احتفل العالم الدولي الأسبوع الماضي باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، والذي يقوم بمضمونه على الحقوق والواجبات الواقعة على الدول والأفراد على حد السواء، وكانت المنظمات الحقوقية قد دعت بوقتٍ سابقٍ بضرورة إعادة ترتيب الحقوق مع الأخذ بعين الاعتبار من تقدم حقوق التضامن الإنساني كخطوات أساسية ورئيسية في خطط الاستجابة التي تتبعها الدول للتصدي لمجابهة وباء كوفيد -19.
تاريخيًا، اعتمدت منظمة العمل الدولية الاعلان بشأن العدالة الاجتماعية من أجل العولمة منذ عام 2010، وفي هذا العام وإدراكًا منها من تأثير جائحة كوفيد على حقوق العمال وما تسببته من كوارث انسانية، آثرت على نفسها بأن يكون هذا العام يحمل شعار العدالة الاجتماعية في مجال الاقتصاد الرقمي، كونه عامًا استثنائيًا كشف عن الفجوات الرقمية التي تسببت بفقدان العديد من عمال العالم لوظائفهم وما يتصل بهذا الأمر من مشكلات واللامساواة إنسانية بكافة الأُطر.
في يوم العدالة الاجتماعية وما تحمله كلمة عدالة من حقوق متشعبة يأتي هذا العام من أجل تعزيز تطبيق أسس ومبادئ العدالة الاجتماعية من أجل القضاء على المشكلات الاجتماعية الآخذة بالتزايد والتوسع في ظل المتغيرات المتسارعة والظروف الطارئة والمستجدة، هو يوم عالمي لأجل تكثيف الدعوات الأممية الحقوقية للقضاء على الفقر والبطالة واللا مساواة والاستبعاد والتهميش الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
من المتغيرات التي أحدثتها جائحة كوفيد -19، التوسع الكبير باستخدام الإنترنت والمنصات الرقمية التي تغللت في العديد من المجالات والتي اضحت جزءًا من حياتنا لا يمكن الاستغناء عنه، أَدى ذلك بدوره إلى إعادة ترتيبات ضمانات الحق في العمل والتعليم والصحة والحماية الاجتماعية وحرية الرأي وعقد الاجتماعات .
كما كشفت الجائحة عن مدى الأزمة الواسعة والمتمثلة بالفجوة الرقمية والتفاوت فيما بينها بين البلدان كافة سيما ما يتعلق بإتاحة المعلومات والتكنولوجيا والمعلومات ومدى القدرة على تحمل نفقاتها والحصول على خدمات الإنترنت وما يتصل بها من تطبيقات قادرة على قيادة سير مجالات الحياة وسد الفراغ على المستوى الطبيعي والوجاهي.
كشف تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية عام 2020 يحمل عنوان “الاستخدام والافاق الاجتماعية” عن اللامساواة الحقوقية في سوق العمل ومدى انعكاساتها على حقوق العامل بعدم كفاية الاجر وظروف العمل اللائق والاستغلال لليد العاملة ؛ فقد ذكر التقرير أن ما يقارب نصف مليار شخص من كلا الجنسين يعملون بأجور غير كافية ناهيك عن العاملين بدون أجر واستمرار ارتفاع معدلات البطالة واتساع فجوات الفقر بكافة صوره والتهميش العالمي لاقتصاديات الدول وتجميدها وثبات النمو الاقتصادي لدول أخرى تمهيدًا لبروز اقتصادي رقمي جديد من نوعه.
ولذلك وفي ظل الظروف الراهنة لا بد من أن تأخذ الدول على محمل الجد ضمانات حقوق العمال باقتصاديات العمل المرن، ومدى قدرة العامل على الحصول على المعلومات والوصول الى الخدمات وإتاحة المنصات الرقمية بأقل تكلفة تضمن له استمرار تأديته واجباته وضمانات الحق بمستوى معيشي دون أن يؤدي إلى فقدانه عمله بسبب عدم قدرته على الحصول على الأدوات الرقمية اللازمة لذلك من خلال خطط استجابة مبنية وفق نهج حقوقي إنساني.