل الذي تتعرض له النساء من العنف و الحبس و القتل تحت ذريعة الشرف ، و التي يحظى مرتكبوها من خلال القانون بأقل العقوبات.