استمر اليوم الأربعاء خروج آلاف السودانيين إلى الشوارع تنديدا بما اعتبروه “انقلابا عسكريا”، بسبب القرارات التي أصدرها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بالأمس كان من أبرزها تعليق العمل بالوثيقة الدستورية الصادرة في 2019 و حل لجنة التفكيك ” لجنة التمكين” وحل النقابات والاتحادات المهنية و في طليعتها “تجمّع المهنيين”، و اعتقال العديد من الوزراء و السياسيين و رئيس لجنة التفكيك الموكل إليها إقالة الفاسدين بالدولة، و ونائبه محمد الفكي سليمان، الذي تجرأ بالإشارة إلى فساد المؤسسة العسكرية.
و كانت حكومة عبد الله حمدوك وقوى الحرية والتغيير قد راهنت على التظاهرات الشعبية للحدّ من تغوّل المؤسسة العسكرية، وراهنت على تأثير “المجتمع الدولي” لتسليم السلطة لـ”المكوّن المدني”.
بينما اندلعت الانتفاضة الشعبية ضد البشير بإشعال فتيل أزمات النظام رفضاً لزيادة أسعار الخبز والوقود، علق “المكوّن المدني” في عنق الزجاجة، نتيجة تشبّعه بأساطير المراهنة على طقوس تنظيم السلطة والاحتكام إلى اتفاق “الوثيقة الدستورية”، في ظل اختلال موازين القوى لمصلحة المجلس العسكري.
رئيس الوزراء عبد الله حمدوك استند إلى خبرته السياسية في مؤسَّسات الأمم المتحدة في إدارة النزاعات اعتماداً على تشكيل المفوّضيات “لخفض التصعيد”، بينما راهنت الحرية والتغيير على إجراءات تشكيل سلطة مدنية على الورق، ظناً منها أنَّ مجرّد تنحي العسكر للسلطة المدنية كفيل باجتراح المعجزات لحلّ أزمات الانهيار.
بينما استند المكون العسكري إلى القوة العسكرية التي يمتلكها دون وجود أي مبرر منطقي يقدمه للشعب لنقضه للوثيقة الدستورية و حل مجلس التفكيك و النقابات و الاتحادات العمالية كافة ، حيث كانت تبريراته مجوفة من المنطق و تكرار لما ينادي به خصوم الثورة السودانية.
و قد استند عبد الفتاح البرهان أيضاً إلى معارضة شرق السودان بقيادة ” محمد الأمين ترك ” للمكون المدني و اتفاق جوبا ، غير أن الأخير و برغم تأييده للانقلاب العسكري رفض عودة العمل بميناء شرق السودان لاشتراطه إلغاء اتفاق جوبا و إلغاء مسار الشرق أولاً قبل أي تفاوض.
و قد أعلنت لجنة أطباء السودان يوم الاثنين الماضي ، مقتل شخصين على الأقل وإصابة 80 في إطلاق نار على المتظاهرين ، ونشر ناشطون ومدونون سودانيون صوراً ومقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لعدد من الجنود وهم يعتدون على المتظاهرين والمارّة في شارع المطار بالعاصمة الخرطوم.
ونشر الناشط السوداني عثمان صالح مقاطع مصورة على “فيسبوك” وثقت الاعتداءات، كما تضمنت صورا لمصابين يفترشون الرصيف.
كما وثقت عدسات الكاميرا اعتداء قوات عسكرية على امرأة كانت بين المتظاهرين.
و شهدت مدن السودان مشاركات نسائية في أغلب المسيرات الرافضة للانقلاب العسكري.
و قد أكدت لجنة أطباء السودان المركزية، اليوم الأربعاء، أن الثورة لا تزال مستمرة حتى الوصول إلى حرية الشعب السوداني وسلامته.
وقالت اللجنة في تغريدة على حسابها بموقع “تويتر”: “الثورة مستمرة طويلاً لأن الرؤية عندنا واضحة وهدفنا واضح يعلمه الأطفال قبل الشيوخ”.
وأضافت لجنة أطباء السودان المركزية: أن أي تلاعب بهدف الثورة يظل مكشوفا … وسائلنا السلمية الناجعة معلومة ومجربة.
وأكدت اللجنة أنها سوف تلتزم بهذه الوسائل حتى الوصول التام إلى حرية الشعب السوداني وسلامته وعدالته الثورية.