*الإعلام الآن يعبر عن السلطة وشباب الصحفيين مظلومون والموهوبون يهمشون
*صحافة الخمسينات والستينات كانت تكشف المسكوت عنه دون مواربة
*رئيس التحرير يجب أن يختاره القاريء لا السلطة و الفرص لأصحاب الولاء
*الاتفاق الإماراتي الصهيوني دليل على أن الأنظمة العربية باعت فلسطين
* نحن في منحدر وما يحدث في العالم العربي يرجع إلى نكبة مصر بالصلح مع الكيان الصهيوني
أجرى موقع “رأي اليوم” حوارا مع الكاتب الكبير فهمي هويدي في يوم مولده، تحدث فيه الكاتب عن الاتفاق الإماراتي- الإسرائيلي، والحال الذي كانت عليه مهنة الصحافة في مصر ثم المآل الذي وصلت إليه بعد تغييرات سياسية واجتماعية شهدتها البلاد، وكذلك أوضاع الصحفيين الشباب وأزماتهم مع قيادات أدمنت خدمة السلطة على حساب الشعب، وغيرها من الملفات المهمة التي تحدث فيها الصحفي الكبير بعد غياب طويل.
وكعادته، طرح الأستاذ فهمي هويدي، من خلال الحوار، رؤية قد تعكر صفو السلطة في مصر، إذ أنه يقول عن الصحافة في فترة رئيس مصر الراحل جمال عبدالناصر أنها كانت ” كانت تنتقد أوضاع المجتمع السلبية، وتكشف المسكوت عنه دون مواربة”، وذلك خلال عامي 1959 و1960 تحديدا، على عكس ما قاله الرئيس المصري الحالي عن هذه الفترة ” الزعيم الراحل جمال عبدالناصر كان محظوظ، لأنه كان بيتكلم والإعلام كان معاه”!
ولأهمية الحوار وصاحبه المحروم من الكتابة في مصر، وكذلك أهمية الملفات التي يتحدث عنها الكاتب الكبير نعيد نشر الحوار، الذي أجراه الزميل محمود القيعي، كما نشره “رأي اليوم”.
لسنا بحاجة إلى مناسبة لمحاورة الكاتب الكبير الأستاذ فهمي هويدي، فالرجل قامة مهنية، وقيمة إنسانية.
ومع ذلك فالمناسبة موجودة، فبعد يومين يحل يوم مولده في التاسع والعشرين من أغسطس، وهي مناسبة عزيزة لمحاورته والاستماع إليه!
محاورة الأستاذ هويدي هي استماع لخبرة أكثر من ستين عاما قضاها في عالم “الصحافة”، معلما ومتعلما على أيدي قامات صحفية كبيرة، على رأسهم الأستاذ محمد حسنين هيكل الذي علمهم الصحافة كما ينبغي أن تكون!
اسم فهمي هويدي ظل دائما مؤرقا لأنظمة، ومقلقا لرؤساء ظلوا يهابون شواظ قلمه، فولوا منه مدبرين.
التزم طيلة حياته الصحفية المديدة بالعقلانية والوسطية، اختلف البعض معه أحيانا، وهل تستقيم الدنيا دون اختلاف؟
كان مقاله يُنشر في القاهرة وفي عدة عواصم عربية في وقت واحد، فأثار حيوية في الصحافة العربية بجرأته، ومن ينسى مقالاته التي كانت ملء السمع:
” حقوق الناس وحقوق الدولة “، ” حين فقدنا البوصلة “، ” حلال الإرهاب وحرامه “، ” فيلم هروب العادلي “، ” الربيع المفترى عليه “، ” أيجوز التعاطف مع غزة “، وهو – ويا للمفارقة – آخر مقالاته قبل توقفه!
قال عنه المفكر الكبير د. جلال أمين قبل أيام من رحيله:
” أفتقد فهمي هويدي بشدة، وهو أيا كان الموضوع الذي يتناوله، فغالبا يصيب فيه كبد الحقيقة “.
لن يضر هويدي حصار قوم أو مكر آخرين، فالرجل
اعتاد خوض المنايا، ومن اعتاد خوض المنايا – كما يقول أبو الطيب – فأهون ما يمر به الوحولُ!
*كيف قادتك النشأة الأولى إلى عالم الصحافة؟
النشأة الأولى لم تكن لها علاقة بالتحاقي بالصحافة.
