هل يُهجَّر الآلاف من أهالي العريش لصالح ميناء العريش أم صفقة القرن؟

قسم : تقارير

لا تزال استغاثات أهالي العريش شمال جزيرة شبه سيناء تتوالى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع إصرار الجيش المصري على هدم منازلهم وتهجيرهم قسريًا من المدينة.

حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم 25 أكتوبر من هذا العام القرار رقم 465 لسنة 2021 ، باستبدال نص المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 330 لسنة 2019، بالنص التالي: “تنقل تبعية ميناء العريش ويعاد تخصيص كافة الأراضى المحيطة بالميناء، واللازمة لأعمال التطوير لصالح القوات المسلحة وذلك بإجمالي مساحة 541.82 فدان، ناحية محافظة شمال سيناء.

كما يشار إلى أن السيسي أصدر قراراً جمهورياً، منتصف العام 2019، يقضي باعتبار ميناء العريش وجميع منشآته ومرافقه، وكذلك أي أراضٍ أو منشآت أخرى يحتاج إليها، من أعمال المنفعة العامة، فيما عدا المواقع العسكرية التي تستغل في شؤون الدفاع عن الدولة. كما نصّ القرار، الذي نشرته الجريدة الرسمية، على أن تتولى الهيئة العامّة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس تمويل وتنفيذ تطوير وإدارة وتشغيل ميناء العريش، وأن تتولى وزارة الدفاع مهام إجراءات تأمين منطقة ميناء العريش. ونص القرار أيضاً على أن يوقَّع بروتوكول بين وزارة الدفاع والهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، يتضمن الالتزامات الفنية والمالية والقانونية المتعلقة بإدارة ميناء العريش، ووفقاً للقوانين المصرية، فإن اعتبار مشروع معين من أعمال المنفعة العامة، يتيح للحكومة إزالة العقارات ونزع الملكية، وإعادة تخطيط المناطق التي يحتاج إليها إتمام هذا المشروع بأي وسيلة. ومن ثم، فإن القرار الجمهوري يتيح نزع الملكيات والعقارات التي يتطلبها تنفيذ مشروع توسيع ميناء العريش بإشراف الهيئة العامّة لمنطقة قناة السويس والجيش.

4 آلاف أسرة مصرية مهددة بالتهجير في العريش

 

و قد استفاق أكثر من 7000  أسرة “عرايشية ” في  شمال سيناء، على ما وصفوه بـ”الفاجعة” ، و ذلك في اليوم التالي لزيارة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) الجديد، رونين بار للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم 14 نوفمبر من العام الجاري ، و قد صدم أهالي العريش وجود الطواقم التابعة للبلديات في المكان و التي كانت تقوم بوضع علامات تفيد بإدراج منازلهم ضمن مخطط الهيئة الهندسية للقوات المسلحة و الذي يقضي بهدم جميع الأبنية في هذه المنطقة  كلياً،  لتنفيذ قرار الرئيس المصري بتوسعة ميناء الصيد البحري، وسط تجاهل حكومي ورسمي لاستغاثات آلاف الأسر بالعريش.

لقد سمعوا مسبقاً بالقرارات الرئاسية الصادرة في 2019 و التي تتيح نزع الملكيات والعقارات التي يتطلبها تنفيذ مشروع توسيع ميناء العريش، و سمعوا قبلها بمؤتمر المنامة الذي اقترحت فيه الإدارة الأمريكية المشروع المعروف بـ ” خطة كوشنر ” لإقامة 12 مشروع مصري في شمال سيناء ، بتمويل الدول المانحة ، لتنفيذ مشروع صفقة القرن ، إلا أنهم لم يتخيلوا أن تقبل الدولة المصرية بخطة كوشنر و لم يتوقعوا أن يطرد الآلاف  من منازلهم التي يملكون حيازات ملكيتها فجأة ، و هذا ما لا يحدث حتى في دولة الاحتلال الآن ، حيث أنهم لم يعودوا يخرجون الفلسطينيين من منازلهم سوى بقرار محكمة قضائي و لأسباب محدودة .

وتعقيباً على هذه القرارات ، قال مصدر مسؤول في مجلس مدينة العريش ” إن قرار إزالة المنطقة السكانية لا رجعة عنه نظراً إلى أنه قرار حكومي مدعوم بقرار جمهوري لنزع الملكية الخاصة عن الأرض وتحويلها إلى أرض منفعة عامة، وبالتالي أي اعتراض على هذا القرار لا قيمة له، وستعمل الحكومة على توفير التعويضات اللازمة لأصحاب هذه المنازل التي سيتم هدمها في حال بدء تنفيذ القرار خلال الأسابيع المقبلة…. مشيراً إلى ضرورة تفهم الأهالي لطبيعة الموقف الحكومي وحيثيات القرار”!

علاقة ما يحدث بصفقة القرن

أثار تقرير صحفي نشرته جريدة ” العربي الجديد ” بحسب مصادرها المزيد من القلق الشعبي المصري ،حيث أكد التقرير  أن لقاء رئيس الشاباك و الرئيس المصري قد تضمن “بحث بعض الإجراءات الأمنية الملحقة بالاتفاق الأخير الخاص بزيادة عدد القوات المصرية في رفح، كاشفة أن هناك بنوداً أخرى ذات صلة باتفاقية “كامب ديفيد” محل دراسة بين الجانبين، من أجل إدخال تعديلات عليها في ضوء التنسيق الأمني رفيع المستوى بين الجانبين في سيناء، ومنطقة الحدود المشتركة”.

و ذكرت بأنه في هذا السياق : ” قال دبلوماسي مصري سابق إن “المحتل الإسرائيلي أجبر مصر ودولاً خليجية على الدخول في حلف اقتصادي بشروطه التي فرضها. وعلى أساس ذلك جاءت فكرة منتجعات “نيوم” السعودية، والتي تمتد إلى مصر، وغيرها من مشروعات اقتصادية، أعلنت عن بعضها الإدارة الأميركية السابقة، هدفها إنشاء منطقة اقتصادية، جزء منها في سيناء يستوعب عمالاً من غزة مع أسرهم، بالإضافة إلى بعض المشروعات، مثل محطات كهرباء ووقود تمد سكان القطاع بالطاقة، ما يساهم في تحقيق مشروع السلام الاقتصادي – المزعم تنفيذه- ، والذي بشر به رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي السابق شمعون بيريز”.

وبحسب خطة ” جاريد كوشنر”مستشار و صهر الرئيس الأميركي السابق ترامب ، و التي نشرها البيت الأبيض قبل يومين من انعقاد ورشة المنامة في 25 يونيو 2019 ، تسهم الدول المانحة بنحو 50 مليار دولار، تذهب 28 ملياراً منها للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، و9.176 مليارات لمصر، و7.5 مليارات للأردن، و6 مليارات للبنان. وطرحت الخطة  12 مشروعاً تخص مصر وحدها، على أن يتم تنفيذها جميعاً في شبه جزيرة سيناء، وذلك من أجل تعزيز التنمية والتكامل في الإقليم كله.

ونصت على إنشاء البنية التحتية ودعم مشاريع الطاقة والكهرباء في سيناء، وتوفيرها من أجل مشاريع التنمية في الصفقة، بالإضافة إلى مشاريع دعم الطرق داخل سيناء والبنية التحتية للنقل والمواصلات، لمواكبة التطورات الجديدة، وتحسين الاتصال المحلي والإقليمي.

و كان مركز أبحاث إسرائيلي يميني قد اقترح، قبل عام، معالجة “التحديات” التي يمثلها قطاع غزة لإسرائيل، من خلال تنفيذ خطة لتطوير شمال سيناء، شمال شرقي مصر، عبر التوسع في بناء مشاريع بنى تحتية يمكن أن تُوظف في تحسين الأوضاع الاقتصادية في القطاع. وفي ورقة صادرة عنه، لفت “مركز القدس لدراسة المجتمع والدولة”، الذي يرأس مجلس إدارته وكيل الخارجية الإسرائيلية السابق دوري غولد، إلى أنّ تدشين مشاريع بنى تحتية وسياحية في شمال سيناء، سيوفر فرص عمل للغزيين، إلى جانب إسهام تلك المشاريع، في معالجة مظاهر الحصار المفروض حالياً على القطاع. وتقترح الخطة، التي أعدها العميد المتقاعد شمعون شابيرا، الباحث في المركز، والذي سبق أن عمل سكرتيراً عسكرياً لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أن تتولى الولايات المتحدة، ودول خليجية، مهمة تمويل المشاريع الهادفة إلى تطوير شمال سيناء. وتشمل الخطة تدشين ميناء بحري داخل ميناء العريش الحالي، بحيث يسمح برسو السفن الكبيرة التي ستستخدم في عمليات الاستيراد والتصدير لصالح قطاع غزة.

