و أعرب متحدث باسم الدوري الإنكليزي الممتاز “بريميرليغ” عن رفضه لأي تصريحات مناهضة للمثليين، وذلك تعليقا على تصريحات لنجم الأهلي ومنتخب مصر السابق، محمد أبوتريكة، على قناة “بي.أن.سبورت”.
وخلال “استيديو تحليلي” لمباراة تشلسي ومانشستر يونايتد، الأحد الماضي، بدأ أبو تريكة بانتقاد مبادرة البريميرليغ بدعم مجتمع الميم، قبل أن يشن هجوما لاذعا على المثليين والمثلية الجنسية ومناشدة اللاعبين المسلمين والعرب في الدوري الإنكليزي الممتاز مقاطعة الجولتين المخصصتين لدعم المثليين .
حيث قال أبو تريكة: “دورنا هو الوقوف في وجه هذه الظاهرة ، الشذوذ الجنسي ، لأنها أيديولوجية خطيرة وتصبح بغيضة والناس لا يخجلون منها بعد الآن”.
وتدعم الجولات الرسمية في الدوري الإنكليزي الممتاز حقوق المثليين بين 27 نوفمبر و2 ديسمبر، من خلال حملة “Rainbow Laces” التي تتمثل بارتداء اللاعبين شعارات بألوان قوس قزح (علم الفخر الخاص بالمثليين)، مثل ربطة ذراع ودبابيس وأربطة حذاء.
وقال المتحدث الرسمي باسم ” بريميرليغ”: “نحن لا نتفق مع آراء هذا المحلل”، مشددا على أن “الدوري الإنكليزي والأندية التابعة له يلتزمون بدعم مشاركة مجتمع الميم والتأكيد على أن كرة القدم هي للجميع”.
وكان الدوري الإنكليزي الممتاز، أكد في بيانه السابق، على أن “النوادي والمجتمعات تصبح أقوى عندما يشعر الجميع بالترحيب، والأمر متروك لنا جميعا لتحقيق ذلك”.
وشدد على ضمان “شعور الجميع في الدوري والمرتبطين به بالأمان والترحيب، بغض النظر عن الميول أو الهوية الجنسية”، مبينا أن الحملة “لإظهار الدعم لجميع الأشخاص المثليين في كرة القدم وخارجها”.
وفي هذا الصدد، يقول الناشط في مجال حقوق المثليين والمدير التنفيذي في جمعية “حلم”، طارق زيدان، إن “كلام اللاعب المصري خطير، لا مسؤول، وغير صحيح”، مشيرا إلى أن “وجود جهود لإعادة تفسير موقف الديانات السماوية من الهوية الجندرية بشكل عام، والمثلية بشكل خاص”.
وأضاف: “يجرى العمل حاليا من قبل جهات مختلفة على تفسير الآيات والسور التي تتحدث عن قوم لوط، وذلك لتغيير المفهوم التقليدي الذي يتبناه عدد من الأشخاص، وبينهم أبو تريكة”.
ورأى زيدان أن “أبو تريكة يريد تعميم رأيه الخاص الذي يخالف القوانين الدولية وحقوق الإنسان”، معتبرا أنه “آن الأوان في الدول العربية، أن يتم الحديث عن حقوق المثليين بصوت مرتفع”.
واستعان أبو تريكة، أثناء الحلقة حول مباراة تشلسي ومانشستر يونايتد في البريميرليغ، عرضتها قناة “بي إن سبورت” التي تبث من قطر، بنص قرآني: “فخسفنا به وبداره الأرض (سورة القصص)”.
واعتبر أن “الدوري الإنكليزي هو الأقوى عالميا من الناحية الفنية، ولكن هناك ظواهر لا تناسب عقيدتنا وديننا، أكبر عقوبة حدثت في التاريخ وذكرها القرآن (قوم لوط)”.
كما طالب النجم الكروي اللاعبين العرب والمسلمين بالتصدي لهذه الحملة الداعمة للمثليين.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، كان واضحا أن شعبية أبو تريكة أثرت على آراء ومواقف المغردين التي جاءت داعمة لرأيه، ولكن انتقد نشطاء تصريحاته معتبرين أنها تندرج ضمن “خطاب الكراهية”.
