إن انتحار شاب في ليلة زواجه بالبدرشين ، ليس مجرد حادث عرضي يمكن أن يتم إغلاقه بمجرد إجراءات روتينية كأي حادث وفاة ، إنه يسلط الضوء على أزمة مجتمعية كبيرة داخل المجتمعات العربية عموماً و في مصر أيضاً ، حيث تذهب معظم أمهات العرائس لتتقصى أخبار الليلة الأولى للزوجين باليوم التالي متعللات بتقديم ” الصباحية” و هو ما يطلق على الفطور الذي تقدمه والدة الزوجة للعروسين في صباح اليوم التالي ، و يكون تركيز حديث الأم مع ابنتها عن ما حدث بينهما من علاقة ، مما يلقي بالكثير من العبء على كلا الزوجين في ليلتهما الأولى داخل مجتمع لا يبيح العلاقة الجنسية سوى في إطار الزواج.
تقول عروس البدرشين : بعد دخولنا منزل الزوجية لم يتحدث معي غير كلمتين «أنا هدخل الحمام»، وعندما تأخر بشكل كبير شعرت بالقلق فطرقت الحمام وفتحت الباب فوجدته على الأرض غارقًا في دمائه فاتصلت بأسرته ليحضر الجميع ويتم نقله إلى المستشفى.
كان قسم شرطة البدرشين قد تلقى بلاغا من المستشفى بوصول جثة شاب 26 عاما، متوفى بجرح طعني في منطقة البطن، بعد ساعة من ليلة زفافه بدائرة القسم، وانتقل ضباط القسم إلى مكان المستشفى، وبسؤال والدة العريس المتوفى أكدت أنه تخلص من حياته بعد ساعة من اختلائه بعروسته في منزل الزوجية.
وكشفت مصادر إعلامية بأن التحريات الأولى عن الحادث تذكر بأن المتوفى لم يتمكن من الدخول بزوجته فتركها في الغرفة بحجة الذهاب إلى الحمام وعند غيابه لحقت به زوجته العروس ففوجئت بسقوطه على الأرض غارقا في دمائه.
وأضافت التحريات أن العروس استغاثت بوالدة المتوفى وشقيقته واللتين قامتا بنقله لمستشفى البدرشين لمحاولة إنقاذه، إلا أنه توفي قبل وصوله، وقالت أسرة العريس إنه كان يعاني من حالة نفسية قبل زواجه وأنهم كانوا يعتقدون أن الزواج سوف يحسن من حالته النفسية.
ما هي اللاجنسية؟
اللاجنسية هي عدم وجود انجذاب جنسي للآخرين، أو انخفاض أو غياب الاهتمام أو الرغبة في النشاط الجنسي.
يُمكن اعتبار اللاجنسية غياباً في التوجُّه الجنسي، أو أحد التنوعات بين التوجهات الجنسية التي تشمل المغايرة والمثلية وازدواجية التوجه الجنسي.
كما أنه مصطلح واسع يُصنِّف طيفاً واسعاً من الهويات اللاجنسية الفرعية.
تختلف اللاجنسية عن الامتناع عن ممارسة النشاط الجنسي والعزوبة، و اللذان يُمثلان سلوكاً له دوافع كالمعتقدات الشخصية أو الدينية للفرد فعلى عكس السلوك الجنسي، يُعتقد أن التوجّهَ الجنسيَّ “دائم”. يمكن للاجنسيين الانخراط في نشاط جنسي، على الرغم من عدم وجود رغبة جنسية أو انجذاب جنسي للآخر، وذلك لأسباب مختلفة كالرغبة في إمتاع أنفسهم أو شركائهم أو إنجاب أطفال.
لا يزال قبول اللاجنسية كتوجُّهٍ جِنسيّ ومجالٍ للبحث العلمي جديداً نسبياً، و ذلك بتطور الخصائص النفسية والاجتماعية في الأبحاث.
بينما يؤكد بعض الباحثين أن اللاجنسية توجُّهٌ جنسِيّ، فإن باحثين آخرين يرفضون هذا الأمر.
بدأت مجتمعات اللاجنسية بالتشكُّل منذ ظهور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. أشهر هذه التجمُّعات شبكة التعليم والظهور اللاجنسية (Asexual Visibility and Education Network) (اختصاراً AVEN)، و قد أُسِّسَت على يد دايفد جاي عام 2001.
اللاجنسيون في مصر
أشار أ. د. سعيد عبدالعظيم، أستاذ الطب النفسى، كلية طب قصر العينى، جامعة القاهرة في مؤتمر للصحة الجنسية في أكتوبر من عام 2013 ، بأن 50% من المصريين يعانون من «الضعف الجنسي»،ويضيف «عبدالعظيم» أنه توجد عوامل نفسية تسبب الخوف والقلق، وهناك أيضاً الموروثات الثقافية الخاطئة والأفكار البالية التى تدين الرجل في حال عدم قدرته على ممارسة الجنس في المرة الأولى التي يجرب فيها ذلك ، كما تحرم وجود ثقافة جنسية وخاصة لدى الفتيات اللاتى ينشأن على فكرة أن الجنس شىء معيب ثم تفاجأ الفتاة بأنها ستتزوج وتقوم بممارسة الجنس دون وعى على الإطلاق بماهية العلاقة الجنسية، ومن ثم تشعر بالخوف الشديد من زوجها وتعانى مما يسمى بالانقباض المهبلى، وهو عبارة عن انقباض أو تشنج لا إرادى متكرر فى عضلات المهبل يعوق الرجل عن إتمام العملية الجنسية.
إلا أن دكتور سعيد عبد العظيم أرجع غالبية الأسباب إلى انتشار القلق و التوتر و الاكتئاب و الموروثات الاجتماعية المغلوطة ، و لم يذكر بأن هناك توجه جنساني طبيعي لدى بعض الأشخاص في العالم الذين لا يواجهون أي من هذه الأسباب و لكنهم يولدون بدون أي رغبات جنسية، و أنه على المجتمع أن يتقبل هؤلاء الأشخاص و أن لا يدفعهم دفعاً نحو الزواج الذي قد يدمر لهم حياتهم ، في مجتمع يعتبر الفحولة ذات علاقة باكتمال الرجولة ، و أن الرجل بدونها منقوص الرجولة ، مما يحول حياة هؤلاء اللاجنسيون إلى جحيم خوفاً من افتضاح أمرهم بين الناس ، بالرغم من أن ذلك التوجه لا يسبب أي ضرر للمجتمع بل قد يفيده في بعض الأحيان.
في مقال لجريدة “رصيف” تم نشره في أبريل 2019 ، حكت فتاة سورية تدعى ” سمر ” بأنها عندما بحثت باللغة العربية عن اللاجنسية، وجدت صفحة على فيسبوك تحمل نفس الاسم، تضم مجموعة من اللاجنسيين العرب. انضمت لهم على الفور، وركضت نحو والدتها قائلة: “الآن وجدت انتمائي. أنا لا جنسية، ونحن موجودون في العالم بنسبة 1%”، فأتاها رد أمها: “جميعكم مرضى”. صمتت سمر ولم تعد تتحدث إلى أي أحد عن توجهها الجنسي.
ووفقاً لبحث نشره عالم النفس الكندي أنتوني بوغايِرت عام 2006، يمثّل اللاجنسيون 1% من سكان العالم الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 7.6 مليار شخص، أي أن عدد اللاجنسيين في العالم هو نحو 76 مليون شخص.
قد يعتقد البعض أن الأشخاص اللاجنسيين يعتنقون إيديولوجيات معيّنة تجبرهم على عدم ممارسة الجنس، ولكن في الحقيقة فإن اللاجنسية ليست خياراً لهم، بل توجّه حقيقي يأتي نتيجة خصائص يُولد بها الشخص.
تبلغ سمر اليوم من العمر 26 عاماً، وأنهت دراستها في كلية إدارة الأعمال، وارتبطت بشخص يقبل ميولها اللاجنسية، ويسعيان إلى الزواج، والحصول على أطفال، لا عبر علاقة بيولوجية بل عن طريق التبني، وتحاول نشر الثقافة اللاجنسية من خلال الترجمة والكتابة، لأن المحتوى العربي عنها ضئيل للغاية.
إلا أن بعض اللاجنسيون لم يحالفهم الحظ في تقبل ذواتهم و القدرة على مواجهة المجتمع ، فمن غير المعروف إذا كان ضحية البدرشين قد طعن نفسه بسكين في البطن داخل حمام في يوم زفافه بسبب أنه يواجه عجزاً جنسياً طارئا في ظل الخوف و التوتر من التجربة الأولى ، أم أنه كان من المجتمع اللاجنسي ، في كلا الحالين فإنه من المؤكد بأنه واجه الكثير في تلك الدقائق التي قضاها بالتفكير في مخرج من هذا المأزق داخل حمام منزله ، إلى أن انتهى به الأمر إلى قرار الانتحار ، الذي سلط الضوء على انتهاك المجتمع الذكوري لسمعة الرجال و شرفهم و رجولتهم لمجرد أنهم ولدوا ببعض الاختلاف، و أن الفكر الذكوري ليست خطيراً فقط على النساء و لكنه يصب بلعنته أيضاً على بعض الذكور.