صدر حكم قضائي عن محكمة في الهند ينص على أن يكون بمقدور النساء الخضوع لاختبارات القبول في أكاديمية الدفاع الوطني للمرة الأولى ما يمهد الطريق أمامهن ليصبحن ضابطات بدوام كامل. وحسب وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، ويسري قرار المحكمة في نوفمبر القادم، بعدما رفضت المحكمة طلبا من الحكومة بمنحها مهلة حتى مايو لإعداد المناهج والبنية التحتية والتدريب على اللياقة البدنية والإقامة للنساء.
كذلك كانت المحكمة رفضت في وقت سابق التماسا حكوميا بأن النساء غير مناسبات لتولي مناصب قيادية في الجيش، لأن الجنود الذكور ما زالوا غير مستعدين لقبول ضابطات معهم.
ويسمح التدريب في الأكاديمية للنساء بتولي وظائف طويلة الأمد في الجيش أو البحرية أو القوات الجوية، بعدما كان بإمكان الضابطات في السابق الاستمرار في الخدمة لنحو 10 إلى 14 سنة فقط.
وكانت الحكومة دفعت بأنه لا يمكن معاملة الضباط والضابطات على قدم المساواة عندما يتعلق الأمر بالتعيين لأن “القدرة البدنية للضابطات لا تزال تمثل تحديا لقيادة الوحدات”، وهو ما اعتبرته المحكمة ذرائع تناقض مفهوم المساواة.
فماذا عن مصر؟ في عام 2010، أقيمت دعوى قضائية، ضد رئيس الجمهورية حينها، ووزير الدفاع، ورئيس مجلس الشعب، ورئيس مجلس الشورى لإلزامهم بإقرار تجنيد الإناث إلزامياً مساواةً بالذكور، مستندة في ذلك على أن الدستور المصري أقر مبدأ المساواة بين المواطنين، ولم يفرق بين الرجل والمرأة، على عكس قانون الخدمة العسكرية والوطنية، والذي يحصر الخدمة العسكرية على المصريين من الذكور فقط.
ورأى صاحب الدعوى في عدم تجنيد الإناث تفضيلاً للذكور عليهم وحرماناً للإناث من شرف الخدمة العسكرية، وهو ما يتنافى مع حقوق المرأة المصرية التي كفلها الدستور، على حد وصفه.
وحينها، رأى تقرير هيئة مفوضي الدولة، رداً على تلك الدعوة، التي رفضها، مستنداً إلى أن مصلحة الأسرة المصرية وتوفيق المرأة بين واجباتها نحو أسرتها وعملها العام يقتضي أن يكون التجنيد الإجباري محصوراً على الذكور فقط، وذلك “صوناً للمرأة المصرية وحماية لها باختيار مجالات العمل المناسب لطبيعتها”، وفق ما جاء في التقرير، الذي نص كذلك، على أنه من حق المرأة الالتحاق بالوظائف المتصلة بالعمل العسكري دون أن تكون من نفس طبيعته القتالية، كالتمريض والأعمال الإدارية.
واستند التقرير أيضاً إلى آراء فقهية تقضي بأن المرأة غير مطالبة بالقتال.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، أصدرت هيئة كبار علماء الأزهر، فتوى، قالت فيها إن تجنيد الفتيات “غير مستحب شرعاً”، معتبرة “مشاق التجنيد امتهاناً للمرأة” التي وصفتها الفتوى بأنها تتحمل مشاق أخرى لا تقل صعوبة عن مشاق التجنيد مثل الحمل والولادة.
وقالت الفتوى إن المرأة مطالبة بإكمال دور الزوج الغائب للمشاركة في الجيش أو الحرب، عن طريق تربية الأطفال وإدارة شؤون المنزل وحسن معاشرته عند عودته.
و يبدو أن هناك تطرفاً في الدعوى القضائية المذكورة أعلاه من حيث طلبها فرض التجنيد على السيدات أسوة بالرجال بدلاً من إسقاط التجنيد الإجباري – كمطلب حقوقي متكرر – و فتح باب التطوع و التجنيد للراغبين من الرجال و النساء على قدم المساواة ، و يبدو أن الحملات التي تدعو إلى إلزامية تجنيد النساء وقعت في نفس المأزق الذي يجرد الإنسان من حق واضح من حقوقه الإنسانية و هو حق ( رفض حمل السلاح ) ، و لذلك فإننا نشيد بالتجربة الهندية لكونها لم تقع بذلك المأزق و لسلميتها المطلقة في المطالبة قضائياً بحق نسوي لا غنى عنه لاكتمال مساواة المرأة بالرجل و هو حق ( الوجود الاختياري و الترقي في المناصب العسكرية بلا تمييز ) بينها و بين الرجال .
لأننا حتى بوجود سيدات مصريات في الجيش المصري نتساءل عن مقدرتهن في الوصول إلى المناصب العليا مثل منصب قائدة مدفعية، أو قائدة لقوات القتالية، أو مسؤولة عن سلاح الجو، أو طيار قتالي، و نتسائل ، هل يمكن أن تتولى السيدات في مصر هذه المهام أو مهمة الإغارة على أهداف عسكرية؟ و هل يمكن بعد سنوات من الخبرة أن تشغل منصب قائدة القوات المسلحة المصرية بدون أي تمييز بينها و بين الرجال ؟ الحقيقة أننا لا نملك المعلومات الكافية عن إجابات لهذه التساؤلات و ننوه أيضاً أنه لا توجد إحصائية رسمية توضح نسبة مشاركة المرأة المصرية في القطاعات العسكرية المدنية أو القطاعات التي تشرف عليها القوات المسلحة في البلاد ، إلا أننا لم نعرف حتى الآن بوجود أي قيادة عسكرية كبرى من السيدات في مصر ، فهل يمكن تطبيق التجربة الهندية قريباً في مصر ؟