أصدرت مجموعة العمل بمدينة مراكش التابعة لجمعية “أطاك” المغرب، تقريراً عن الوضع الصحي بمدينة مراكش في ظل جائحة كورونا، وأرجع التقرير ارتفاع أعدد الوفيات في الآونة الأخيرة إلى انهيار المنظومة الصحية التي لم توفر العناية الطبية اللازمة في الوقت المناسب، مشيراً إلى أن هذا الانهيار ناتج عن السياسات التي اتبعتها الدولة في هذا القطاع منذ عقود بإيعاز من المؤسسات الدولية، التي تفرض تخفيض النفقات العمومية من أجل تسديد الديون، كما أرجع التقرير الانتشار غير المسبوق للفيروس بالمدينة إلى سياسات الدولة وعلى رأسها إعادة دوران العجلة الاقتصادية.
تناول التقرير حالة مستشفى ابن زهر بمراكش والمعروف باسم المامونية، حيث أشار إلى انتشار فيديوهات ومقاطع صوتية ومناشدات من مرضى وأطباء يشتكون من الوضع الكارثي الذي وصل إليه أقدم مستشفى بمراكش؛ فمن وجود طبيبة وحيدة بقسم المستعجلات، إلى أطباء منهكين ومرضى يفترشون الأرض بعضهم يحتاجون للإنعاش والأكسجين ويصارعون الموت، وصورة محزنة لرجل فارق الحياة تم تركه ممددا فوق السرير، وصور لنفايات مكدسة وسط ممرات المستشفى، ومواطنون مصابون بـالفيروس أو يشُكّون في إصابتهم ظلوا مرابطين أمام المستشفى لأكثر من يومين دون إخضاعهم للتحاليل.
ورصد التقرير الوضع الطبي بالمدينة في صورة إحصائية، كان أبرز هذه الإحصاءات وجود طبيب لكل 5262 مواطن، وممرض لكل 2200 مواطن، وطبيب لكل 36 سرير تقريباً.
واستنكرت الجمعية في تقريرها وعد وزير الصحة لمراكش بإنشاء مستشفى ميداني داخل مستشفى ابن طفيل سيوفر قرابة 100 سرير مخصصة لحالات العلاج ما قبل الإنعاش. حيث وصفت الجمعية هذا الإجراء بأنه استخفاف جديد بسلامة الأطر الصحية، حيث سيتم استدعاء الأطباء المقيمين للسنة الأولى بكل تخصصاتها للإشراف على هذا المستشفى الميداني، وهم لا زالوا في طور التكوين، ومحرومون من التغطية الصحية، مما يؤكد استمرار سياسة الترقيع في مواجهة الجائحة.
كما استنكرت الترخيص لثلاثة مختبرات خاصة بمراكش لإجراء التحاليل المخبرية للكشف عن كوفيد 19، مما يعني تحميل المواطن كلفة التحليلات الطبية بدل من فتح عدد أكبر من مراكز التحليلات المخبرية في المؤسسات العمومية وتوفير أجهزة الكشف السريع بالمستشفيات.
وطالبت الجمعية في تقريرها بالقطع مع السياسات التي أدت إلى هذا الواقع، ورفع ميزانية الصحة بصورة ملموسة لتصل على الأقل 12% من الميزانية العامة للدولة الذي توصي به منظمة الصحة العالمية لتوفير الأطر والتجهيزات الصحية اللازمة، وإلغاء مرسوم مارس 99 الذي يلغي مجانية الصحة، وتوفير التجهيزات الصحية بالمناطق التي تعاني التهميش، والتراجع عن كافة القوانين التي تجعل من الصحة سلعة ومجالاً مفتوحاً أمام الاستثمارات الخاصة، كما طالت بالتشغيل الفوري والمباشر لخريجي مهن الطب والتمريض للحد من النقص المهول على مستوى العاملين والعاملات بقطاع الصحة العمومي، ووضع برنامج تكويني متكامل في العلوم الطبية الحديثة والبحث العلمي.
يذكر أن جمعية “أطاك” بالمغرب تأسست عام 2000، وتسعى إلى أن تكون جمعية للتثقيف الشعبي تعمل على تفسير ميكانيزمات نهب الثروات عبر آلية الديون واتفاقيات التبادل الحر، وبسط بدائل شعبية للخيارات النيو-ليبرالية التي تفرضها المؤسسات الاقتصادية الدولية والقوى العظمى.