أثار الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات بلبنان، بالأمس الأربعاء، موجة من الاحتجاجات في مناطق متفرقة، مما أدى إلى قطع عدد من الطرقات الرئيسية في العاصمة بيروت وعدد من المدن مثل طرابلس وصيدا والبقاع وعكار.
وفي العاصمة بيروت، قام المحتجون بقطع طرق مار مخايل الجميزة وكورنيس المزرعة وأوتوستراد المدينة الرياضية (أحد الطرق المؤدية للمطار) وتقاطع الصيفي بالاطارات المشتعلة.
وندد المحتجون بتردي الأوضاع المعيشية وخصوصا بعد ارتفاع سعر صفيحة البنزين بحوالي 60 ألف ليرة اليوم فقط، علما بأن قيمة الزيادة اليوم ليست الأكبر ضمن سلسلة من الزيادات المؤثرة التدريجية التي بدأت من أواخر يونيو الماضي، إلا أنها الأكثر تأثيرا حيث رفعت سعر صفيحة البنزين إلى 15 دولارا تقريبا وفقا لسعر صرف السوق اليوم (20500 ليرة لكل دولار) بعد أن كانت في نفس هذا اليوم من شهر أكتوبر العام الماضي تناهز 3 دولارات فقط لكل صفيحة وفقا لسعر صرف الدولار بالسوق آنذاك (8700 ليرة لكل دولار).
وشهدت أسعار المحروقات في لبنان ارتفاعا كبيرا صباح اليوم للأسبوع السادس على التوالي، ولكن بنسبة ملحوظة، حيث بلغ متوسط الزيادة في أسعار البنزين أكثر من 24 % عن الأسعار المعلنة الأسبوع الماضي.
وبلغ سعر صفيحة (الصفيحة تساوي 20 لترا) بنزين 95 أوكتان 302700 ليرة لبنانية بزيادة قدرها 59900 ليرة عن السعر المعلن يوم الأربعاء الماضي والبالغ 242800 ليرة بزيادة قدرها 24.67 % تقريبا عن الأسبوع الماضي.
ووصل سعر صفيحة بنزين 98 أوكتان 312700 ليرة بزيادة قدرها 62 ألف ليرة عن السعر المعلن الأربعاء الماضي والبالغ 250700 ليرة لبنانية بزيادة قدرها 24.6 %.
وحددت المديرية العامة للنفط سعر بيع الديزل أويل بـ 270700 ليرة لبنانية بزيادة قدرها 35500 ليرة عن السعر المعلن الأسبوع الماضي والبالغ 235200 ليرة، فيما تم تحديد سعر بيع أسطوانة الغاز بـ 229600 ليرة لبنانية، بدلا من 201100 ليرة وفقا للأسعار المعلنة الأسبوع الماضي.
وكانت الأسعار المعلنة قبل عام وتحديدا في السابع من أكتوبر العام الماضي 24700 ليرة لصفيحة بنزين 95، فيما كانت تقدر صفيحة بنزين 98 بـ 25600 ليرة فيما بلغ الديزل أويل 15 ألف ليرة للصفيحة وهو ما يعني أن الأسعار تضاعفت أكثر من 12 ضعفا.
وكانت أولى القفزات في أسعار الوقود في أواخر يونيو الماضي بعد قرار الحكومة ومصرف لبنان احتساب سعر الدولار في استيراد المشتقات البترولية بـ 3900 ليرة لكل دولار بدلا من السعر الرسمي المقدر بـ 1507 ليرات لكل دولار، في حين وصل سعر الدولار في السوق آنذاك إلى قرابة 17 ألف دولار لكل ليرة. وتحديدا في 29 يونيو، ارتفع سعر الوقود إلى 61100 ليرة لصفيحة بنزين 95 و62900 ليرة لصفيحة بنزين 98 و46100 ليرة للديزل.
ارتفاع سعر الوقود نتيجة انهيار قيمة العملة المحلية والرفع التدريجي للدعم عن الوقود بسبب استنفاد الدعم للاحتياطات النقدية بالعملة الأجنبية في مصرف لبنان المركزي وذلك بالتزامن مع أزمة اقتصادية صنفها البنك الدولي بأنها من أسوأ 3 أزمات منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي.
وتسعى الحكومة التي تشكلت في العاشر من شهر سبتمبر الماضي برئاسة نجيب ميقاتي لتحقيق إصلاحات جذرية والتفاوض مع صندوق النقد الدولي على خطة تنقذ لبنان من الأزمات المالية والاقتصادية المركبة وتفتح الباب أمام مساعدات وحلول من المجتمع الدولي لمعالجة تداعيات تلك الأزمات على الحياة الاجتماعية ومستوى المعيشة والخدمات في البلاد التي عانت من فراغ حكومي لقرابة 13 شهرا تفاقمت خلالها الأزمات على كافة المستويات.
الجدير بالذكر أن البنك الدولي قد نبه إلى اقتراب أزمة مالية كبيرة في لبنان قبل حدوثها و نبه أيضاً إلى أن الشعب اللبناني قد يواجه نقص المياه نتيجه انقطاع الكهرباء لساعات طويلة منذ يونيو الماضي ، و المثير للدهشة بأن لبنان هو عضو من الجامعة العربية التي تضم الكثير من الدول المصدرة للوقود و لم تقدم أي من هذه الدول يد المساعدة و لا حتى بقروض ذات فوائد ميسرة لكي تواجه أزماتها التي فجرت الكثير من الإضرابات العمالية و الاحتجاجات ، فإذا كانت جامعة الدول العربية تعجز في أوقات الأزمات عن إنقاذ الدول الأعضاء أو عقد جلسات طارئة لمناقشة كيفية توزيع ثقل دعم لبنان على جميع الدول التي تستطيع المشاركة في ذلك ، فإن الجامعة ستصبح أمام الشعوب بلا قيمة و بلا أهمية.