بدوره، دشن الباحث في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الناشط المصري عمرو مجدي، وسم #ضد_رهاب_المثلية، مغردا: “علم نفسك: يخلق الناس أحرارا ومتساوين، لا فضل لأي أحد على آخر إلا عند ربه، وليست وظيفتك أن تحط من شأن أي شخص،توجد المثلية في البشر منذ فجر الخليقة وتوجد أيضا في الكثير من الحيوانات والمخلوقات الأخرى، قوانين تجريم المثلية عندنا هي إرث استعماري”.
كما انتقدت الصحفية اللبنانية ليال حداد كلام اللاعب المصري، قائلة: “المثلية الجنسية ظاهرة‘ هو كم سنة لازم أي موضوع يصير علني ومتداول ومعروف تيبطل ظاهرة؟ المثلية الجنسية عمرها من عمر البشرية وبعدها ظاهرة؟”.
بدوره، أعرب المحامي المصري مصطفى فؤاد، مدير البرامج في منظمة “هيومينا” لحقوق الإنسان، عن مخاوفه في أن “يؤثر كلام أبو تريكة، صاحب الشعبية الواسعة في الدول العربية، على آراء الناس، الأمر الذي قد يزيد من معاناة المثليين والمثليات، وتحديدا في مصر”.
وشدد فؤاد، المقيم في النمسا، على أن “كلام شخص لديه متابعيه ينعكس على آراء الناس وأفكارهم، وما تقدم به لا يندرج إلا ضمن خطاب الكراهية والتحريض على العنف”.
ولفت إلى أن “أفراد مجتمع الميم يعانون في مصر من القوانين، ونظرة المجتمع والدولة إليهم”، مشيرا إلى “حملة اعتقالات تشنها السلطات الأمنية من خلال مواعدة المثليين والمثليات عبر تطبيقات التعارف الخاصة بهم للإيقاع بهم”.
ومعظم دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لديها قوانين تجرم العلاقات الجنسية المثلية. وحتى في البلدان التي لا تفعل ذلك، ومنها مصر، يتم التسلح بـ”قوانين الأخلاق” وقوانين الدعارة والفجور لاستهداف مجتمع الميم، بحسب تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”.
كما رصدت المنظمة “حملات اعتقال وتعذيب ممنهج للأشخاص من مجتمع الميم في السجون المصرية”، مشيرة إلى أن “نمط الاستهداف كان واضحا: اعتمدت السلطات المصرية على الأدلة الرقمية لتعقب أفراد مجتمع الميم واعتقالهم ومقاضاتهم”.
واستغرب فؤاد “كيف يمكن لأبو تريكة أن يعتبر حقوق المثليين ليست من حقوق الإنسان”، موضحا أنه “ممنوع من دخول مصر بسبب آراءه السياسية، ويبدو أن الحرية تقف عند الحقوق السياسية عند هذا اللاعب الشهير”.
وكانت السلطات المصرية قد أدرجت اسم أبو تريكة على “قائمة الإرهاب” عام 2017، بعد اتهامه بدعم جماعة الإخوان المسلمين.
في المقابل، تعذر الحصول على تعليق من أبو تريكة، رغم محاولة موقع “الحرة” الاتصال به هاتفيا.
وكان لافتا في المقطع المنتشر، وتحديدا في الدقيقة 01:11، مقاطعة مقدم القناة، محمد سعدون الكواري، لضيفه قائلا: “ويحسب للكثير من اللاعبين المسلمين (..) في البريميرليغ عدم المشاركة فيما يحدث في هاتين الجولتين” ، ليقول بعدها أبو تريكة : “صح هذا دور اللاعبين المسلمين والعرب ودور العلماء والشيوخ”.
وهنا، يقول زيدان إنه “من المستغرب بث كلام أبو تريكة عبر قناة تبث من قطر، التي من المقرر استضافتها لمباريات كأس العالم 2020″، مشيرا إلى أن “القوانين هناك تمنع المواطنين من التعبير عن ميولهم الجنسية في الوقت التي تسمح للضيوف والجماهير من أفراد مجتمع الميم بالحضور”.