تفاعل المغردين مع أهالي العريش بسبب تاريخ – لم يُنسى- لهدم رفح المصرية

تفاعل مغردون مع استغاثات أهالي مدينة العريش المصرية، المحيطة بميناء المدينة البحري، والمقدر عددهم بـ 4 آلاف أسرة- على أقل تقدير – ،حيث كتب  المدون مصطفى غاندي: “‏خلوا بالكم من اللي بيحصل في العريش”، وعند سؤاله عن السبب لمح إلى سيناريو توطين الفلسطينيين قائلا: “‎ رفح اتهجرت بالكامل، حرم المطار اتهجر بالكامل، وحاليا حرم الميناء هيتهجر بالكامل، شمال سيناء بتفضي حرفيا”.

وتساءل مستخدم آخر عن مدى جدوى المشروع: “‏السؤال المهم هنا ليه محتاجين نعمل ميناء في العريش؟ هي شمال سينا بتصدر ايه يا جماعة؟ طب بلاش شمال سينا جنوب سينا بتصدر ايه عشان كده محتاجين نعمل مينا في العريش؟ ايه المنطق في كده يعني ممكن حد يفهمنا؟ “.

و لم تكن تحذيرات المدونين و تساؤلاتهم ، مجرد تكهنات مغرضة ، حيث أن “محاولات تهجير سكان شمال سيناء بدأت منذ أزالت القوات العسكرية و الأمن المصري ” بداية من 2013 ما يقارب الـ12,350 مبنى، معظمها منازل في العريش و رفح المصريتين ، كما جرّف الجيش وأفسد ومنع الوصول إلى ما لا يقل عن 6 آلاف هكتار (نحو 14,300 فدان) من الأراضي الزراعية، معظمها منذ منتصف 2016 “، وفق ما أكدته “هيومن رايتس ووتش”.

صبي يقف على منزل دمره الجيش المصري في رفح المصرية بعد الصراع المسلح في محافظة شمال سيناء © 2014 أسوشيتد برس

و تُظهر صور حديثة للأقمار الصناعية التقطت في ديسمبر/كانون الأول 2020 – أوردها تقرير منظمة هيومن رايتس – استمرار عمليات الهدم في منطقة رفح.

حيث يبدو بالصورة – كما وصفتها – أن معظم المباني المهدمة في العريش كانت منازل أو مبان تجارية، ودُمر حوالي 3,500 منها في عام 2018 وحده، بعد أن قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إنه سيستخدم “عنف شديد وقوة غاشمة حقيقية” في سيناء بعد هجوم مسلح على المطار في ديسمبر/كانون الأول 2017. بعدها صعد الجيش عملياته، بما في ذلك فرض قيود صارمة على الحركة دفعت بآلاف السكان إلى حافة أزمة إنسانية بين فبراير/شباط ومايو/أيار 2018. في وقت سابق، ربما منذ 2014، هدم الجيش حوالي 1,500 مبنىً آخر في العريش.

وجد تحليل هيومن رايتس ووتش لصور الأقمار الصناعية أنه من بين حوالي 5,500 مبنى هُدم في العريش منذ 2014، كان هناك أكثر من ألفي مبنى خارج النطاق الأمني المحيط بالمطار،  أفادت تقارير إعلامية وشهود تحدثوا سابقا مع هيومن رايتس ووتش أن الجيش يهدم منازل أعضاء مشتبه بهم في ولاية سيناء أو منازل أقاربهم. تتناقض عمليات الهدم المكثفة هذه مع تصريح محافظ شمال سيناء في يناير/كانون الثاني 2018 بأن عمليات الهدم ستراعي “عدم المساس بمدينة العريش”.

كما صرحت  “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها حول عمليات التهجير في سيناء، الصادر في 17 آذار/ مارس 2021، أن عمليات الهدم الواسعة التي يديرها الجيش في سيناء وتدمير المنازل وسبل العيش والإخلاء القسري هي جرائم حرب وانتهاكات للقانون الدولي الإنساني وقوانين الحرب.

و قد امتد الجدل  إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تصدر وسم “#سيناء_خارج_التغطية” قائمة أعلى الوسوم تداولاً عبر “تويتر”، وتداول النشطاء خلاله العديد من استغاثات أهالي العريش وهم يتحدثون عن مكافحتهم لبناء منازلهم لسنوات ولاستصلاح أراضيهم وزراعتها بما يحتاجونه من طعام لأن البنى التحتية في سيناء كانت متهالكة لسنوات.

وتداول النشطاء والحقوقيون مقاطع فيديو لأهالي العريش وهم يقبلون تراب مدينتهم ويؤكدون أنهم يرفضون التهجير القسري الذي يصر الجيش على تنفيذه، موضحين أن وضعهم قانوني وأنهم يمتلكون الأرض التي بنوا عليها منازلهم منذ عشرات السنين.

ووفق ما يؤكده بعض الحقوقيين فإن هناك سبعة آلاف أسرة معرضة للتهجير القسري من العريش، فيما أكد البعض الآخر أنها 4500 أسرة.

وأكدت هيومن رايتس ووتش أن “أغلب عمليات الهدم استمرت دون تحديد إحداثيات المناطق المراد هدمها رسميا، ودون إبداء أسباب تفصيلية محددة، ودون وضع عملية تعويض عادلة”، مضيفة أن أغلب العائلات التي تم تهجيرها منذ 2013 لم تحصل على تعويض حتى الآن.

في ذات السياق تداول النشطاء مقطعا صوتيا منسوبا للرئيس الراحل المخلوع حسني مبارك، تحدث فيه عن مساومات أو ما سماه “محاولات جس النبض” من الطرف الإسرائيلي حول إفراغ سيناء لتوطين سكان قطاع غزة فيها، وعلق مبارك -وفق المقطع الصوتي- بقوله: “انس الموضوع ده، هتبقى مشكلة بينا وبينكم، انت عايز تبدأ حرب بينا وبينك تاني، الحدود ولا أنا ولا اتخن مني يقدم لهم”.

إلا أن إجراءات و قرارات جديدة طرأت بعد ما يقال بأنه ناتج عن اتفاقية ” صفقة القرن” ، حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً بتوسعة ميناء الصيد البحري ، و فوجيء آلاف الأهالي بوضع منازلهم في خطة التوسعة مما يتطلب هدمها بالكامل .

و قد شملت الإجراءات الأخيرة ما يلي :

  • منع الصيادين من الصيد شرقا حتى 50 كيلومترا إلى الحدود الدولية في رفح، وكل القيود التي وضعت على الصيادين بدأت مع عودة الجيش المصري في سيناء وتم نقل تبعية ميناء العريش من هيئة الموانئ إلى الجيش مباشرة .
  • كما قرر النظام المصري ، إخلاء جميع السكان والمباني في محيط دائرة قطرها خمسة كيلومترات حول مطار العريش لبناء منطقة عازلة، ما أسفر عنه إخلاء الجزء الجنوبي بالكامل من المدينة من السكان والمزارع والمصانع”.
  • كما تم إصدار قرار بإخلاء جميع السكان والمباني في محيط دائرة قطرها خمسة كيلومترات حول مطار العريش لبناء منطقة عازلة، ما أسفر عنه إخلاء الجزء الجنوبي بالكامل من المدينة من السكان والمزارع والمصانع”.

مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان

و طالبت مؤسسة “سيناء لحقوق الإنسان” النظام المصري بوقف “ما يبدو أنه إخلاء وشيك لآلاف الأسر في منطقة ميناء العريش بدعوى التطوير”. وفي بيان أصدرته تحت عنوان “أنصتوا للسكان ولو مرة واحدة” قالت: ” على الحكومة المصرية أن توقف مشروع إخلاء منطقة ميناء العريش في شمال سيناء”.

ودعت إلى إعادة النظر في خططها في هذا الصدد، وأن تسمح بنقاش مجتمعي حقيقي وشفاف، يُسمع فيه صوت السكان وأن تدرس البدائل المتاحة جماعيا معهم قبل تنفيذها، وأن تعرض خطط المشروع على خبراء مستقلين متخصصين في مجالات النقل البحري والاقتصاد والاجتماع ومكافحة الإرهاب لتقييم جدوى المشروع و بدائله المتاحة و آثاره المتوقعة.

وقال د. أحمد سالم، المدير التنفيذي لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان: “قام الجيش المصري منذ 2013 بتهجير عشرات الآلاف من سكان سيناء وهدم منازلهم تحت دعوى تأمين المنطقة، والآن يريد تهجير آلاف آخرين بحجة التطوير بدلا من دراسة البدائل الكثيرة المتاحة ونقاشها مع أصحاب الشأن الأول، أهالي سيناء أنفسهم، وإذا كان الهدف هو التنمية لصالح أهالي سيناء كما تقول الحكومة، فلماذا لا تستمع إليهم ولو مرة واحدة”؟

وأوضحت المنظمة أن قرار السيسي 330 لسنة 2019 اشتمل على خريطة توضح إن المنطقة المراد إخلائها تقع على نحو 371 فدانا تحيط بميناء العريش. ولدى مراجعة المؤسسة الخريطة والإحداثيات المرفقة بالقرار، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 27 مكرر في 9 يوليو 2019، وجدت أن المنطقة المخطط إخلائها ستشمل أحياء سكنية  وكذلك منطقة شاليهات ساحلية.

