شكري بلعيد اغتياله شهادة على خيانة ثورة الياسمين

قسم : تحت الضوء, زي النهارده

(يمكنك قتل الثوار، لكن لا يمكنك قتل الثورة) كانت أهم ما قيل عن الثورات للزعيم الراحل غاندي، بل وهي أهم ما يمكن أن نصف به اغتيال المناضل الحقوقي تونسي الأصل، الذي تعد حادثة اغتياله المدبرة شهادة على خيانة الثورة التونسية، أيقونة انتفاضة الشعوب العربية، بل ورسالة ارهابية واضحة رفض الشعب التونسي تلقيها، ببلد تفتخر بثقافة ساستها وعدم وجود جريمة اغتيال بارزة لسياسيين منذ أكثر من نصف قرن هو الثوري السياسي شكري بلعيد .

ولد بلعيد في السادس والعشرين من نوفمبر عام 1964 بجبل الجلود، في منطقة سيدي عبيد بولاية جندوبة، حيث درس الحقوق أولا في دولة العراق، ثم سافر ليتم دراسته بجامعة باريس، وكان أحد مؤسسي تيار الجبهة الشعبية، وعضو الأمانة العامة بها، وناطقًا رسميًا لحركة الوطنيون الديمقراطيون، عرف عنه المعارضة الشرسة لنظام بورقيبة، كذلك نظام زين العابدين بن علي الذي اعتقل على إثره وسجن عدة مرات.

قاد المناضل الثوري شكري بلعيد العديد من المسيرات والمظاهرات المنددة بالعدوان الأمريكي على العراق، واتخذ موقفًا قويًا كمحامي في الدفاع عن المحكوم والمتهمين بقضية أحداث الحوض المنجمي بقفصة عام2008م، كما انتخب أمينًا عامًالحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد في الثاني من سبتمبر عام 2012 قبيل حادثة اغتياله الآثمة.

اشتهر بلعيدي بمعارضته لأداء الحكومة الائتلافية، الأمر الذي دعا لتأسيس الجبهة الشعبية التي تكونت من مجموعة من أهم احزاب اليسار الماركسية والقومية، لاستكمال الثورة وتصحيح مسارها المطلوب من قبل الثوار، بعد القيام بظاهرات عارمة، اسفرت عن اعلان الاتحاد العام التونسي للشغل، الدخول في اضراب عام يبدأ الجمعة بنفس الأسبوع الذي دبُرت فيه حادثة الاغتيال، الأمرالذي يؤكد أن هذا الاضراب من ضمن الأسباب الرئيسية المؤدية لاغتياله.

تزوج بلعيد من الجميلة رفيقة الدرب، والناشطة الحقوقية بسمه الخلفاوي، من نفس موطنه تونس الخضراء، كانت شريكة لنضاله الثوري ضد جماعة الإخوان المسلمين، وحزب النهضة المتأسلم، انجب منها ابنتاه نيروز،وندى وبعام 2012 ترددت شائعة حول طلاقهما، وعدم تركه لمنزل الزوجية الخاص بهما إلا أن “بسمه” نفت تمامًا تلك الشائعات التي وصفتها فيما بعد بأنها كانت جزْءًا من المخطط لاغتياله.

وصف الرئيس المرزوقي عملية اغتيال بلعيد أمام البرلمان الاوروبي، بأنه عملًا مشينًا لرمز سياسي، منددًا بنبذ العنف السياسي من قبل المجتمع الدولي، والتحرك السريع لضبط مرتكبي الحادث، كما اتهم السياسي والاعلامي عمر صحاب عام 2014، حزب النداء التونسي بقتل شكري خلال صفحته بالفيس بوك، كما تم اتهام حزب النهضة 2013بتدبير المؤامرة حينما دعا لتظاهرات حداد على فلول النظام السابق، ووصف شكري ورفاقه بالخونة .

“الشعب يريد اسقاط النظام” أهم ما ردد بالمظاهرات التي خرجت من جميع أنحاء تونس، مندده باغتيال شكري بلعيد، الأمر الذي دعا الرئاسة التونسية آنذاك بتنكيس العلم حداداعلى مقتله بالثامن من فبراير2013، كما طالب المجلس الوطني التأسيسي عقب جلسته الاسثنائية 7فبراير لضرورة التأكيد على مطلب بلعيد في الدعوة لاضراب عام الجمعة 8 فبراير، اقامة جنازة وطنية بهذا اليوم وجعله يوم حداد، كما قررت النقابة الوطنية للصحفيين اضرابًا عامًا للصحافة التونسية، كما قررت وزارة البحث العلمي اعلان تعليق الدراسة والاضراب يومي 8و9 فبراير 2013م.

 إبان ما حدث للراحل صرحت مديرة برامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا بمنظمة العفو الدولية، أن التصريح بالتنديد والرفض ليس كافيًا، خاصة بعد القيام بثورات، فالأمر يحتاج إلى إحقاق العدالة ورؤية ذلك يتجلى وبشكل ملموس خاصة في انتشار مناخ تنعدم فيه الثقة والحماية السياسية، ويجب على السلطات تقديم الحماية الكافية لهؤلاء الرموز، كما اشارت أن هذا الحادث المروع بمثابة تحذير قوي للانتباه والاستيقاظ، فحقوق الإنسان التونسية لن ترضى بتحقيق صوري عاجز عن ضبط الجناة، من أجل إيقاف دوامة العنف.

تكبدت تونس خسائراقتصادية كبيرة تقدر بـ 400 مليون دينار تونسي إثر اغتيال شكري بلعيد كان أولها، إلغاء حجوزات يوم 8 فبراير منها وإليها، كما تراجع مؤشربورصة توناندكس بنسبة 3% ،وقدم 1200 طلب لجوء سياسي، لدول الاتحاد الأوروبي، والخليج العربي، والولايات المتحدة وكندا .

اغتيل السياسي الشجاع صاحب الرأي الحر، المناضل الزعيم أحد أهم محركي ثورة الياسمين التونسية شكري بلعيد في صباح يوم 6 فبراير 2013، أثناء خروجه من منزله بجبل الجلود، لتستقر 4 رصاصات في جسد الشهيد، ليرقد في سلام مع الصديقين والشهداء، توفي بلعيد عن عمر يناهز 48 عاما من الرأي الحر، الذي لم يرد منه لوطنه سوى التغيير، داعيًا لحرية البلاد، تاركًا خلفه نداءات السلام التي تحمل معاني أسمى نضالات الشعوب .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *