أصدرت المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان تقريرا حول الاحتجاجات التي وقعت خلال شهر ديسمبر من العام الماضي، مؤكدة أن الشهر الأخير في عام 2020 شهد 12 احتجاجا منها 6 احتجاجات عمالية، و 5 احتجاجات للأهالي واحتجاج مهني.
ورصد التقرير حجم الاحتجاجات، والفئات التي قامت بها، وطبيعة المطالب التي رفعها هؤلاء المحتجين وطبيعة الأسباب التي يلجأ المصريون إلى الاحتجاج من أجلها، وكذلك المحافظات التي شهدت هذه الاحتجاجات، وكيفية تعامل الدولة ووزارة الداخلية معها.
وحسب التقرير فقد جاءت الاحتجاجات التي تم رصدها بـ 6 احتجاجات عمالية، و5 احتجاجات من الأهالي منهم 4 بشكل جماعي واحتجاج فردي، واحتجاج مهني من جانب المحامين. ولفت التقرير إلى قيام عمال 4 شركات هي شركة الدلتا للصناعات الكيماوية والأسمدة (سماد طلخا) بإعتصامين في الشهر ذاته، وعمال شركة ريجوا للمياه الجوفية، عمال شركة الإسكندرية لتداول الحاويات، عمال شركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار، فضلا عن احتجاج للعمال الزراعيين بالمنيا.
وعن احتجاجات الأهالي، ذكر التقرير أنها جاءت في 4 محافظات هي الغربية والدقهلية والبحيرة وقنا، حيث تجمهرت أسرة متوفي أمام الوحدة الصحية بقرية عياش بالمحلة اعتراضا على عدم تواجد الأطباء، والمطالبة بحضور طبيب للكشف على الجثمان واستخراج تصريح دفن له في 3/12.
كما أشار التقرير إلى احتجاج أنصار مرشح بالدقهلية في انتخابات مجلس النواب وقامت قوات الأمن بالقبض على المرشح الخاسر و24 من أنصاره بالدقهلية بعدما قطعوا الطريق الدولي احتجاجا على النتيجة في انتخابات مجلس النواب بدائرة بلقاس احتجاجا على سقوط المرشح عوض أبوالنجا في جولة الإعادة، فيما احتج أهالي مدينة المحمودية رفضا لهدم منازلهم احتجاج على إنزالات محور المحمودية بمحافظة البحيرة.
وتابع التقرير أن العشرات من أهالي قرية مبارك التابعة لمركز بني عبيد نظموا احتجاجا داخل الوحدة الصحية بالقرية اعتراضا على غياب الأطباء والتمريض وعدم وجود خدمات صحية بالوحدة، فيما أغلق شاب فمه بقفل حديدي والإضراب عن الطعام احتجاجًا على عدم توفير كشك له بمركز نجع حمادي.
وعن الاحتجاجات المهنية، قال التقرير إن جانب من المحامين بمحافظة القليوبية أعلنوا الإضراب عن حضور جلسات المحاكم الجزئية التابعة لمحكمة جنوب بنها الابتدائية، عن أيام 15 ، 16 ، 17 من شهر ديسمبر بسبب ما صدر عن رئيس محكمة شبرا الخيمة الجزئية الدائرة الرابعة من تجاوزات ضد المحامين.
وفيما يتعلق بالتوزيع الجغرافي للاحتجاجات، قال التقرير إن محافظة الدقهلية جاءت في المركز الأول بمعدل 4 احتجاجات بنسبة منها احتجاجين لعمال شركة الأسمدة بطلخا، واحتجاج لأنصار مرشح بانتخابات مجلس النواب، واحتجاج للعشرات من أهالي قرية مبارك التابعة لمركز بني عبيد، يليها محافظة البحيرة بمعدل احتجاجين منها احتجاج لأهالي مدينة المحمودية على إزالات المنازل واحتجاج لعمال شركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار، تلتها محافظات القاهرة، والقليوبية، الغربية، الإسكندرية ، المنيا ، قنا بمعدل احتجاج واحد لكل منها.
وتابع “تنوعت الأشكال المستخدمة في الاحتجاجات ما بين أشكال التجمهر والوقفة الاحتجاجية، والاعتصام، والإضراب عن العمل، والإضراب عن الطعام، وقطع الطريق، وعمل جنازة رمزية من جانب المزارعين بمحافظة المنيا بسبب تدني أسعار محصول البطاطس”.
ونبه التقرير إلى أن أعلى الأسباب الدافعة للاحتجاج جاءت من جانب الفئات العمالية بمعدل 5 احتجاجات، لسببين رئيسيين بسبب إغلاق المصانع وتشريد العمال، السبب الثاني وهو التأخر في صرف الرواتب وصرف مستحقاتهم، يليها الاحتجاجات من جانب المواطنين “احتجاجان” لأسباب ذات علاقة بمرفق الصحة وهو غياب الأطباء عن التواجد في الوحدات الصحية والمستشفيات.
وأكد الخبير الاقتصادي، ياسر عمارة في تصريحات للمكتب الإعلامي لحزب المحافظين أن الاحتجاجات والتي جاءت في غالبيتها بين العمال الذين أغلقت شركاتهم ومصانعهم وما حدث مؤخرا من تصفية شركة الحديد والصلب سببها ليس فقط الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر بسبب جائحة كورونا ، لكن خطة الإصلاح الاقتصادي التي فرضتها الدولة قبل 4 سنوات والتي مازالت تطبقها حتي الآن أنهكت الطبقات المتوسطة والفقيرة فى المجتمع المصري .
وأضاف عمارة : يعاني قطاع كبير من عمال مصر من أوضاع اقتصادية مأساوية تعززت أكثر بسبب تداعيات فيروس كورونا المستجد الذي أطاح بآلاف العمال إلى أرصفة الطرق والشوارع، فيما دفع أضعافهم بقبول إجراءات أخرى قاسية كتقليص الرواتب ومضاعفة الجهد المبذول وهو ما انعكس بطبيعة الحال على الحالة المعيشية للسواد الأعظم من المصريين ، وفي أكتوبر الماضي أنهت أكثر من 40 شركة (معظمها قطاع خاص) عقود عمل عشرات آلاف العمال بعضهم كان يقبع في وظيفته لعشرات السنين، بحسب تقرير أصدرته دار الخدمات النقابية والعمالية، بعنوان “أوضاع العمال المصريين في ظل أزمة كورونا وآفاق المستقبل” وهو ما صعد من الاحتقان لدى الكثير من العمال.من جانبه اعتبر الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني أن خروج العمال عن صمتهم طيلة الفترة الماضية وتكسيرهم لقيود التهديد والوعيد السلطوية والتنفيس عن حالة الغضب التي تخيم عليهم يعكس بشكل واضح إلى أي مدى وصلت الأوضاع على أرض الواقع، الأمر الذي ينسحب على قطاعات أخرى كثيرة ربما لم تتح لهم الفرصة في الاحتجاج وعلى رأسهم الفلاحون والمزارعون ممن يعانون من أحوال ليست أفضل من العمال