وتواجه قطر انتقادات حقوقية بسبب اتهامات توجه لها بانتهاك حقوق الإنسان والعمال. كما أعرب لاعبون عن مخاوفهم من المشاركة في مباريات كأس العالم، كان آخرهم اللاعب الأسترالي جوش كافالو، بسبب الحظر الصارم الذي تفرضه الإمارة الخليجية على المثلية الجنسية، وفقا لتقرير لصحيفة “الغارديان”.
وفي ديسمبر 2020، ذكرت وكالة أسوشيتد برس أن السلطات القطرية ستسمح برفع علم قوس القزح الناطق باسم الأقليات الجنسية خلال كأس العالم 2022.
وتحظر قطر المثلية الجنسية بموجب عديد من القوانين المحلية، مع عقوبات بالسجن تتراوح بين سنة إلى 10 سنوات. وسبق لمنظمات حقوقية أن طالبت سلطات الإمارة الخليجية بإلغاء القوانين التي تجرم المثلية الجنسية.
وشدد زيدان على أنه “لا يحق للقناة الامتناع عن عرض وبث المباريا،ت حتى لو تضمنت حملة داعمة لمجتمع الميم”، معتبرا أن حصول ذلك “يخرج عن مهنية الصحافة ومبادئ الشفافية والوضوح”.
وبحسب تقرير لموقع “ياهو”، فقد ذكر متحدث باسم القناة: “بصفتنا مجموعة إعلامية عالمية، فإننا نمثل وندعم الأشخاص بمختلف ظروفهم واهتماماتهم من كل خلفية ولغة وتراث ثقافي عبر 43 دولة متنوعة، ونعرض ذلك كل يوم”.
وستستمر الشبكة في الترويج لحملة “Rainbow Laces”، جنبا إلى جنب مع المبادرات الأخرى التي تدعم المثليين والفئات المهمشة الأخرى، بحسب التقرير.
وكان تقرير سابق لصحيفة “ديلي ميل”، نقل تأكيد إدارة القناة لصحيفة “ذا ميل أون ساندي”، على أنها ستسمح بـ”التغطية الحية والمباشرة دون تعديل”، لحملة الدوري الإنكليزي الممتاز.
وتمسكت القناة بأنها لن “تتجنب عرض الحملة بأي شكل من الأشكال”، مشيرة إلى “أنه يتعين عليهم (فريق العمل) أن يكونوا حساسين ثقافيا، إلا أنهم لن يخجلوا من الحملة”.
وكان أبو تريكة نوه، خلال الحلقة، إلى أن مطالبته بعدم بث الحملة الداعمة للمثليين وتأييد مقدم القناة لمقترحه “غير منسق مع الإدارة مسبقا”.
وقال زيدان: “من واجب وسائل الإعلام الانتباه أثناء التعليق والتحليل واختيار الضيوف”، داعيا إلى إجراء “دورات للعاملين في الصحافة حول المصطلحات والمفاهيم الحقوقية التي لا يمكن مخالفتها”.
وفي هذا السياق، يشدد طارق مصطفى، باحث مصري في شؤون الأقليات الجنسية والجندرية، في حديث لموقع “الحرة”، على أنه “من الضروري تصدي وسائل الإعلام لمواجهات خطابات الكراهية تلك، وخلق مساحات يتساوى فيها الكل بغض النظر عن اختلافات الميول الجنسية والهويات الجندرية”.
وتخوف مصطفى من أن “كلام أبو تريكة يعطي شرعية لخطابات وممارسات قمعية ضد المثليين في مصر”، مشيرا إلى أن “هذا النوع من التصريحات يستهدف فئة مهمشة في المجتمعات، تعاني من الاكتئاب والرفض والعنف المبرر قانونا”.
ويعد أبو تريكة أحد أبرز لاعبي كرة القدم في تاريخ مصر ويحظى بجماهيرية كبيرة في العالم العربي، كما حصد الكثير من الألقاب مع ناديه الأهلي ومنتخب بلاده، قبل أن يعتزل عام 2013.