وأشارت إلى أنه رغم وجود خريطة بإحداثيات محددة في القرار إلا أن الجيش والجهات الحكومية على ما يبدو لن تلتزم بتلك الإحداثيات فقط بل ستمد خطط التهجير إلى خارج الإحداثيات الموضحة، حيث قال أهالي منطقة “شاليهات السعد” إن موظفين حكوميين زاروا منطقتهم مؤخرا لإحصاء المنازل وترقيمها، وهو الإجراء الذي يعني التمهيد لإخلائها.

شهادات السكان

ونقلت “مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان” فيديوهات نُشرت في الأسبوع الأخير من يناير على جروب “فيسبوك” باسم “منطقة شاليهات السعد في خطر”، ويظهر فيها احتجاج عدد من سكان المنطقة على خطط الإخلاء. حيث قالت إحدى السيدات: “أنا بنيت بيتي من تعبي وشقاي 25 سنة، حيعوضونا بإيه أو هيدونا إيه؟ ده جزاءنا إننا بنعمر سيناء ووقفنا مع الجيش”؟

ونقلت المنظمة عن أحد مسئولي مصر بقطاع النقل البحري رأيه في القرار، فقال: “إن الحل الأكثر جدوى على المستوى الإستراتيجي، هو بناء ميناء جديد خارج التكتل السكني لمدينة العريش، حيث يوجد في شمال سيناء قرابة 200 كم سواحل غير مستغلة، خصوصا المنطقة غرب مدينة الشيخ زويد أو غرب مدينة العريش وهي مناطق واعدة جدا يمكن ربطها بسهولة بشبكة طرق تجارية تربط الميناء بمنطقة الصناعات الثقيلة في وسط سيناء، كما أن إنشاء ميناء جديد سيجنب الحكومة تكاليف التعويضات التي ستسددها للمتضررين”.

وأضاف المسؤول: “إنشاء ميناء جديد سيوفر فرصة حقيقة لإنشاء الميناء وفق معايير قياسية فيما يخص المستوى التشغيلي والسعة التخزينية، مع إمكانية إعادة ترتيب مواقع الخدمات و التوسعات المستقبلية وهي اعتبارات صعب تحقيقها ومراعاتها في الميناء الحالي الذي أنشىء في 25 إبريل 1987 كميناء صيد قبل صدور قرار جمهوري 221 لسنة 1996 بتحويله لميناء تجاري”. بحسب المؤسسة.

ونقلت المؤسسة عن النائب البرلماني  رحمي بكير ما كتبه عبر “فيسبوك” بتاريخ 26 يناير 2021، جاء فيه: “يجب على الحكومة أن تعيد النظر في تهجير وإخلاء السكان، وتأخذ العبرة من تجاربها السابقة في تهجير المدنيين، فلا داعي لخلق فجوات جديدة بين الدولة والمواطن” ، وأضاف أن “الأضرار سوف تلحق بأكثر من 4000 أسرة والمسئولون قادرون على تفادي ذلك”.

 

تهجير قسري

واشار بيان “مؤسسة سيناء” إلى أن القانون الدولي لحقوق الإنسان (المنطبق في حالة السلم) والقانون الدولي الإنساني (المنطبق في حالة الحرب) يحظران التهجير القسري وهدم المنازل بشكل عام إلا في حالات استثنائية محددة مثل تأمين السكان من مخاطر بيئية أو جماعات مسلحة.

وأضاف أن القانون الدولي لا يجيز للحكومات اللجوء للتهجير القسري إلا كملاذ أخير، إذا لم تتوافر أي حلول أخرى، وفي إطار ضمانات صارمة تشمل التناسبية والمعقولية والشفافية والنقاش المسبق مع السكان المحليين ودراسة كافة الحلول والبدائل الأخرى.

ولفتت إلى أنه في حالة استحالة تفادي التهجير ينبغي على الحكومات أن تقدم التعويضات العادلة، بطريقة شفافة، وقبل عملية الإخلاء، كما ينبغي أن يُخطر السكان قبل الإخلاء بفترات معقولة (أسابيع على الأقل) وأن تساعدهم الحكومة في إيجاد سكن بديل ملائم.

كما ينص القانون الدولي على أن الأرض لا يمكن تعويضها بالمال فقط وإنما بأرض بديلة بنفس الخصائص تحافظ على حياة السكان وعاداتهم وتقاليدهم إلى أقصى درجة ممكنة.

وكشفت “سيناء لحقوق الإنسان” أنه في عمليات التهجير القسري السابقة التي قام بها الجيش في شمال سيناء، لم تراع القوات المسلحة أيا من تلك المعايير على الإطلاق. ويتخوف سكان منطقة الميناء من أن ينطبق ذلك على وضعهم.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *