منذ شهر و نصف تنتظر فرنسا تصاريح لعودة بعض العمال التي قررت إعادة أكثر من 14 ألف مهاجر إليها في الوقت الذي تماطل هذه الدول يوماً بعد يوم لإصدار التصاريح مما دفع فرنسا لاتخاذ قرار غير مسبوق بتخفيض التأشيرات الممنوحة للجزائر والمغرب و تونس كإجراء عقابي ضد هذه الدول الثلاث ، بسبب رفضهم إصدار تصاريح قنصلية تسمح بعودة المهاجرين ( المفصولين / المطرودين ) من فرنسا ، وهي وثائق أساسية لعودة المهاجرين الذي صارت إقامتهم داخل فرنسا غير قانونية .
و قد قال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية ” غبريال عتال ” : ” نأمل أن يدفع هذا الدول المعنية لتغيير سياساتها ، معربًا عن أسفه لأن موقف هذه البلدان يشكل “كبحًا لفعالية” قانون اللجوء والهجرة لعام 2018 ، و أن القرارسيخفض عدد التأشيرات الصادرة للجزائر والمغرب إلى النصف ، وبنسبة 30٪ لتونس” .
و أفادت وكالة فرانس براس في تقرير لها أن عدد التونسيين المعنيين بمغادرة فرنسا نحو بلدهم الأصلي يقدر بـ3424 تونسيا أي بزيادة ب 43 بالمائة مقارنة بالعام الماضي ، كما تعتزم فرنسا ترحيل 7731 جزائريا و 3301 مغربيا.
ووفق فرانس براس، أصدرت تونس 153 جواز مرور قنصلي في العام 2021 أي بنسبة تعاون تقدر ب 23 بالمائة فقط بينما ما أصدرته الجزائر لا يتجاوز 2% من جوازات المرور القنصلي .
و قد استدعى الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية بالأمس الأربعاء السفير الفرنسي لدى الجزائر على خلفية القرار الأحادي من قبل باريس القاضي بخفض عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين.
ردت الجزائر بأنها “رفضت إعادة إدخال الأشخاص الذين مروا عبر الجزائر في طريق الهجرة، و الذين هم ليسوا ذوي جنسية جزائرية، منبها إلى إمكانية تلفيق هؤلاء لهويتهم وادعائهم بأنهم جزائريون، دون توثيق هويتهم”.
حيث أشار إلى “إمكانية أن يكون بين المطرودين أشخاص خطرون مثل الإرهابيين الذين يشكلون خطرا على أمن البلاد”، معتبرا أن “السلطات الفرنسية استخدمت مسألة التأشيرات والهجرة كبطاقة انتخابية وسط حملة يغير فيها هذا السؤال الأصوات والاقتراع من جانب إلى آخر”.
فيما علقت فرنسا على ذلك بأنها “حجج غير واقعية” .
و في سياق مشابه ، حذرت فرنسا بالأمس الأربعاء من أن المملكة المتحدة تنتهك اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، بعد أن منعت عدة قوارب صيد صغيرة تابعة للاتحاد الأوروبي من دخول مياهها الإقليمية، ما أدى إلى تصعيد التوترات الدبلوماسية بين البلدين، وقالت وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية في المملكة المتحدة في وقت سابق، إنه من بين 47 طلبا للصيد في المياه البريطانية قدمتها سفن صغيرة، تم منح 12 ترخيصا فقط .
و على ما يبدو أن فرنسا تحاول إلزام الدول ( سواء أكانت عربية أم أوروبية ) باحترام المواثيق الدولية المتعلقة بها ، وهو ما لا يمكن أن يكون أمراً عدائياً خصوصاً أنه يحل مشكلة أكثر من 14 ألف عامل عالق داخل فرنسا فلا هم يستطيعون إصدار وثائق للإقامة و لا هم قادرين على العودة إلى بلدانهم .
و من الملاحظ هو رفض الكثير من أبناء هذه الدول للقرار من خلال انتمائهم الوطني للدول التي تم فرض إجراء عقابي عليها ، مما يثير التساؤل إذا ما كان الانتماء حسب الجنسية أفضل من الانتماء للعدالة في احترام المواثيق الدولية و الذي سيصب في صالح هذه الدول و في صالح عمالها على المدى البعيد .
و نتسائل ايضاً ، لماذا لم يرى المواطنون الإنجليز في تحذيرات فرنسا لبريطانيا عداءاً شخصياً أو استخداما لإنجلترا كبطاقة في اللعبة الانتخابية ؟ ، و هل الثقافة الأوروبية هي التي تمكن شعوبها من تحديد المخطيء من المصيب ، أم أن نظريات المؤامرة التي تغرق بها الشعوب العربية هي التي تؤثر على كلاً من الرأي الجماهيري وعناوين الصحف على السواء ?