وأذكر أن والدي – رحمه الله- كتب تقريرا من صفحة أو أكثر تحدث فيه عن ملابسات ميلاد كل من أبنائه التسعة في إحدى الكراسات، وكان ذلك في ثلاثينيات القرن الماضي،
أسرتي كانت تؤمّل في أن أكون طبيبا مثل أحد الأقارب الذي كان يسمى فهمي أيضا، ولكنني خيبت آمالهم.
في الثانوية العامة جاء توزيعي على كلية الطب البيطري، ولكنني رفضتها، كان ذلك في عام 53 أو 54، وكان متاحا لي الالتحاق بقسم الصحافة بكلية الآداب جامعة القاهرة، وكان قسما جديدا آنذاك، وشاءت المقادير أن ألتحق بكلية الحقوق جامعة القاهرة.
وبعد تخرجي وبالمصادفة التحقت بالأهرام عام 1958 بعد إنشاء قسم جديد بالأهرام، هو قسم الأبحاث، وعند دخولي الأهرام أول مرة رأيت صحفيين يلبسون الطرابيش.
*كيف ترى الصحافة الآن مقارنة بما كانت عليه عام 1958؟
الفرق بين الصحافة واللاصحافة.
الإعلام الآن للأسف- بمختلف منابره – معبر عن السلطة وليس معبرا عن الناس، وإذا تخلت الصحافة عن وظيفتها في التعبير عن الناس، وكانت معبرة عن السلطة حدث انقلاب في دورها.
أذكر بعض أسماء تلك المرحلة التي كان الأستاذ هيكل هو رئيس التحرير، مثل محمود الكوالي وفوزي الشتوي وفتحي نوار وسعيد فريد.
كان يوجد مدير تحرير متخصص في علوم اللغة العربية، وهو الأستاذ نجيب كنعان.
في الخمسينيات كان يوجد رقيب وكان موظفا من وزارة الإعلام، وكان هادئا، وكنا نتجادل معه- بعد أن أقمنا علاقة معه – في المواد التي يجب نشرها كما هي والمواد التي يجب أن يتم التدخل فيها.
*وكيف كان الفرق بين الصحافة قبل عام 1952 وبعدها؟
صحافة ما قبل 1952كانت شبه ليبرالية، وفي الدول غير الديمقراطية غالبا تكون مشكلات الصحافة في السياسة أو انعكاسا لها.
وأستطيع أن ألخص أحوال الصحافة في أنها كانت قبل 52 شبه ليبرالية، وبعد 52 كانت توجد بقايا ديمقراطية، ثم مرحلة اللاديمقراطية.
*متى بدأ عملك الميداني في الصحافة، وما هي أعمال البدايات ؟
في عام 1959 أو 1960 كتبت تحقيقا عن مترو حلوان الجديد، وكنت أسكن في حلوان آنذاك.
وانتقد التحقيق المترو وأكد أن القطار ليس لمجتمع مصري، حيث كان محكم الإغلاق لأنه مستورد من دول تعاني الصقيع.
بعدها كتبت تحقيقا حيا عن “الأموال” التي يتم إحراقها في وزارة المالية، صورت فيه مشهد الإحراق، وتم نشره باسم الأستاذ أحمد بهجت.
وشاركت في حملة اقترحها الأستاذ هيكل عن العلاج والدواء في مصر مع أمينة شفيق وسامي رياض على ما أذكر.
الشاهد أن الصحافة آنذاك كانت تنتقد أوضاع المجتمع السلبية، وتكشف المسكوت عنه دون مواربة.
*قلت في حديث قديم إن مصر مملوءة بالمواهب.. هل الموهبة وحدها كافية لتحقيق النجاح في هذا البلد ؟
في أي بلد الموهبة وحدها ليست كافية، ولكنها مهمة جدا.
في مصر عدد هائل من الصحفيين الأكفاء، والجيل الجديد مظلوم ظلما بينا، والصحفيون الموهوبون المستقلون إما أن يهمشوا وإما أن يهجروا المهنة، ومنهم من يهاجر خارج البلد، أو داخل البلد أو خارج المهنة.
ولا تتاح الفرص إلا لأصحاب الولاء، فباتت الأوضاع في حالة يرثى لها.
ورئيس التحرير يجب أن يختاره القارئ، لا أن تختاره السلطة.
*وكيف ترى ابنتك أميرة وهي تعمل في الصحافة ؟
هي من الجيل المأزوم الذي يستحق العطف والرثاء والمساندة.
*نموذج محفوظ عجب هل رأيته كثيرا في بلاط صاحبة الجلالة ؟
بعد رحيل هيكل عن الأهرام، جاء رؤساء تحرير غلابة، قال أحدهم لي ذات مرة ” أنا بشتغل عند الرجل ده ” وأشار الى صورة مبارك!
على الجانب الآخر أذكر أن الأستاذ إحسان عبد القدوس طلب مني أن أكتب عمودا يوميا، بعد أن علم أنني مشاكس ومستقل، فسلمت له مقالات الأسبوع كله، وكان رئيس التحرير آنذاك على حمدي الجمال وكان يخاف من كتاباتي جدا، وكان مسافرا، ولما عاد رفض أن أكتب عمودا يوميا، فقال لي إحسان عبد القدوس مقولة لم أنسها:
لم أستطع أن أحميك!
الشاهد أن في الصحافة كبارا، وصغارا.
*اقتربت من الأستاذ هيكل رغم الخلاف الفكري.. أنى لك هذا ؟
الخلاف كان موجودا مع الأستاذ هيكل، ولكن أن تختلف مع عاقل فهذا شيء لا يقلق، فأنت عندما تختلف مع عاقل تعرف حدودك، وتعرف متى تتكلم وعماذا تتكلم.
الأمر نفسه عندما نتحدث عن الأستاذ أحمد بهاء الدين، فالاثنان وطنيان مهنيان وحكيمان، الطامة الكبرى في التعامل مع الحمقى وأنصاف المواهب والمتطرفين !
هيكل كانت له أخلاق شخصية ومهنية وقيمة حرفية، وكان كبيرا في مهنيته وكبيرا في أخلاقه.
كان من أوائل كتبه ” إيران فوق بركان “، وهو كان عارفا بإيران السياسة، أما إيران المذهب والمرجعية فكانت بعيدة عنه.
وأذكر أنني كنت أول صحفي مصري يسافرإلى إيران بعد الثورة عام 79، وكنت على متن أول طائرة مدنية تهبط الى إيران.
الأستاذ هيكل كان يستدعيني بعد عودتي من إيران ويستمع إلي ويدون الملاحظات، ولم يسألني مرة ماذا فعلت في إيران ؟
في المقابل الطلب الوحيد الذي طلبه مني إبراهيم نافع أن أكتب مقالا أهاجم فيه إيران، وأخبرني بأن لديه معلومات، فرفضت بشدة، وقلت له أنا أعبر عن نفسي.
*ماذا عن هيكل الآخر الذي لا يعرفه الناس؟
الموضوع كبير وحساس:
هناك أناس يعتبرون أنفسهم أبناء شرعيين لهيكل لايرون فيه عيبا.
ولكني أقول عنه وعن بهاء: إنهم بشر لهم نقاط قوة ونقاط ضعف لهم ما لهم وعليهم ما عليهم.
وهيكل كان عنده كبرياء صحفي ليس له نظير، وحدث أن منع محافظ القاهرة ورئيس البرلمان محرر الأهرام من الدخول، فما كان من هيكل أن قرر منع نشر اسم المحافظ ورئيس البرلمان من النشر في الأهرام.
هيكل كان يعاقب رؤساء وزارات، وكان يرى في الأهرام قيمة كبرى.
وهيكل لم يكن لصيقا بعبد الناصر نفاقا وإنما كان مقتنعا به، في الوقت الذي لم يقتنع بالسادات فأدبر عنه.
أحمد بهاء الدين كان واخد مسافة من عبد الناصر ولم يحاول الاقتراب منه، والسادات هو الذي قربه إليه واصطفاه.
*هيكل وبهاء مدرستان بارزتان في الصحافة المصرية.. كيف وجدت الفرق بينهما ؟
كلاهما على درجة عالية من النبل الإنساني، ومهنيا لهم ما لهم وعليهم ما عليهم.
وقد تطرقت مذكراتي – التي لم تنشر ولا أتوقع لها النشر في المدى المنظور أو غير المنظور- الى المقارنة بين هيكل وبهاء.
هيكل له إنجازاته العظيمة، وعليه مآخذ يجب الحديث عنها باحترام.
هيكل حافظ على المسافات، وكان لا يُنادى إلا بالأستاذ، أما الأستاذ بهاء فكان متواضعا ومحبا لتشجيع الآخرين لاسيما الشباب، وكان ينادى بكل بساطة: بهاء!
وعندما تجلس معه تشعر أنه قارئ لك ويعرف عنك ويشعرك بالونس.
*وماذا عن عيب هيكل الأكبر.. هل كان متسلطا ؟
لم يكن متسلطا، لكنه كان قويا الى الدرجة التي حجبت غيره.
ديجول عندما كان جنرالا لكم يكن أحد في فرنسا والعالم يعرف اسما غيره.
هيكل كان من القوة بحيث لم يُتح للأجيال الجديدة أن تعبر عن نفسها إلا بعد رحيله عن الأهرام.
بهاء كان لديه ثقة كبيرة بالشباب، وهيكل كانت لديه ثقة كبيرة بنفسه!
*بعد تركك الأهرام.. ألم يحاول هيكل أن يعيدك؟
كان- رحمه الله- يحسن الظن بي دائما، ويدافع عني في بعض المجالات خصوصا عندما يتعلق الأمر بالسلطة.
للأسف الناس ماشية الآن بأختام، هذا ماركسي، هذا ليبرالي، هذا إسلامي.
ذات مرة انتقدت طالبان، فما كان من عبد الستار الطويلة إلا أن كتب مقالا قال فيه إنني من الجماعات الإسلامية.
وعندما سافرت الى قطر لحضور أحد المؤتمرات قال مصطفى بكري إنني سافرت الى قطر للالتقاء بالتنظيم الدولي للإخوان، وهذا كان وهما وافتراء، وأشبه ببلاغ.
دور الصحافة أن تسعى للحقيقة وليس التعبئة و تقديم البلاغات الكاذبة للجهات الأمنية.
المسألة الأساسية التي يجب أن يسعى اليها كل صحفي أو إعلامي أن يرضي ضميره لا أن يرضي السلطة.
*كتبت مئات المقالات التي سببت لك معارك، لو استدبرت من حياتك ما استقبلت أكنت متخذا ذات المواقف؟
الأفكار قابلة للتطوير والإنضاج، وأنا لم أغير شيئا من أفكاري، وأسعى دائما لمحاولة إنضاج الأفكار والنظر الى التجارب بشكل أعمق.
والزمن خير معلم، والشيخوخة تميزها الحكمة.
*أثار العديد من مقالاتك الجدل، مثل مقال ” مجلس الصحابة الذي يحكم السودان “، ومبادرتك التي دعوت فيها الإخوان لتجرع السم، ألم تندم على مقال كتبته من قبل ؟
لم أعدل عن شيء، وأي مقال يجب أن يحاكم بمعايير زمنه.
دافعتُ عن إيران وحزب الله كثيرا، ولكن اليوم لي تحفظات عليهما.
المقال يجب أن يحاسب بمعايير زمانه، وليس هناك مقال يحاسب بأثر رجعي.
أحترم إيران وحزب الله، لكن هذا الاحترام لا يحول دون نقدهما، والخطأ يجب أن يُصوب بكل احترام وموضوعية.
*أي تحفظات لديك على إيران وحزب الله ؟
التدخل في سورية ودعم الأسد، وقد سبق أن قلت لهم نصا في لقاء بمقر الخارجية الإيرانية في طهران منذ عدة سنوات:
” أسقطتم الشاه في إيران وذهبتم إلى سورية لتدعموا شاها آخر ونظاما وحشيا وهذه مفارقة ” !.
*حرصك على التحدث بالفصحى ينم عن عشق لهذه اللغة، لمن تدين له بفصاحة لسانك ؟
مرده الى الأسرة، والى قراءة القرآن التي تضبط اللسان.
وكان في الأهرام مدير تحرير لشؤون اللغة يقرّع من يقع في الخطأ.
وإلى الآن إذا سمعت أو رأيت خطأ لغويا أشعر كأن أحدا قرصني.
وأذكر أنه بعد رحيلي عن الأهرام، وجدت خطأ في ” مانشيت الأهرام “، فلم أستطع الصمت، وهاتفت إبراهيم نافع، فما كان منه إلا أن ضحك!
إلى الآن أحافظ – بحمد الله – على وردي اليومي من القرآن.
وأحترم كثيرا يحيى حقي الذي استخدم العامية الراقية التي تعود في أصولها الى الفصحى.
وأعجب من الصحف التي تستبدل العامية بالفصحى.
