هل هناك تعاطف شعبى مع جماعة الإخوان؟!
ظنى الشخصى أن الإجابة هى لا، باستثناء طبعا أعضاء الجماعة وأقاربهم والمتعاطفين معهم، وحتى هؤلاء لا يجرؤ أحد منهم على الجهر بتعاطفه.
السؤال الثانى: هل هناك غضب شعبى من بعض قرارات وإجراءات الحكومة فى الشهور الأخيرة، خصوصا زيادات الرسوم، وطريقة تطبيق قانون التصالح فى مخالفات البناء؟!
الإجابة هى نعم، ومن لا يريد أن يصدق ذلك، فعليه بالنزول للشارع ورؤية ذلك على الطبيعة.
السؤال الثالث: ما هى العلاقة بين السؤالين السابقين، أى عدم وجود تعاطف شعبى مع الإخوان، وفى الوقت نفسه، وجود غضب شعبى من بعض قرارات الحكومة؟!
الإجابة بسيطة، إحساس الإخوان بعدم وجود تعاطف شعبى معهم، يدفعهم طوال الوقت إلى محاولة استغلال الغضب الشعبى من بعض القرارات الحكومية، لكى يصبَّ ذلك فى مصلحتهم، وبالتالى فإن إحدى المهام العاجلة التى يفترض أن تقوم بها مختلف أجهزة الدولة المعنية هى منع حدوث الالتحام بين المتطرفين والغاضبين، أو منع المتربصين من استغلال شرارة الغضب الشعبى لإشعال الأوضاع؛ ظنًا أن ذلك قد يعيد الأوضاع لما كانت عليه قبل ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
مرة أخرى، أعتقد أن قانون التصالح فى مخالفات البناء مهم وحيوى جدا إذا أردنا الانتقال من الحياة العشوائية التى نعيشها إلى حياة منظمة ومخططة، لكن طريقة التمهيد والتنفيذ لم تكن موفَّقة بالمرة، واكتسبت الحكومة خصومات مجانية مع كثير من فئات الشعب من دون سبب.
المواطن المخالف لن يفكر بالمنطق، ويقول إننى أخطأت من البداية، بل سيقول إن فساد المحليات هو الذى دفعه لذلك، أو إن آباءه وأجداده كانوا يبنون دائمًا فوق الأرض الزراعية، وهذا النوع من الناس قد يستمع إلى وسائل إعلام التضليل ويصدقها أو حتى يتعاطف معها باعتبارها تؤيد منطقه، وتضع الخطأ فقط على كاهل الحكومة.
المواطنون الذين تم نقلهم من الدويقة ووفرت لهم الدولة مساكن بديلة، يريدون أن يستمروا فى البيوت الخطرة والمهددة بالسقوط؛ لأن أعمالهم موجودة فيها، وحينما تريد الدولة نقلهم سوف يعيشون حياة صحية وسليمة، لكن ذلك يعجبهم، وسوف يستمعون للأسف للفضائيات المعادية.
المواطنون الذين لم يستطيعوا بيع منتجاتهم من الطوب الطفلى فى أطفيح أو بعض قرى الجيزة، قد يتأثرون بالدعايات المعادية، والمواطنون الذين تعطلت أعمالهم فى صناعة الرخام خصوصا فى البساتين، وصاروا عاطلين عن العمل، قد يتأثرون بأى دعايات مضادة.
أن تكون هناك مشاكل اقتصادية واجتماعية أمر طبيعى فى كل دول العالم، بما فيها الدول الكبرى، لكن المهم هو كيفية التعامل معها بصورة صحيحة.
القوى المتطرفة سوف تسعى بكل الطرق المعقولة وغير المعقولة إلى استغلال هذه المشاكل الحياتية اليومية أو الموسمية والنفخ فيها باستمرار، وبالتالى فالمنطقى أن الحكومة يفترض أن تكون واعية ولا تعطى فرصا مجانية لهؤلاء المتربصين.
ليس عيبًا أن تخسر الحكومة بعض التأييد الشعبى نتيجة اتخاذها قرارات مهمة جدا وغير شعبية مثل بعض إجراءات الإصلاح الاقتصادى، لكن من العيب الكبير أن تخسر بعضا من شعبيتها نتيجة قرارات متسرعة وغير مدروسة، أو قرارات مدروسة وصحيحة جدا لكن طريقة وتوقيت تطبيقها خاطئ جدا.
وكذلك الأمر فى طريقة تقديمها وإخراجها للناس، كما حدث على سبيل المثال فى توسيع طرق وجسور مصر الجديدة ومدينة نصر. القرار يهدف لتسهيل حياة الناس وتنقلاتهم وجهدهم، لكن كان ينبغى أن يخضع لنقاش مجتمعى مسبق. هذه الطريقة جعلت كثيرا من سكان المنطقة غاضبين؛ لأن الحكومة لم تكلف نفسها حتى بإخبارهم بأنها تنوى التنفيذ، رغم أن معظمهم يرى الآن أن حياته قد أصبحت أفضل بعد هذه التوسعات.
السؤال: ما الذى يمنع الحكومة أن تمهد لقراراتها وتتحاور مع الناس أو أهل الخبرة فيهم قبل البدء والشروع فى أى مشروع، خصوصا أن كل هذه المشروعات هى لمصلحة الناس؟!
أتمنى أن تتوقف الحكومة عن تقديم الهدايا المجانية جدا للمتربصين بها، وأن تعيد النظر فى بعض القرارات، خصوصا المتعلقة بفرض رسوم أو أى زيادات جديدة فى أى سلع رئيسية هذه الأيام، حتى تنتهى من ملف التصالح فى مخالفات البناء، خصوصا فى القرى التى يشعر كثير من سكانها بأنهم صاروا يدفعون الكثير فى ظل أزمات اقتصادية خانقة وتوقف البناء وتداعيات كورونا.
على الحكومة أن تمنع التحام أعواد الكبريت المشتعلة مع البنزين الموجود على الكثير من الطرق والمناطق فى مصر.
نقلا عن “الشروق” المصرية
الكاتب رئيس تحرير جريدة الشروق المصرية وله مقال رأي أسبوعي بموقع “دويتشه فيلا” الألماني