أوضاع معيشية متردية ، فيضانات تُغرق منازل الفقراء ، و عمال ساخطون على أجورهم ، ووعود بالتغيير لم تتحقق ، و قبلية تهدد اتفاق مدنية الدولة ، هذا ما تتحدث عنه وكالات الأنباء العالمية عن السودان .
فلأسبوع بالتمام ، تواصل كيانات قبلية سودانية إغلاق الموانيء البحرية من أجل تكثيف ضغوطها على الحكومة المركزية لتلبية مطالب سياسية ، وأخرى متعلقة بتحسين أجور عمال الموانئ، وسط ترقب لتحرك حكومي حاسم لحل الأزمة و تحسين الوضع المعيشي المتردي للمواطنين .
و قالت وزارة النقل في بيان لها الثلاثاء الماضي بأن إجمالي خسائر إغلاق الميناء لمدةالـ 4 أيام الأولى للإغلاق وصل إلى نحو 3 ملايين يورو، وأفادت أن الموانئ السودانية تأثرت على نحو بالغ بالأحداث السياسية والمطالب الأخيرة بعد إغلاق الموانئ المتعددة في كل من بورتسودان وسواكن، فضلاً عن توقف آليات المناولة كما يدمر الإغلاق سمعة الميناء ، بعد أن قُطعت أشواطا طويلة في طريق استقراره.
ورغم أن طابع إغلاق الموانئ سياسي بحت ، إلا العاملين بها و الذين يبلغ عددهم 13 ألفا و600 شخص تقريبًا لديهم مطالب تتعلق بزيادة الأجور وتحسين أوضاعهم. وهو الأمر الذي أشار إليه موناكو بقوله “إن الإغلاق ورقة ضغط في سبيل الوصول إلى مكاسب إضافية؛ و وضع العاملين الاقتصادي سيئ للغاية”.
وفي تطور جديد للأزمة، أغلق المحتجون، صباح اليوم الخميس، الطريق المؤدي لمطار بورتسودان في محاولة لعزل الشرق براً وبحراً وجواً.
وأعلن ” المجلس الأعلى لنظارات البجا ” -و هي قبائل سودانية – ، صباح اليوم، إغلاق مطار بورتسودان وتوقف الملاحة الجوية.
و ننوه أن ” البجا أو البجاة ” هم قبائل سكنت بين ساحل البحر الأحمر ونهر النيل في السودان وعلى امتداد من الشمال مروراً بمنطقة مثلث حلايب، وجنوباً ما بين باضع (مصوع حالياً) وجزر دهلك إلى منطقة بركة في داخل الحدود الإرترية ومن ثم الامتداد غربا إلى قلع النحل والقلابات والقضارف والبطانة ونهر عطبرة في السودان و تتكون من عدة قبائل تنحدر منها قبيلة “الهدندوة” و هي أكبر قبيلة بجاوية بالسودان ، و هو المسئولة مع عمال الموانيء عن إغلاق موانيء شرق البلاد .
وقد قال رئيس الغرفة القومية للمستوردين شهاب الدين الطيب، : ” إن إغلاق الشرق تسبب في شلل كامل للقطاع التجاري وحركة الوارد من السلع والبضائع للأسواق، مؤكداً تضرر أهل الشرق أنفسهم وكافة المواطنين السودانيين من إغلاق المعابر والطريق القومي” .
كما تزايدت تهديدات قادة ” البجا ” بإغلاق ميناء بشائر المخصص لتصدير نفط دولة جنوب السودان.
و السودان يتعرض في الآونة الأخيرة أيضاً للفيضانات و الأمطار الغزيرة التي أدت إلى مقتل مائة شخص و تشرد المئات في شوارع البلاد ، حتى أن المياه أغرقت بعض المخيمات و التي لجأ إليها المنكوبين مما اضطرهم للرحيل مجدداً إلى النوم بالعراء !.
وقال كور لوكالة فرانس برس “تدفقت المياه بضغط عال ولم يكن هناك وقت لجمع متعلقاتنا،حملنا أطفالنا فقط” ، وأضاف “الآن لم يعد لدينا طعام أو أدوية أو أي شيء نواجه به الناموس المنتشر بكثرة”.
وارتفعت الحاجات الانسانية بشكل كبير وزادت من حدتها الكارثة في السودان من جنوبه إلى شماله حيث أدت الفيضانات إلى نزوح آلاف الأشخاص ، و قد أثرت الأمطار الغزيرة والفيضانات على أكثر من 4.180 شخًصا في محليات جبل أولياء وشرق النيل وأمبده وأم درمان بولاية الخرطوم.
و تفيد الأمم المتحدة أن أكثر من 288 ألف مقيم ولاجئ تأثروا بالأمطار الغزيرة والفيضانات في 13 من ولايات البلاد ال18 .
كما هددت الفيضانات التي يشهدها السودان إثر ارتفاع منسوب مياه نهر النيل بمحاصرة مواقع أثرية مهمة شمال العاصمة السودانية الخرطوم.
و مع افتتاح المدارس هذا العام، وجد كثير من الأهالي أنفسهم في موقف صعب؛ إذ لم يعد كثيرون قادرين على توفير ثمن أبسط متطلبات أولادهم للتعليم ، مما دفع الكثير من السودانيين إلى صفوف المعارضة من تجمع المهنيين السوداني الذي لازالت قياداته تلاحق بالاعتقالات من قبل الحكومة السودانية .
وكانت الحكومة السودانية قد أعلنت يوم الثلاثاء عن إحباط محاولة انقلاب قام بها ضباط ومدنيون مرتبطون بنظام الرئيس السابق عمر البشير إلا أن بعض المغردين طعنوا في مصداقية الخبر حيث يقول محمد يعقوب من السودان : إن ما يجري ليس سوى “مسرحية مفبركة بين مكوني الحكومة بشقيها المدني والعسكري لإلهاء الشعب السوداني عن فشل هذه الحكومة .. ومحاولة لاستعطاف العالم لمزيد من المعونات الرخيصة التي أفقدتنا كرامتنا الوطنية”.
و في الواقع سواءاً أكان الخبر صحيحاً أم مفتعلاً فإن النظام السوادني الحالي قد تأخر كثيراً في قيام المجلس التشريعي ، و استأسد على الاتحاد العمالي السوداني الذي مده – في الأساس – بالوجود و الشرعية ، في الوقت الذي يضعف أمام القبائل التي تقطع الطرقات و توقف الموانيء و المطارات و هذا مؤشر خطير من مؤشرات انهيار أي نظام سياسي .