“ناصر الزفزافي” مناضل مغربي، من مواليد عام 1978 في مدينة الحسيمة الساحلية بمنطقة الريف الكبرى بالمغرب، وأحد قادة الحِراك الشعبي المسمى إعلاميا بـ”حراك الريف” الذي كانت شراراته موت “محسن فكري” بائع السمك المغربي بطريقة مأسوية في أكتوبر 2016 حيث سحق بشاحنة لجمع النفايات في مدينة الحسيمة أثناء اعتراضه على مصادرة السلطات لشحنة سمك تابعة له بحجة أنها غير مرخصة، رفع الحراك مطالب اجتماعية واقتصادية عديدة بالإضافة إلى مطالب وحقوقية وقانونية منها عقاب المسؤولين عن موت “محسن” بائع السمك، وخلال الحراك انتقد ناصر بشدة سياسة الحكومة والسلطات العمومية، واعتُقل يوم 29 مايو 2017 وحُكم عليهِ وثلاثة آخرين من رفاقه في يونيو 2018 بالسجن 20 سنة بتهمة المشاركة في مؤامرة تمسّ بأمن الدولة، بالإضافة إلى أحكام أخرى على باقي رفاقه المعتقلين.
في نوفمبر 2019 نُشر تسريب صوتي منسوب لناصر من داخل سجنه بمدينة فاس، يقول فيه إنه تعرض لجلسات “تعذيب” قاسية خلال مدة اعتقاله، وإنه تعرض يوم اعتقاله في 2017 للضرب المبرح وتم تجريده من كل ثيابه قبل اغتصابه بعصا خشبية، حيث يقول ناصر في التسجيل “أسقطوني في الأرض، خلعوا ملابسي، بدأووا يتبولون عليّ على وجهي، وعلى جسدي كله، ويقولولي قول عاش الملك”.
إلّا أن ناصر لم ينكسر في سجنه وظل صلبا وملهما لزملائها المعتقلين وللمناضلين خارج حدود سجنه وبلده، فمنذ أيام انتصر “ناصر الزفزافي” ورفيقه “نبيل أحمجيق” المعتقلان منذ مايو ويونيو 2017، على سجّانهما في معركة للأمعاء الخاوية، وتم تحقيق بعض من مطالبهما بنقلهما يوم السبت الماضي إلى سجن أقرب لمدينتهما وهو سجن طنجة 2 –في حين طالب ناصر ونبيل بنقلهما لسجن سلوان-.
جاء هذا النصر بعد إضرابهما عن الطعام لمدة 25 يوماً – الذي ألهم رفاقهما المعتقلين وتبعوهما في الإضراب- تنديداً بظروف حبسهما وما يتعرضان له وأسرهما من امتهان للكرامة، حيث كانا يقبعان في زنزنايتين انفراديتين بسجن بمدينة فاس البعيدة عن موطنهما بمدينة الحسيمة، محرومين من الفسحة وزيارة الأهل ومن كثير من الحاجيات الضرورية في السجن، وتبعهما في ذلك الإضراب عدد من “معتقلي الريف”، أبرزهم محمد حاكي وزكريا أضهشور وبلال أهباض ومحمود بوهنوش.
يقول ناصر عن نفسه إنه “مواطن عادي”، وبالنظر إلى ظروف حياته يتضح أنه يشبه كثيرا السواد الأعظم من شغيلة الأوطان، فقد توقف تعليمه عند المستوى الثانوي – وفقا لوسائط التواصل الاجتماعي-، وعمل في مهن بسيطة، حيث اشتغل في قطاع الحراسة الأمنية الخاصة، وافتتح محلا لإصلاح الهواتف المحمولة اضطر لإغلاقه بعد تلقيه إشعارا بضريبة تقدر بستة ملايين سنتيم مغربية (نحو ستة آلاف دولار)، بحسب ما نشرته صحف مغربية، كما اشتغل بالقطاع الفلاحي.
يُحب ناصر أن يعرف نفسه بكونه ينهل من التراث السياسي لـ”محمد بن عبد الكريم الخطابي” وهو سياسي وقائد عسكري مغربي من منطقة الريف، وكان قائدا للمقاومة الريفية ضد الاستعمارين الإسباني والفرنسي للمغرب، أسس لجنة تحرير المغرب العربي لتحرير واستقلال المغرب وتونس والجزائر، والتي نص البند الأول من ميثاقها التأسيسي على أن “المغرب العربي بالإسلام كان، وللإسلام عاش، وعلى الإسلام سيسير في حياته المستقبلية”.
مصائر ناصر ورفاقه الحالية تتطابق مع مصائر ثوار مصر وغيرهم من المناضلين والثوار القابعين في السجون، الذين تصدروا الصفوف الأمامية لاحتجاجات وانتفاضات وثورات شعوبهم، بكل بسالة وتفاني، ولكنهم افتقدوا للتنظيم السياسي، افتقدوا للتنظيم المرشد والمقوم والقادر على ربط نضال الجماهير ببعضه وربط الخبرات النضالية الماضية بالحاضرة، مازال الإلهام والأمل موجودين بسيرة هؤلاء المناضلين والثوار –وبوجودهم بالطبع- وبالتعلم مما أنجزوه ومما افتقدوه.