قررت محكمة مصرية بالأمس الاثنين تأجيل محاكمة شاب متهم باغتصاب فتاة وحملها منه، لإتمام الزواج.
و تعود أحداث القضية لشهر يونيو 2020 بمحافظة المنصورة، بعد قيام المجني عليها 22 عاماً ، بتحرير محضر ضد إيهاب بلتاجي تقول بالمحضر بأنه تسلل إلى مسكنها حال تواجدها بمفردها، مستغلا حالتها المرضية، وقام بالتعدي عليها جنسيا، وحملت منه .
وأمرت النيابة بعد إفادة تقرير الطب الشرعي بتحليل DNA للأم والجنين ومطابقته، وثبت أن المتهم هو والد الطفل.
وقدم دفاع المتهم بجلسة المداولة تعهدا من المتهم لإتمام الزواج بالمجني عليها، وإثبات أبوته للابن.
و هكذا ينتهك المغتصب ضحيته و يفلت من العقوبة في القانون المصري، إما لعدم اكتشاف هويتهم أو لهروبهم وعدم قدرة الضحية على إثبات الجريمة، و بدلا من معقابته يكافئه المجتمع بالزواج من الضحية تحت مسمى الستر و«لم الموضوع»، والخوف من الفضيحة»، و قد يواجه الزواج برفض من الضحية ، إلا أن المساومة بـ ” وقفة الأهل” إلى جانبها تكون مشروطة بتلبية ما يرون أنه في صالح “شرف العيلة” .
وكان هناك مؤخراً فى مصر واقعة أخرى ، تم فيها إخلاء سبيل عامل 28 سنة استدرج فتاة عمرها 15 عاما لشقته واغتصبها، بعد تعهده بالزواج منها، وموافقة أهلها خوفا من الفضيحة ، رغم اعتراف المجرم بارتكاب الواقعة.
وهذه الوقائع تتكرر في مصر ، و يتم التعتيم عليها بسبب خوف أهل الفتاة من الفضيحة، فكثيرا ما يتم القبض على الجانى فى قضية اغتصاب ومع اكتمال أركان الجريمة التى تستوجب العقاب، يلجأ الجانى للوسيلة الشهيرة للإفلات من العقاب، من خلال التعهد بالزواج من الضحية التى يرضخ أهلها تحت دعوى الستر الكاذبة التى يتم فيها قهر الفتاة وانتهاكها بقية عمرها وتسليمها للمجرم وكأن المجتمع يكافئه على جريمته حتى وإن كانت الفتاة قاصرا أو من طبقة اجتماعية أرقى.
ورغم سعى كل المنظمات الحقوقية فى عدد من الدول العربية وأخرها الأردن فى إلغاء القوانين التى تعفى المغتصب من العقوبة فى حالة الزواج من الضحية ، وبالرغم من أن القانون الجنائى المصرى كان سبّاقاً منذ عام 1999 وألغى المواد 290-291 المتعلقة بإعفاء المغتصب من العقوبة إذا تزوج المجنى عليها، إلا أن إلغاء هذه المواد لم توقف هذه المهازل التى تتم كعرف فى المجتمعات العربية تحت مسمى «الستر»، كما تتم أيضا بعد القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة فى حالة موافقة أسرة الفتاة وتصالحها مع الجانى الذى يجد فى عرضه الزواج من الضحية وسيلة للإفلات من العقاب، بل وابتزاز الأسرة التى توافق على تسليم ابنتها لهذا المجرم خوفا من الفضيحة.
وكشف مكتب الشكاوى بالمجلس القومى لحقوق المرأة أن المادة 17 من قانون العقوبات المصرى تمثل مشكلة حقيقية فى جرائم الاغتصاب، لأنها تعطى القاضى سلطة استعمال الرأفة فى أقصى درجاتها، إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى، وهو ما يتم استخدامه فى بعض جرائم الاغتصاب خاصة مع خوف أهل الضحية من الفضيحة واعتقادهم بأن الستر يستوجب «لم الموضوع»، وزواج الجانى من الضحية ولو على الورق فقط أو حتى زواجا عرفيا إذا كانت الضحية قاصرا لم تكمل السن القانونية للزواج الرسمى.
هكذا يمنح القانون و المجتمع فرصة للمغتصبين الإفلات من العقوبة وو يتم مكافأتهم ببقايا ضحاياهم لينتهكوها ما بقي لها من العمر ، فمتى تدرك الأسر أن زواج المغتصب من ضحيته عار وليس ستر، وأن الستر الحقيقى لا يكون إلا بالقصاص من الجانى لينال أقصى عقوبة لردع غيره، ووقف نزيف الانتهاك الذى يتم تحت سمع وبصر المجتمع.