ولا أنسى أبدا مقولة أحد أمراء الأندلس:
اعوجاج اللسان علامة على اعوجاج الحال !
من لا يحترم لغته لا يحترم نفسه، واللغة جزء من كرامتك وجزء من شخصيتك.
وللأسف هناك أجيال لا تحترم لغتنا العربية، وأستحيي أن أذكر اسم رئيس البرلمان أو القاضي الذي نطق بأحد الأحكام فجاءت جميع سطوره خاطئة لغويا.
مظاهر الحضيض اللغوي ليس لها حدود، ولها علاقة بالتدهور السياسي.
*كيف ترى الفرق بين رؤساء مصر في طريقة تعاملهم مع اللغة، هل من دلالة لتحدث عبد الناصر الى الشعب بعامية صرفة ؟
منذ الخمسينيات حكم مصر الضباط ولم يحكمها السياسيون.
عبد الناصر ليس سعد زغلول الذي كان شيخا أزهريا.
والعسكريون ليس لهم علاقة باللغة العربية ويتراوح استخدامهم للغة بين العامية العادية والعامية المبتذلة.
*ألا تستثني السادات ؟
السادات تعلم في القرية وحفظ القرآن، من هنا كانت لغته جيدة.
*فلسفتك في التعامل مع الحياة ومع الإساءة ؟
معظم الإساءات التي توجه إلي لا تستحق الرد، وتصدر عن هوى.
هناك نقد محترم أقبله وأستطيع الرد عليه، وكل إنسان له اختياراته فيما ينبغى أن يوضحه أو لا يوضحه.
وأقتدي دائما بالقول القرآني الرفيع عن عباد الرحمن:
” وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما “.
المناقشات والجدل بالتي هي أحسن أمور مهمة في عالم الصحافة.
*حكمة تؤمن بها ؟
إن لم تستطع أن تجهر بالحق، فلا تكن عونا للباطل.
*آخر مقال لك عن غزة ” أيجوز التعاطف مع غزة ؟ “.. هل من دلالة ؟ ولو أتيح لك نشر مقال الآن، ماذا عساه أن يكون ؟
ما يحدث إهانة لكل عربي ذي ضمير، ولو أتيح لي نشر هذا المقال لكان عنوانه:
” شرعنة الدعارة السياسية في العالم العربي “.
*ما تعليقك على الاتفاق الإمارتي – الصهيوني الذي تم الإعلان عنه أخيرا؟
هذا الاتفاق يجيب عن سؤال:
من باع فلسطين ؟
والإجابة ليست كما كان يردد دائما: الفسطينيون باعوا أرضهم، وإنما من باع فلسطين بعض الأنظمة العربية.
الأمر الثاني أن هذا الاتفاق أخرج لنا علنا ما كان سرا، وأعطى تسويغا وشرعنة للدعارة السياسية.
فلسطين هي شرف الأمة وعرضها، والذي فرط في عرض هذه الأمة هو من أسهم في هذه الدعارة السياسية، وهناك سوابق لهذا الأمر.
لا أعرف كيف لطرف عربي لا علاقة له بالقضية ولا حدود له مع العدو ولا حروب ولا تاريخ أن يعقد مثل هذا الاتفاق.
إنها ورقة التوت التي يسترون بها عوراتهم، ولا تنطلي هذه الكذبة الفاضحة على أي عاقل.
*هل تتوقع أن تسارع أنظمة أخرى الى التقارب مع العدو الصهيوني ؟
ولمَ لا ؟ نحن في منحدر.
*أخيرا أستاذ فهمي.. ما الشيء الذي يلح على فكرك هذه الأيام: تأملات في الحاضر أم حنين الى الماضي ؟
مشغول بالوحل الذي باتت الأمةُ فيه، وبالحفر تحت القاع، للأسف لا أرى في المستقبل ما يبشر.
طبعا كل شيء في غيب الله، ولكني أرى في الأفق قتامة مخيفة.
حادثة من فلسطين تعطيني أحيانا أملا ورجاء في هذه الأمة.
الذي يحدث في العالم العربي الآن يرجع الى نكبة مصر بالصلح مع إسرائيل، والقضية الكبرى الآن هي استعادة مصر، ولا ننس قول حافظ إبراهيم عن مصر:
أنا إن قدر الإله مماتي
لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي
الشرق الآن عاجز عن أن يرفع رأسه !
الحوار أجراه “رأي اليوم”