أكد وزير الري المصري، محمد عبد العاطي، أن بلاده تواجه تغيرا في إيراد نهر النيل بسبب تعنت إثيوبيا، كاشفا أن نسبة العجز في الموارد المائية المتجددة بلغت نسبة 90 بالمئة.
الوزير المصري قال في كلمة ضمن فعاليات الدورة الرابعة لـ”أسبوع القاهرة للمياه 2021″، يوم الأحد، إن بلاده “تواجه تغيرا في إيراد نهر النيل، نتيجة إجراءات أحادية، خصوصا إجراءات ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، دون الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم فيما يخص قواعد التشغيل”.
كما تعاني “عجزا مائيا بنسبة 90 بالمئة من الموارد المتجددة، وتعيد استخدام 35 بالمئة من تلك الموارد لسد الفجوة”، بحسب الوزير، مشددا على أن مصر تعتمد على نهر النيل لتوفير 97 بالمئة من الاحتياجات المائية.
المسؤول المصري كشف أن القاهرة أعدت خطة قومية 2017 -2037 كلفتها بين 50 و100 مليار دولار لمواجهة تحديات إدارة المياه.
و بالرغم من إصرار وزير الري المصري على كون الأزمة المائية في مصر هي نتاج التعنت الأثيوبي وحده إلا أن التاريخ قد سجل أنه قبل شروع أثيوبيا لبناء سد النهضة ، تم توقيع “وثيقة سد النهضة “و هي اتفاقية إعلان مبادئ بين مصر وإثيوپيا والسودان حول مشروع سد النهضة، تم التوقيع عليها في الخرطوم، بالسودان، يوم 23 مارس 2015، في قمة ثلاثية ضمت رؤساء الدول الثلاث. حضور ممثل البنك الدولي يشير إلي دوره المالي الدولي المسبق في صياغة قضايا الانهار وفي صياغة مبادرة توقيع هذه الوثيقة.
تتضمن هذه الوثيقة موافقة ضمنية من مصر و السودان على بناء الأثيوبي من غير تحديد التعويض الذي يجب أن تقدمه أثيوبيا في حالة وجود ضرر ، حيث جاء نص المادة 4 : ” سوف تتخذ الدول الثلاث كافة الإجراءات المناسبة لتجنب التسبب في ضرر ذى شأن خلال استخدامها للنيل الأزرق- النهر الرئيسي. – على الرغم من ذلك، ففي حالة حدوث ضرر ذى شأن لإحدي الدول، فان الدولة المتسببة في إحداث هذا الضرر عليها، في غياب اتفاق حول هذا الفعل، اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضررة لتخفيف أو منع هذا الضرر، ومناقشة مسألة التعويض كلما كان ذلك مناسباً” .
و عبارة ” مناقشة مسألة التعويض ” تجعل أثيوبيا غير مكلفة بتقديم هذا التعويض لانها لا تفرض أمراً ما عليها تقديمه مما زاد من التعنت الأثيوبي بعد ذلك .
كما فرضت كلمة “يحترم” بدلا من كلمة “ملزم” حول تقرير المكتب الاستشاري لبناء السد أي أن مصر والسودان ليس من حقهما الاعتراض على التقرير ومن حق أثيوبيا أن تستمر في بناء السد دون الالتفات لأي اعتراضات.
و قد حذر الكثير من المصريين من هذه الاتفاقية قبل إبرامها ، و أكد د. نادر نور الدين أستاذ المياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة لـ”العربية نت” – حينها – أن التوقيع على الوثيقة يعني الموافقة لإثيوبيا على بناء سد النهضة رسميا اعتبارا من يوم الاثنين القادم 30 مارس وعودة التمويل الأجنبي الذي كان قد توقف بعد نجاح الدبلوماسية المصرية في حث الدول المشاركة على وقفه ومنها الصين وكوريا والبنك الدولي وإيطاليا.
و لم يكن هذا هو التنازل الأول من قبل الحكومة المصرية عن ثروات مصرية ظلت أصيلة على مدار سنوات كحق لكل المصريين فقد وقعت قبل وثيقة سد النهضة بعامين و تحديداً في ديسمبر 2013 إتفاقية ثلاثية لترسيم الحدود البحرية بين ( مصر ، قبرص ، إسرائيل ) تنازلت فيها مصر عن حقها في جزيرتي شمشون و ليافيثان لإسرائيل – و التي تصدر من خلالها حالياً الغاز لمصر من حقل ليفايثان – و تنازلت عن جزيرة أفروديت لقبرص .
كما تنازلت الحكومة المصرية أيضاً عن جزيرتي ( تيران و صنافير ) للسعودية ، اللتان دافع عنهما الجيش المصري في حروبهم مع إسرائيل و التي رفضت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري في مصر طعن الحكومة المصرية على حكم صدر في يونيو الماضي ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية. ويقضي الحكم الجديد بأن جزيرتي تيران وصنافير مصريتان ، و برغم ذلك فقد ضربت الحكومة المصرية بالحكم القضائي عرض الحائط و عرضت المشروع على مجلس النواب للموافقة عليه و هكذا تم التنازل عن جزيرتين مصريين للسعودية.
إن خيبة أمل الشارع المصري بعد كل تلك التنازلات قد جعلته ينتظر تعطيش بلا حراك ، كما لو أنه يراهن على الغضبة الشعبية الهائلة التي ستحدث حينها بلا شك عندما لا يجد المصريون شربة ماء،أو حينما تحدث تداعيات اقتصادية تجعل من السيطرة على جموع الشعب المصري الغاضبة أمرأً يستحيل إنفاذه.